لم يتوقع يوما حتى في الحلم، أن يترك هذا المكان، الحجر والرمل والأغنام، حتى إنه تلك الليلة لم ينام يفكر وينتظر الصباح الباكر بكل شوق و لهفه..
بعد انتهاء إجازة أخيه الأكبر، استعدوا للمغادرة والسفر، وكان في حيرة وتوتر وارتباك قليل، كيف سوف تكون حياته الجديد بعيدة الأب والأم والأغنام. ودّعه أبيه وأمه وقام الأب بأخذه بعيدا عنهم حيث قدم له النصيحة، ووضع في جيبه عشرة دينار، وغادروا المكان..
وصلوا إلى تلك المدينة، وانبهر بالسيارات والحركة، إلى جانب المحال التجارية وكل شي فيها. بعد وصلوهم اتجهوا إلى بيت احد أقاربهم، بيت في حي الشعبيات، واندهش أكثر لأنه ولأول مرة في حياته يدخل بيت عصري، مشيد بشكل معماري دخلوا إلى المربوعة وجلسوا..
لأول مرة يشاهد التلفاز في حياته، وتذكر تلك الحياة البسيطة والصمت والسكون، وكذلك الطبيعة الخلابة في جبل أكاكوس، وأخلد للنوم لأن تعب الرحلة غلبه، ولم يستطيع المقاومة.. ثاني يوم في المدينة نهض باكرًا كعادته، ولكن لم يتجه إلى مربط الأغنام من أجل الرعي، لحظه وجاء صاحب البيت بالفطور، لكن هذه المرة وجبة الإفطار تختلف عن تلك التي كان يتناولها في الصحراء..
صفرة بها البيض والتن، إلى جانب الجبنة وخبز المخبز والحليب المعلب والشاي الأحمر والأخضر، سرعان ما أكملوا لك الوجبة وأخد الأخ الأكبر أخيه إلى محل الحلاقة، ثم محل التصوير، لاستكمال ملف المستندات لدخوله إلى الجيش..
لم يكن يعلم أن المدينة هكذا، سيارات وعمران إلى جانب المدراس، طلبة يحملون كتب، وسوق للخضار، ودكاكين لبيع الملابس، والمواد الغذائية، إنها نقله في حياته.. استكمل أخيه الإجراءات القانونية، ووضعها في ملف مع صور أخيه، الذي لم يشاهد نفسه في صورة من قبل، ورجعوا إلى البيت، و كان قريبهم في انتظارهم بوجبة الغداء…
في الليل قال الأخ الأكبر لأخيه: أكملنا كل شي، وغدًا صباحًا نذهب إلى المعسكر! وتخيل كيف سوف يكون المعسكر، والبدلة العسكرية وحياة الجيش الجديدة..
الصباح سرعان ما لاح، واتجهوا إلى المعسكر، وقال له أخيه: ابق أنت في السيارة أمام المعسكر، ولا تتحرك دخل أخيه من أجل استكمال الإجراءات.
وتم قبول الملف، وما هي إلا ساعة حتى تمت الموافقة على قبوله جنديًا بالقوات المسلحة.. أثناء جلوسه في السيارة أمام المعسكر، شاهد العسكر بملابسهم العسكرية، ولم يفهم تلك العلامات التي على أكثرهم من رتب، إلى جانب اندهاشه بأنواع السيارات المختلفة، وأثناء تلك اللحظة وصل إليه أخيه وقال له: هيا انزل من السيارة واحمل معك دبشك!..
بسرعة ترجل من السيارة، وحمل معه امتعته البسيطة ودخلوا إلى المعسكر واتجهوا إلى أحد المكاتب، وتم تسليمة البدلة العسكرية وكل ما يلزمه، وأخذوه إلى قاطع النوم من أجل معرفه مكان سريره، ومكانه وقال له أخيه إن دوري انتهى الآن وعليك الاعتماد على نفسك..
سرعان ما أصبح المكان ملئ بالجند، ورحب به الجميع وسئلوا عن حال والده والصحراء، وسرعان ما فهم منهم كل شي، واتجهوا إلى الميز؛ ويعني مطعم الجند، واصطف معهم في الطابور من أجل الحصول على وجبة الأكل، التي تكون في صحن معدد الأصناف….
في صباح اليوم التالي، صاح أحد الجند على المستجدين الجدد بالتوجه إلى ساحة التدريب، وتم توجيه إلى المكان، وبدء في حياة جديدة بعيدة عن الأغنام والصحراء، و حكايات الرعاة..
يتبع …..