النقد

المرأة في كتاب القصص القومي لزعيمة الباروني – الجزء الثاني

زهرة سليمان أوشن

القصص القومي للرائدة زعيمة الباروني


في هذا المقال نقف عند قصتين من هذه المجموعة كان فيها للمرأة دوريا محوريا، القصة الأولى: الرجوع إلى الله.

تحدتنا فيها القاصة عن عبدالجليل رئيس قطاع الطرق ودوره هو وأتباعه في قطع طريق القوافل وسلب أموال الناس، ونقلت لنا صورا من اجتماعاتهم للتخطيط لغاراتهم التي كانوا يشنونها، ثم تحركت بنا إلى إحدى تلك اللقاءات التي ينضمها عبدالجليل مع أتباعه، وها هو ذي يشحذ همهم لتكون الغارة القادمة غارة كبيرة يقطعون فيها مسافات طويلة للحصول على أكبر قدر من الأموال والغنائم.

وها هو يعود إلى بيته بعد هذا الاجتماع الطويل وقد لاحظت زوجته أن تجهيزاته هذه المرة أكثر بكثير من المرات السابقة ففهمت أنه يتجهز لغارة أكبر بكثير من سابقاتها فما كان منها إلا ذكرته بالله وحذرته من عقابه داعية له بالهداية

لكنه رفض نصحها ورد عليها بقسوة كعادته، وأمرها بعدم التدخل في شؤونه

ومن  تم أجمع أمره والتقى رفاقه حسب الموعد وانطلقوا إلى مسيرهم نحو غارتهم.

لكن في بداية رحلتهم كاد يهوي من على سرج حصانه لانقطاع حزامه الحديدي فأمر رفقاءه بالاستمرار في المسير ريثما يصلحه ويلحق بهم.

وهو جالس يصلح حلقة الحزام المنقوش من صنع زوحه الكريمة لاحت منه التفاتة إلى نملة, راها تحمل طعاما بكل جد واجتهاد وتخزنه في بيتها، وهنا جاءت تلك الومضة فحدث نفسه أن هذه النملة خير منه فهي تكد في سبيل الحصول على رزقها دون أن تسطو على أرزاق أحد، وترددت في قلبه كلمات زوجته المحبة وكانت بداية صحوة غسل فيها قلبه بدموع التوبة وانطلق الى فريقه معلنا توبته ليرجع ألى زوجه الكريمة معتذرا وهنا يظهر أثر كلمات تلك المرأة الصالحة ودعواتها المباركات في نقل زوجها من العصيان إلى الطاعة ومن قطع الطريق إلى السير على طريق الهدى.

القصة الثانية: بنت الحاضرة بطلتها السيدة فخرية تلك الأصيلة الفاضلة سليلة المجد بنت طرابلس المدينة البيضاء، وزرجة حميدة التاجر الخلوق ابن البلد الكريم الذي يحسن التعامل مع أهله وأقاربه ويقدم الإحسان لأبناء مدينته .

المكان هو المنشية تلك الضاحية الجميلة بطرابلس والمشهد في بيت حميدة وهو يجهز للاحتفال بمولودته البكر التي رزقها بعد حرمان ليس بالقصير، وقد اختار لها اسم الزهراء، وموعد الاحتفال ليلة القدر من شهر رمضان.

 والمشهد ينقلنا إلى أجواء مميزة يتعانق فيها الفرح والجمال وتضاء فيه الأنوار ويترنم فيه بالقرآن والصلاة على خير الأنام وفيه احتفاء بالمولودة وقد بلغت أربعين يوما واحتفال بدخول منزل أنيق حوى حديقة غناء، وكل هذه الأجواء ترسمها الكاتبة لتروي لنا تفاصيل رائعة من أجواء مجلس الرجال ومجلس النساء وما فيهما من ذكر وانشاد وتلاوة قرآن وحسن ضياقة وكرم استقبال، وتفاصيل حول أناقة الزي الطرابلس الجميل والذوق الرفيع في تأتيت المنزل وتنظيم الحفل.

  لنتقل بعد ذلك بسنوات إلى أجواء أخرى هي أجواء الحرب الضروس التي شنتها إيطاليا على ليبيا، مما اضطر أهالي المنشية للفرار إلى منطقة جنزوروترك بيوتهم وأرزاقهم.

وهنا يظهر المعدن الأصيل لفخرية التي تأقلمت مع واقعها  الجديد لتظل ابنة البلد التي لا ترضى بالذل ولا تستسلم للظلم فحرضت ابنها على الانضمام الى ميادين الجهاد، فيلتحق وحيدها بالركب، وتتلقى بعد قليل خبر استشهاده كما تلقت من قبل خبر استشهاد زوج وحيدتها الزهراء، وتلحق فجرية بهما وتغادر الدنيا صابرة محتسبة ويلحق حميدة بركب المجاهدين.

وفي كل المشاهد ترسم الكاتبة انموذجا مشرقا للمرأة الليبية الأصيلة وتغوص بنا باقتدار راسمة ملامحها الجميلة وأخلاقها النبيلة

مقالات ذات علاقة

أن تحب ليبيا دون صخب

علي عبدالله

رحلة الي الذات عبر الفزاعة

إنتصار الجماعي

رواية حبروش لعبدالرحمن شلقم تروي غرائب الذاكرة الليبية**

سالم أبوظهير

اترك تعليق