الشاعرة الليبية.. سميرة البوزيدي:
النقد هو سلاحي الأول في مواجهة نصي أبداً
حاورها: عبدالله المتقي
من بين الأسماء الشعرية الشابة التي أسست لنفسها مكانة مرموقة في المشهد الشعري الليبي المعاصر: نعيمة العجيلي، كريمة حسن، حواء القمودي، وسميرة البوزيدي، التي تكتب وتنكتب، وتسير فوق ماء القصيدة مفتونة بسحرها، وبعيداً عن التواري، قريبا من الانكشاف، كان لنا معها هذا اللقاء على هامش إصدارها الأول (جدوى المواربة).
* اهتمامك بالشعر متى بدأ؟
– الشعر أغنيتي القديمة ربما منذ ألف ألف حلم تمادى في دمى وتناثر بعيدا وقريبا.. البعيد هو الآخر المتلقي هبات الشعر الممنوح عطايا، الكلمة بلا حدود.. والقريب هو أشياء أنا، وهذا يعنى أن اكتب وأنكتب أيضا.
* وماذا يعنى كونك شاعرة؟
– يعنى أن تكون القصيدة كلها لي، هي البلاد، أعيشها وتتواترني انغماراً وانعتاقاً.. أمضى في هوائها وأسير على مائها مسحورة، مشتتة ومتوحدة في أغوارها… تسحقني عناصرها، وأرتضي ما يأتيني منها: الشجن..الألم.. أضعها جميعها على رأسي وبين عيوني.. وما بين الشغاف والقلب وأستزيد.. أستزيد.. يا ماء القصيدة..أنا الظمآنة دائما.
* أين ومتى تكتبين؟ وكم تستغرق لديك كتابة قصيدة ما؟
– الأزمنة والأمكنة ضباب متزايد.. وبقدر ما تحيط النصوص بأحوال المكان ومؤثرات الوقت، فإنها مع الشعر لا تستطيع إلا أن تكون مفعولا بها من جانب القصيدة، بل هي تتقافز فوقهما.. تذهب بعيدا إلى ما بعدهما ولا أستطيع شخصيا أن أحدد مكان أو زمن القصيدة، كل شيء يأتي كما تريد هي ووفق مزاجها اللذيذ.
* والنقد أية علاقة؟
– النقد هو سلاحي أولا في مواجهة نصي أبداً.. دائما أبدأ بنقد ذاتي وأضع نفسي مكان القارئ، وأقرأ بحياد…أقرأ أيضاً الدراسات النقدية في النصوص المختلفة، وأستفيد منها كثيراً.. والنقد عموماً لا يزال قاصراً عن استيعاب المنجز النصي، وهو قد تشتت طويلاً بين المدارس النقدية الغربية والتقليدية، محاولا ملاحقة ما كتب…. ولدينا لا تزال الأدوات النقدية كليلة، بل ومنزوعة النفس.
* لماذا (جدوى المواربة) عنواناً لمولودك الأول؟
– جدوى المواربة.. عنوان تعتق في كثيرا منذ أن فكرت في لملمة نصوصي في كتاب واحد.. ومنذ أن كنت أكتب وأكتفي بان أنشر ما أكتب دون الحاجة إلى الظهور فعلياً وكانت الأسئلة تنهال: أين سميرة؟.. وأنا أتوغل متواربة خلف القصائد الغالية وأؤمن بأن النص هو الذي يقولني دون الحاجة إلى التواجد المستمر، ثم جاء الديوان كجدوى لهذا التواري الطويل… وأتمنى أن يكون ذا جدوى كما أزعم.
* المقبل على ديوانك، يلاحظ حضور: البحر،القصيدة، والشجن بشكل لافت، ما رأيك؟
– أقول بصدد هذا الفيض أن الأوقات لنا نتفاسح صعودا فيها.. لا غياب يعنينا إلا فينا.. البحر القصيدة.. الشجن.. السحاب.. الماء.. النار.. الروح المشتعلة.. النفس المتوسعة باطراد.. الحزن الرفيق.. والشجن الممطرنا جميعا.. لا مظلات تمنعنا عنه، ولا نحتمل العيش إلا تحت نثيثه.
* ماذا تستطيع أن تكتبه القصيدة في عالم يستغرق في العنف حد الامحاء؟
– ربما كان دور القصيدة فيما مضى يختلف عن الآن لاعتبارات شتى، أهمها وجود من يقرأ حقاً ويتفاعل معها.. وأيضا انصراف معظم النصوص إلى الهم الذاتي والانزواء بعيدا عن الهم الجماعي، الذي أصبح سرابا أصلاً، أتعب الشعراء تتبعا منذ زمن الوجع العربي المزمن في مفاصل التاريخ ومجدنا المتغابر في عطانة التخزين.
* الكتابة والمرآة الليبية، أية علاقة؟
– عن أحوال المرأة أقول.. أن الكاتبة لدينا، ولكنها تسعى حتى وان كان هذا السعي بطيئا ومحدوداً…هناك أصوات كثيرة تحاول أن تكتب نصها المغاير.
* لمن تقرئين من الكتاب المغاربة؟
– عادة الأسماء المعروفة على المستوى العربي والعالمي.. بن جلون.. محمد شكري ومحمد بنيس.. وفيما عداهم أعترف بتقصيري حيالهم، وأعوض ذلك بالتصفح الإلكتروني للمواقع العربية والمغربية.
* بماذا توحي إليك الكلمات التالية:
– القصة القصيرة: مشبعة تماما بروح الشعر، وتتماهى مع الومضة الشعرية في أزهى حالاتها.
– الصحراء: امتداد صار لا يعني مدينة ذواتنا المسيّجة بأسوار البلاستيك إذ تدعي يناعة طارئة… الصحراء حلم عزلوي منيع على قيظنا.
– الهايكو: كثافة عالية تمشي في عروق الكلمة تقودنا إلى لب اللب.
– المغرب : أمنية قديمة تنام في طريق المأمول.. المهم أنها لدي وحالما ألتقيها ستعرفني.
* وما هو جديدك ؟
– الجديد دائما يتلقف روحي وعلى نحو موصول، دائما ثمة نصوص جديدة.
* صحيفة العرب.. 04/10/2004