المقالة

مقالات قصيرة قاصرة

من أعمال التشكيلية المغربية سميرة دباح
من أعمال التشكيلية المغربية سميرة دباح

تجاهل

يستطيع بعض الناس بدعوى التبخيس تجاهل معاناة الآخرين بل والإعتقاد بأنها عقابٌ من الآلهة لذنب اقترفوه أو لسلوك غريب سلكوه على أنّه قد يصدر عبثاً بالخروج على الأعراف أو الدين، أو قد يعتبروها اختباراً لا اِرادياً للإنسان في الحياة الدنيا وما تأتي به شوائب الأقدار الجارية بين الناس، ومن الناس اضافة لبعض الناس لهم القدرة، دون نسيان، في الخوض عمداً على تجاهل غياب العدل وغياب الإستقرار وغياب الحكمة وتفشي التخلف والدمار والتحارب والنهب المالي في المجتمع على أنّها ليست من مسؤولياتها ولا تعنيها في شيْ بل وعن يقين وبلا حدود على أنّهم يقينياً أبرياء منها ولم يساهموا في وجودها وفي عثراتها، فهي مسؤولية تقع على الآخرين المارقين وحسب وبالذات كلما ازدادت ثقافة المجتمع غموضاً وازداد تخاصم الساسة على السلطة وتقلّص الإنصاف والتثبت بين الناس.


من هذا الوجه أوذاك

من الخطوات الأولى ومن هذا الوجه أو ذاك والتي يحتاج الفرد الليبي أن يتخذها في مجتمعه بمعزل عن اِلتماس الخصومة مع الناس هو أنْ يحاول قدر المستطاع وبصدق أن يرى الناس كإنسانيين وبشراً يتعرضون لشتى المشاكل والمصاعب التي تنمو وتتشعب بل ويعانون مما لا طاقة لهم به ومن التعامل معه مادياً ومعنوياً تحت وطأة الأيام والأحداث، فإذا شاء لك الحظ السعيد أو كنت من أصحاب الشطارة والأذكياء المهرة وتجد نفسك تقطن قصراً ذكياً تمتلك فيه أحدث أنواع السيارات والتكنولوجيات الجديدة وتجلياتها وأفخر وأجدد التليفونات الذكية بتعدد تطبيقاتها الفريدة، وسائر وسائل الراحة والترفيه وقد أثّثته بالأثاث الإيطالي الفاخر وزينته بكل الوان المرايا والصور مطرزة الإطارات بالذهب، وخبأت فيه جمعاً من خزائن الذهب والفضة التي أنعم الدهر عليك بها، فليس لك أو لأحد من أولادك المدلعين أو بناتك المدلعات الحق أن تدهس وتدوس بأحدى سيارتك الفارهة زاهية الألوان صاخبة الأغاني الهابطة، غالية الثمن فرداً ليبياً آخراً مُعدماً ممن لم يرزقه الحظ بما رزقك وتنجو من العقاب العادل وضميرك مطمور في منتهى النوم العميق وعقلك أصبح بغتة أسير البواطن.


لا تستغرب

لا تستغرب أنْ ترى في المدن الليبية وما يحيط بها قُرباً وبُعداً بشراً ممن يسكن قصراً فاخراً مُجهزاً بأحدث الأجهزة والمعدات الحديثة المُمانعة لـ ” هروب الضي” أو لشح المياه أو لإنقطاع النت وقد جمعوا لأنفسهم في فترة قصيرة أسباب القوة والمناعة، وفي المقابل ترى وعلى بعد عدة أمتارٍ بيوتاً عتيقة متآكلة تخنقها الرطوبة وبعضها من الصفيح الردئ وقلّ ما يصل إليها الماء أو الكهرباء، والتي تهرب بمزاج القدر والحظ والساسة الليبيين، تهرب في خفةٍ بالساعات الطوال ليلاً ونهاراً، وذلك في بلدٍ يحبو نحو منتصف القرن الواحد والعشرين ويجلس فوق كنز من أكبر كنوز العالم ويتعرض من دون تردّد للسرقة والنهب المالي لمدخول تصدير النفط كل يوم وفي ” عزّ الظهر”، فلا تستغرب إنْ تلاشى الإدراك العقلي والأخلاقي وعمّ التفاوت الإقتصادي والإجتماعي وانتشرت الفاقة وحالات العوز المزمنة وحالات التحارب والعنف، فلا تستغرب فإنّ كثير من الناس في المجتمع الليبي لم تعد تتبع المستحسن المجدي لهم ولغيرهم ولم تعد تهرب من المستهجن المشين ولا تحفل إن كان ما تفعله فيه من الصواب شيء ولا يضرّ بالآخرين، وإنْ شاءت الصدف وعجائب الدنيا واتخذت خطوة صحيحة وحيدة لتحقيق نصر الحياة والنجاة، فهي من دون شك ستكون في خدمة الذات وليس الصالح العام.

مقالات ذات علاقة

إنه زمنُ الصورة

أمين مازن

الغرب: بين واقع روزلين وموقع هادية

أحمد معيوف

دعونا نحب ليبيا

مفتاح العماري

اترك تعليق