
لاَ شَيْءَ هُنَا يُشْبِهُ حَنَانَهَا الأُسْطُورِيَّ، كُـلُّ شَيْءٍ غَـرِيبٌ، مُمِلٌّ؛ المَكَانُ، الزَّمَـانُ، الوُجُـوهُ، المَقَـاعِـدُ، القـلُوبُ، كُلُّهَـا كُـتُلٌ مُصْـمَتَةٌ بِـلاَ إِحْـسَـاسٍ، شَعَـرَ بذلك مُتأخِّراً، لكنَّهُ أيقـن بنفاذ صبره على هــذا الخِـدَاعِ.. قفز من على منصَّة الانتظار، وقع على أرض الترقُّب، وبدأ يركُضُ، ويركُضُ، أنفاسه تكادُ تنقطعُ، وقدماهُ تعثرتا أكثر من مرَّةٍ وكاد يسقُطُ، لكنَّهُ تَمَاسَكَ وَوَاصَلَ، العَرَقُ يتصبَّبُ منْ جَبِينِهِ، وَالخَوْفُ يَسْتَوْلِي عَلَى مَشَاعِرِهِ، أَرْجُوكِ يَا أمِّي انْتَظِرِي قَلِيلاً، أَنَا قَادِمٌ إِلَيْكِ، سَأَتْرُكُ كُلَّ شَيْءٍ هُـنَا، وَأعُـودُ لِدِفْئِكِ، فَـلاَ تُغْلِقِي البَابَ فِي وَجْهِي..