حاوره / مهنّد شريفة
الطموح والتشمير عن السواعد للسير على صراط المعرفة الشائك لتحقيق الذات لا يعرف عُمرًا ولا وزن له في الخواتيم، هذا ما يدأب على العمل عليه كاتب واعد مثل الشاب عبد الرحمن إمنيصير الذي رغم حداثة عمره ويافعة تجربته يحاول إثبات قلمه وشق طريق لنفسه في خضم يكتظ بالأقلام الكبيرة، متسلحًا بما تجود به قريحته ومفعمًا بأمل غدٍ يرنو إليه منصرفًا عن الانشغال بالمحن والعقبات، فإنما الكلمة والحرف بالنسبة له خلاص يُنقذه ويطل من خلاله على ذاتيته وعلى الآخر، ويرى بأن إنجاز الرواية بمثابة عالِم ثالث ينتج التزاوج بين عالميّ الخيال والواقع.
عبد الرحمن إمنيصير من مواليد عام 2004 كاتب يقرض الشعر المقفى والمنثور له إصداران في هذا الصدد هما (أرواح فارغة) و(كفاك ألمًا) ويستعد لإصدار باكورة أعماله الروائية المعنونة بـ(إقليم ابيكندينوش)، كما لديه دراية واهتمام بالخط العربي وهو من حفّاظ القرآن الكريم، شارك في عدة أمسيات وأصبوحات شعرية نظمتها منظمة آمالنا للإعلام وحصد مجموعة من الجوائز لعل من أبرزها تحصله على الترتيب الثاني في مسابقة المهرجان الأدبي لإبداع اليافعين في مجال الخاطرة وأيضًا تحصله على جائزة ليبيا للإبداع والتميز في مجال الكتابة الأدبية ومؤسس لمنصة دروب كتّاب الأدبية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، نُجري بمعيّته هذا الحوار لنقترب من حدود عالمه أكثر.
تترقب خلال الأيام المقبلة صدور عملك الروائي الأول (إقليم ابيكندينوش) حدّثنا عن أجواء هذه الرواية؟
من الأمور البديهية عند الإنسان أنه إذا ما رغب بالقيام بأي من الأعمال فيفضل التي يحبها أكثر فأكثر، وهذا تحديدًا ما حصل معي لطالما كانت إحدى أحلامي هي إنتاج رواية وخاصةً ميولي لها أكثر من باقي الأجناس الأدبية من نوع فانتازيا، “إقليم ابيكندينوش” إبيكندينوش كلمة إغريقية بمعنى خطر جدًّا وارتأيتُ هذا الاسم لأضفي عليها الغموض وهي المساحة الجغرافية التي تقتضي غالبية الأحداث فيها، حيث أن دخوله يعدُّ انتحارًا وفعلًا منافي للعقلِ.. أعتقد أنها ستكون لفتة جميلة في أدب الفانتازيا الليبي.
علاقتك بالحرف والكلمة تظهر لنا حميميتها وعنفوانها عبر نصوصك المختلفة، ما الذي يحققه لك فعل الكتابة؟
بالنسبة لي هي شرفة أطلّ منها لأطلب خلاصي، قد تكون لصناعة السعادة لنفسي أولًا فعندما ينعزل المبدع يحذف ما حوله ويُغرق نفسه في عالم يوجده وخصوصًا في هذا الزمن الموجع.
هل لجوؤك للكتابة ساعدك على ترجمة هواجسك ولواعج ذاتيتك؟
نعم ساعدني كثيرًا فهي متنفس ينسي المرء الهموم!
عرفناك في مشاركاتك وإصدارك الأول ناظمًا للشعر المقفى والمنثور كيف اكتشفت قلمك في الرواية؟
حقيقةً لدي صديق دائمًا ما أرسل له ما أكتب من قصص، ذات مرة أخبرني أن علي تجربة كتابة الرواية فأسلوبي يتماشى مع الرواية أكثر من القصة ولدي لمسة مبهرة كما يزعم
الرواية حقل وعِر ومعبّد بالألغام ألم تخشى خوضه غماره؟
على الروائي مهّمة خَلْق ما يناسبه، ولا تكون الرواية التي يُقدِّمها ناجحة إلا من خلال طريقته، أي لا يهمّ نقل ما يدور، بل نقل كيف حدث ما حدث، من خلال خَلْق حياة تُخالف الواقع في صورته، وبناء عالِم ثالث نِتاج تزاوج عالم الخيال وعالم الواقع. لحظة كَسْر الخط الفاصل هي ذاتها لحظة إدراك المُبْدِع بأن اللحظة هي لحظة الولادة، وكما قال أمبرتو إيكو “على المُبْدِع واجب اختراع أكاذيب جيّدة.”
كما على الإنسان المغامرة وخوض تجارب جديدة ليعرف أين يستقر وأين تكمن ذاته.
ما هي الروافد التي ساهمت في تكوينك المعرفي؟
القراءة والمطالعة، ارتويت منذ نعومة أظافري بالكتب فكان لأبي مكتبته وأستعير منها ما أحتاجه وما أريد قراءته.
هل تجد بأن شيئًا ما يسكن أغوارك وترغب في أن تتخلص منه بالكتابة؟
نحن الآن في عصر يتجه فيه أغلب الناس للتعبير عمّا يجول خاطرهم وأذهانهم، أظن أنني أنتمي إليهم.
متى تتنازعك الفكرة وتراودك عن نفسك؟
ليس هناك وقت محدد، فغالبًا ما أكون منشغلًا بقضاء أموري وحوائجي، ثم فجأة تخطر ببالي فكرة جديدة ولا أتردد في تدوينها مهما كانت!
الروائي الراحل محمد شكري يقول لولا الخيال لانتحرت، إلى أي مدى تساعدك اللغة ككاتب في تطويع مخيالك الواسع؟
في الواقع لها دور مهم وأساسي جدًّا، فربما يكون المشهد في عقلك مبهرًا ولكن عندما تصوغه تجده ركيكًا نظرًا لضعف اللغة التي تمتلكها فنجد أنها عنصر مهم للغاية.
كلمة أخيرة
أتوجه بالشكر لك أستاذ مهند على هذه الأسئلة الجميلة، ولموقع بلد الطيوب والأستاذ رامز النويصري على دعمكم المستمر لنـا.