د.حنـان الصغـير أبـو القـاسـم شـويـة
كلية اللغـــات- جـامعـة الزيتونة- ترهونة، ليبيا
قصصُ هــذه المجمُوعة تضعُك بين “شـواطئ الغُــربة”، تنغمسُ في الواقع، استشرافيَّةٌ في تنبُّؤها بمُستقبلٍ محتُومٍ يدفــعُ إليه الواقع المُعـــاش أو الآني دفعــاً.
اعتمـد القــاصُّ خالد السَّحــاتي عـلى الاسترجاعات الزَّمنيَّة لتكريس الواقع، وذلك منْ خلال قصَّـة: (خربشات صبيانيَّة) وقصَّـــة: (انتشـــاء).
* شخصيَّــاتُ القـصــص:
شخصيَّاتُ القصص التي أَخَـذَ كُـلٌّ مِنْهَا عُنْوَاناً، كَانَ أغْلبُهُمْ عبارةٌ عَن محطَّـاتٍ سريعةٍ في حياته، لم يكُن لهُم تأثيرٌ مُباشرٌ على الرَّاوي إلاَّ في بعض القصص التي شارك فيها الرَّاوي مُجريات الأحــداث، كشخصيَّة الأم على سبيل المثال.
* الأنسنة في “شــواطئ الغُـربة”:
“الأَنْسَنَةُ”: هُو اصطلاحٌ يَعْنِي باختصارٍ: “تحويل الجمادات إلى بَشَرٍ يُحِسُّونَ وَيَشْعُـرُونَ”. وتَعْنِي أَنْ يقُوم الأديبُ بنقل صفات البشر كالتَّفكير والكلام والحركة إلى الأشياء الأُخْرَى. وقد اعتمد الكـاتبُ –في هذه المجمُوعة-على الأنسنة في قصَّته:(زخَّـات).
* تقنيةُ “تسريع السَّـــرْدِ”:
يظهرُ “تسريعُ السَّرد” في الأدب منْ خلال تقنيتي: التَّلخيص والحذف.. فالتَّلْخِيصُ هُـو: تكثيفُ الحدث عبر اختصاره أو حذف كثيرٍ من التفاصيل، وبذلك يقُومُ الكاتبُ بتسريع الحدث، حيثُ يكُونُ زمنُ الكتابة أقصرُ بكثيرٍ من زمن القصَّة، هذا التَّلخيصُ غالباً ما يكون لأحداث ماضية، ورُبَّما يسترجعُ الكاتبُ أحداثاً ويُلخِّصُها من خلال السَّــــرد .
ومنْ خلال تقنية “تسريع السَّرد” اتكأ القاصُّ –في هذه المجمُوعة-على استعراض الأحــداث بوتيرةٍ مُتسارعةٍ، لا تُراعي التَّفاصيل والجُزئيَّات، بل تقُومُ على النَّظرة العَابِرَةِ، والعَرْضِ المُخْتَزَلِ، ويَغْلُبُ على قِصَصِهِ ارتباطُها بالزَّمَنِ المَـاضِي، كَمَا فِي قِصَّةِ: (هجـــرة)، وقصَّة:(أطــلال).
وبعضُ القصص لامجال بها لأنْ تعتمد على “الحــوار”، ولكنَّها تعتمــدُ على الجُملة في حدِّ ذاتها، ســـواءٌ كانت فعليَّةً أو اسميَّةً كما في: (متاهـــات التَّشظِّي)،(وحبكة)..
* ختــامــــاً:
إذن نحــنُ أمــام مجمُوعةٍ قصصيَّةٍ تنغمس في الواقع المعاش، وترتكز على موضـوع “الغُــربة”، التي يعيشها الإنسان المُعاصر في متـاهــات التشـظي، وقد اعتمـد القــاصُّ –كما أسلفت-عـلى الاسترجـاعـات الزَّمنيَّة لتكريس الواقـع، وتوضيح بعـضٍ من ملامحه، منْ خلال “الأنسنة” وتقنية “تسـريـع السَّــرد”..