كانت لنا حديقة
لا سُور لها
إلا الأذرعُ المتعانقة
الشمسُ ضحكتُها الدائمة
والماءُ
همسُ اليقينِ يجري
يروي زهورًا
بألوانِ الثقة
لكن
تسلّل ظلٌّ
رقيقٌ كخيطِ دخان
الأغصانُ تمدّدتْ
تبحثُ عن لمسةٍ غابتْ
الشوقُ
جمرةٌ تحت الرمادِ
توقظُ وحشةَ الليل
ونبتتْ أشواكٌ
حادةٌ
بين الورودِ الناعمة
الغيرةُ
لونٌ أخضرُ مريضٌ
يلطّخُ بياضَ الزهرة
وهمسٌ سامٌّ
يتسللُ مع الريح
هل أنتَ وحدكَ هناك؟
لمنْ تضحكُ الشمسُ الآن؟
ثمّ تصدّعتْ
أرضُ اليقينِ تحت أقدامِنا
الشكُّ
شبكةٌ عنكبوتيةٌ
تُنسجُ في زوايا الروح
هل كان الماءُ صافياً حقاً؟
أم مجردُ انعكاسٍ خادع؟
هل كان الظلُّ أماناً؟
أم ستراً لشيءٍ آخر؟
الثقةُ
زجاجةٌ رقيقةٌ
تشعّرتْ
سقطتْ
تهشّمتْ
وجاءتْ عاصفةُ الخيانةِ
لم تتركْ غصناً إلا وكسرتْهُ
لم تتركْ جذراً إلا واقتلعتْهُ
الجدارُ المنيعُ ركامٌ الآن
والنبعُ الصافي
بركةٌ آسنةٌ
بلونِ الدمعِ والوحل
كلُّ شيءٍ تناثرَ
تحتَ سماءٍ غاضبة
والآن
لا شيءَ هنا
سوى الصمتِ الباردِ
كشتاءٍ لا ينتهي
الفتورُ
ضبابٌ رماديٌّ كثيفٌ
يحجبُ الشمسَ
ويجمّدُ الأنفاس
الزهورُ جثثٌ ورقيةٌ
داستْها أقدامُ اللامبالاة
الحديقةُ مقبرةٌ
لما كانَ حياً
يوماً ما
لا شوقٌ يحرقُ
لا غيرةٌ تلدغُ
لا حتى شكٌّ يؤرّقُ
فقط
فراغٌ شاسعٌ
وريحٌ
تصفِرُ في الخراب
الثلاثاء، 8 نيسان، 2025