قصة

قد نلدغ من جحر مرتين

من أعمال التشكيلي حسن أبوعزة
من أعمال التشكيلي حسن أبوعزة

قد يلدغ جاهل أو أحمق من جحرا مرتين، عندما كنت في مرحلة الصبا، تقريبا 15 عاما أو يزيد قليلا أو ينقص، كنا نطارد العصافير باستخدام أدوات الصيد التي كنا نصنعها؛ كالمضربة وهى تصنع من سعف النخيل والعرجون الجاف وحبل ليقوم بدور النابض، أو من التل، وهى التي تعرف بالفرطيقه، أعتقد إن كثيرا من الليبيين يعرفونها.

وكانت هناك غابة من النخيل تسمى السبعة، وهى قريبة من منطقة الرأس القديمة، وهى أقدم أحياء مرزق، هجرت عندما غمرتها المياه و تحولت المنطقة إلى سباخ، جزء منها منطقة داقرو وقريبا منها مقبرة الرأس التي لا تبعد كثيرا عن مدرسة الرأس، التي تلقيت فيها تعليمي الابتدائي وذكرتها سابقا في إحدى التدوينات، عموما تلك الغابة والتي لا ادرى هل لا يزل نخيلها كتلك الأيام بذات النضارة والتشابك أم ذبل و شحب ومات كأشياء كثيرة غيره.

كنا نذهب لكي نمسك بالعصافير، لم أقل نصطاد! لأننا نبحث هناك عن العصافير الصغيرة ونأخذها من أكنانها، وذات مساء وصلت إلى هناك صحبة مجموعة من الرفاق، وهم خليط من سكان الزوية والنزلة، وبدأنا نبحث عن أعشاش الطيور المسماة عندنا بالشيبة والحمام البرني، عادة عش الحمام يمكن أن تره دون عناء، أما عش الطيور فيحتاج إلى أن تدخل يدك لتعرف ما بدخله هل هي بيوض أم فرخ؟ وهل هي كبيرة أم صغيرة؟

وفيما أدور حول إحدى النخلات رأيت عشاً فصعدت إليه، لم تكن النخلة بالطويلة ولا بالقصيرة، وصلت العش لأكتشف إن العش يحوي على أربعة فراخ، ولكنها صغيرة، تصفحتها وكان العصفوران الأب والام يحومان حول النخلة و يصدران زقزقة أشبه بالولولة والصراخ والاستنجاد لإنقاذ فرخاهما من هذا الكائن الباطش، أعدت الفراخ الى داخل العش و نزلت.

بعد مضى عشرة أيام تقريبا أو تزيد قليلا، قدرت إنها كافية لكي أعود وأجد العصافير قد كبرت ولا تستطيع الطيران لكي تغادر العش، وصلت إلى بغيتي نظرت إلى أعلى وجدت العش في مكانه ولكن لا وجود للطائر الأب أو الأم، فلم تحدث جلبة كالسابق بدأت أصعد النخلة وكلى ثقة في أن العصافير قد كبرت!! وصلت العش وفورا أدخلت يدي داخل العش لأقبض على العصافير، قبل أن تفلت، وفعلا قبضت على شي! ولكنه ناعم الملمس، لا زالت حتى اللحظة أتذكر كم هو ناعم، ولكنه بقوة انسحب من يدي وأطل رأس الأفعى من العش، أدركت ساعتها إن الذي بيدي أفعى! تركتها وبدأت رحلة نزول سريعة ومرتبكة حتى منتصف النخلة، تم قفزت وأحمد الله إن تلك المنطقة كانت رملية، كنت أتصبب عرقا باردا و جسمي كله يصطك، ومنذ ذلك اليوم لم أضع يدي في عش، ولكنى الآن أقف أمام العش فهل أدخل يدي لكي أقبض على العصافير أم أنني لا أوتى من عشا مرتين؟ 

مقالات ذات علاقة

المنفى

خيرية فتحي عبدالجليل

ارتياب…

أحمد يوسف عقيلة

طايح السـعد !!

رجب الشلطامي

اترك تعليق