الطيوب | متابعة وتصوير: مهنَّد سليمان
احتضنت دار حسن الفقيه حسن للفنون، مساء يوم الثلاثاء 15 أبريل الجاري، جلسةً حوارية بعنوان “الصورة الفوتوغرافية وجماليات السرد الأدبي”، نظّمت برعاية جهاز إدارة المدينة القديمة طرابلس حيث شهدت حضور لفيف من الأدباء والكتّاب والصحفيين والمهتمين بالفنون البصرية والكتابة الإبداعية، وتولّى إدارة الحوار وتقديمه الشاعر والكاتب محمود سباق.
شارك في الجلسة الحوارية كل من الكاتبة الصحفية والشاعرة فتحية الجديدي، والشاعر والكاتب عبد الحكيم كشاد، حيث قدّما ورقتين بحثيتين لامستا تفاعل الصورة الفوتوغرافية مع النصوص الأدبية، وما تنطوي عليه من أبعاد جمالية وتعبيرية.
الصورة في السرد.. من الذاكرة إلى الإيماءة
افتتحت فتحية الجديدي مداخلتها بورقة حملت عنوان “الصور الفوتوغرافية وجماليات السرد الأدبي”. تناولت فيها دور الزمان والمكان كإطارين محوريين في صياغة السرد، مستعرضةً تجربتها الخاصة في “همس الأماكن” كمنهج بصري وسردي. مشيرة إلى أن الصورة تُعد أداة تعبيرية لا تكتفي بالتوثيق، بل تنقل الحالة وتعيد بناء اللحظة من خلال الرموز والمعالم، مثل شارع العوينة أو السفينة “عزيزة”.
كما تطرقت الجديدي إلى أهمية الوجوه والتعبيرات والإيماءات في الصورة، بوصفها مفاتيح تفتح أبواب التعمق في الحالة الشعورية والنفسية للشخصيات، مستشهدة بتفاصيل مثل الضحك والحزن والشرود والبهجة، كعناصر تُسهم في تغذية السرد وتحريكه. كما ألقت الضوء على فلسفة الإيماءة والألوان، وربطت ذلك بمدارس السرد الكلاسيكي، كاليونانية والرومانية، إلى جانب المدارس التشكيلية الحديثة، مثل الانطباعية، والتي تستلهم الصورة لتقديم تمثيلات رمزية ثقافية متعددة.
ولفتت أيضًا إلى أن الحركة داخل الصورة الفوتوغرافية تنطوي على إيقاع حركي – كحركة الخيول أو السيارات – تضيف بعدًا ديناميكيًا يثري النص الأدبي ويزيد من قدرته على التأثير والتفاعل.
الصورة… ما بين المرئي والمجازي
من جهته، قدّم عبد الحكيم كشاد ورقة بعنوان “الصورة الفوتوغرافية: علاقة تفاعلية بين المرئي والمجازي”، أكّد فيها على أن الصورة – سواء أكانت فوتوغرافية أم بلاغية – تُمثل وسيلة للتأثير الفني وتحفيز الخيال. فالصورة الفوتوغرافية، برأيه، ليست مجرد لحظة معلّقة في الزمن، بل وسيلة بصرية للتأويل تنبض بالحياة من خلال التكوين، والضوء، واللون، وزاوية الالتقاط.
مضيفا بأن الصورة البلاغية، فهي ناتج لغوي يقوم على المجاز، لا تُرى بالعين بل تُبنى بالذهن وتُدرك بالخيال، وتتعدد قراءاتها بحسب خلفية المتلقي. وشدّد كشاد على التقاطع البنيوي بين هذين النوعين من الصور، رغم اختلاف وسائط التعبير، إذ يتلاقى كلاهما في استهداف الوجدان وإحداث الأثر.
واستعرض كشاد أمثلة من الأدب الحديث، مثل نصوص الشاعر العراقي حسن بلاسم، التي تستعير لغة الصورة الفوتوغرافية وتنتج لقطات شعرية مكثفة، تُشبه تقنية الكولاج، حيث تنعكس الحياة من خلال مشاهد سريعة ومركّزة، كما لو أننا أمام عدسة كاميرا ترصد العالم بحدة ووضوح.







