قصة

لا زمن فيما وراء الشمس

من أعمال التشكيلي "اسكندر السوكني"
من أعمال التشكيلي “اسكندر السوكني”

كانت عيناه متعلقتين بذلك القرص الذي يتوسط كبد السماء ويمعن النظر في رؤيته أنه قرص يشع الحياة الوجودية فيما حولنا ولا ينحجب صورته عن ناظرينا كلما رفعنا رؤوسنا نحوه.. وذلك الوجود الدائم حولنا أتخذه الأقدمون إلهة كما تخبرنا الأساطير الفرعونية كان (رع) إلهة لهم فهو الحقيقة الوجودية التي لم تغيب عن حياتهم الوجودية في سيرة حياتهم الوجودية الدنيوية.. كان الاعتقاد في الوجود الأزلي من حولهم أنه يدفع لهم بالضوء والدفء.. فمن خلاله يتلمسون الوجود من حولهم.. كانت ديمومة هذا القرص تدفع بهم انه لا حقيقة فيما وراءه ولا وجود أيضا خلفه.. تنتهي أجيال وراء أجيال ويظل على الحضور الدائم له.. قد جال في ذاتي أنه لا وجود يضاهى المعرفة لدينا مثل ذلك القرص المشع.. الذي يلف وجودنا دائما.. ففي حضرتها أننا وسط هذا الوجود الحاضر بيننا.. وكل الأفئدة ترنو اليه.. على أننا نبصر الوجود فيما حولنا. وهو يدفعنا الى تبصر الحقيقة من حولنا.. أننا في وجود ملاء.. فالشمس هي مصدر الحضور من أمامنا ولا نتصور شيئا اخر.. فالشمس هي صانعة الزمن من حولنا والزمن الا نتاج تحرك هذا القرص من الشرق الى الغرب.. فلا زمن خارج ذواتنا.. فاليوم شروق وغدا الغروب.. أن الزمن من حولنا مقيد بهذه الحركة.. ولا شيء وراء ذلك.. أننا نتحسس من حولنا وفق ما يعرض علينا من موجودات من جماد وحركة.. أننا نبصر الوجود والغياب من حولنا.. بتلمسنا الواقع الملموس من حولنا.. اننا نتلمس الموت في العدم الوجودي بيننا.. ونتلمس فعل الخير والشر من خلال اندفاعنا الوجودي الذاتي وليس هناك فعل خير وفعل شرير الا ما يقابلنا من لذة وانكسار.. او توجه.. فالمشكل الأخلاقي نابع من ذواتنا. فاندفاعنا نحو فعل الخير او الشر نابع من ذاتنا الوجودية فلا شيء خارج الذات.. فاندفاع (قابيل) بقتل أخيه (هابيل) لا وصية من أحد.. أن الشر والخير كامن في ذواتنا ولا حياد عن غير ذلك.. فالشيطان والملائكة قائمان في ذواتنا.. ولا رديف للأسنان غير ذاته.. ليس هناك شيء خارج عن ذواتنا فهي أقصى حد للمعرفة.. فالخير والشر صناعة ذاتية أي نابعة عن ذواتنا.. وليس توجيه من أحد وتقول الأسفار الدينية: ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها.. فالشيطان أمكان وكذلك الملائكة أمكان.. وقد يكون الشر سابق للخير.. فجريمة (قابيل) كانت نزوع ذاتي.. فالذات هي مركز معرفتنا.. ليس هناك قوة خارجة عن ذواتنا الا قدرنا.. هذا القدر تسيطر علينا ولا يمكن الفكاك عنه.. تمام مثل (عفريت) السندباد الذي علا على ظهره دون القدرة على الفكاك عنه.. وأن صخرة (سيزيف) هي قدر وجوده.. أن هناك أرادة أجبرنا على الوجود دون تدخل منا.. تلك القوة القاهرة لا نستطيع تلمسها أو معرفتها مهما أتينا من معرفة دنيوية لأننا لم نستطع صنع حياتنا أو تشكيل وجودنا.. وجودنا شكل فيما وراء معرفتنا.. فمعرفتنا محدودة في أطار الزمان والمكان.. وما أتينا من العلم الا قليلا.. أن التفكير في اليوم الآخر مجرد انعكاس للحياة الوجودية من حولنا.. فتصورنا للجنة هو انعكاس لقساوة حياتنا الوجودية.. ولا يمكننا أن تصور للجنة الا من خلال أدراكنا للحياة الوجودية.. أن معطاة للجنة هو نفى للوجود من حولنا.. أ، كل من حولنا يجرى مملوء من الطلاسم الغير قادرين على حلها.. وسو نظل هكذا الى أبد الآبدين فلى أن نكون.. ولكن سوف نظل في الوهم أن هناك أمكان فيما وراء الشمس لا نستطيع ملامسته.. أن الحقيقة الماثلة بيننا هو ذلك القرص الذي يتكبد جوف السماء وأتخذه (الفراعنة) ألهه لهم (رع) وسطورها في كل أديباتهم الدينية.. وندرك جيد أن لا زمن فيما وراء الشمس..

مقالات ذات علاقة

عـبـور

عبدالرحمن جماعة

الطبيب الايطالي

محمد العريشية

رؤى

المشرف العام

اترك تعليق