حوار :: أسمهان الحاجي
محمد الدنقلي صوت مميز في المشهد الشعري الليبي الحديث، صاحب تجربة طويلة مع المسرح والموسيقى نظم القصيدة العمودية والنثرية والقصيدة الشعبية وأخيرا حط به الرحال واستقر عند القصيدة الشعبية المحكية حقق من خلالها حضورا محليا وعربيا مميزا وهو نمطٌ شعري جديد لم تتجاوز تجربته في ليبيا ربع قرن، وقد أحدث نقلة نوعية في اجتذاب الليبيين إلى فضاء الشعر.. ما يقوله الدنقلي ليس شعرا بل كلمات تبوح بأكثر من ذلك هو نص يبرز الهوية الوطنية ويوثق مكونات المكان و يقبض على نبض القلوب بكلمات تحفل بالقيم الجمالية .
سبق أن صدرت له ثلاثة دواوين..هي :” نثار الليل … ابصر كيف …. توحشتك”. وأخراها وليس بآخر ديوان شعر “فيك شيء”
الشاعر محمد الدنقلي استطاع نقل الشعر من النخبة إلى العامة.
حدثنا عن تجربتك في الشعر المحكي!
بالنسبة لي تجربة طبيعية جدا، أما بالنسبة للناس يعتبرونها مختلفة وغريبة، وأنا عندما أتحدث عن أنا هنا، لا أتحدث عن نفسي فقط، أنا أتحدث عن مجموعة من الأصوات اجتمعنا وأصبحنا أنا، وهم واحد نحلم بأن نكون في ليبيا في جانب معين من الإبداع، وهو الشعر على الصعيد الشخصي، تجربتي عن الشعر المحكي هو أنه كان في داخلي سؤال كبير، ولم أجب عنه حتى الآن، وهو “أنا مازلت لم أجد ما يرضيني وما يشبع فكرتي وما يوصلني إلى المعنى الذي لن أصل إليه من خلال ما وجدت من نصوص مختلفة، “أنا سعيد بالشعر الشعبي وهو أفضل شعر في ليبيا وقرأت كثير القصائد ابتداء من “قنانه” إلى آخر شاعر، ولكني لم أجد نفسي، لذلك أردت البحث عن شكل آخر أو درب آخر يوصلني للمعاني التي أتصورها وأحلم بها لدرجة أني حاولت الهروب من الشعر إلى الشعر خارج اللغة باعتبارها أداة التعبير، واللغة هي اللغة مهما حملت من شعر، والشعر أبعد، هذا هو سر تجربتي التي أبحث عنها، ومن المؤكد أني لم أحقق شيئا بعد أربعة دواوين، ولكن لم أحقق شيئا، لكن مهما عاش الإنسان فعمره قصير، والتجارب الإبداعية ليست تجربة شخص واحد إنما هي تجربة ذوق عام ومجموعة بشرية كبيرة.
وأنا هنا لا أزعم بأن الشعر المحكي نص جيد، ولكنه نص.
الشعر الشعبي أو الشعر المحكي و الشعر الفصيح أيهما أقرب للتعبير؟
هي تصنيفات، نحن نعلم أن الشعر الشعبي هو الذي يقال باللهجة العامية والأوزان الليبية، وأن الشعر الفصيح هو الذي يكتب بالكلمات المعربة، هو الفعل والفاعل والمفعول به والمنصوب، ولكن الفصاحة شيء آخر، الفصاحة أنك تصل للجمال الذي تريد قوله، والمعنى الذي أردته، سواء إن كان مكتوبا باللهجة العامية الدارجة أو باللغة المعربة، وهي اللغة الرسمية، أنا لا أرى الفرق في الشعر الشعبي والفصيح، هناك إنسان يريد أن يعبر عن ذاته ومكنوناته ولا يستطيع أن يستعمل اللغة…. يستعمل اللهجة التي يكتب بها الشعر.
الفصاحة هي البيان، وليس هناك تعريف آخر للفصاحة، فهي تبين بأية لغة؛ بالرقص أحيانا أو بالرسم أو بالغناء هذه كلها فصاحة.
لديك عدة تجارب في المسرح والموسيقى والقصيدة الشعرية أين وجد محمد الدنقلي نفسه؟
كل هذه الأصناف أو الأنماط حاولت الخوض فيها في النهاية وصلت إلى شعر أسميته الشعر المحكي، وكان اقتراحا من صديق، وكتبت عليه أنه ديوان مكتوب باللهجة المحكية، وحتى الآن أنا أجد نفسي في الشعر المحكي ، قد يأتي وقت آخر أجد نفسي في نوع آخر من الشعر، ولكن حتى الآن أنا أجد نفسي في الشعر المحكي.
لا أتحدث عن نفسي فقط، أنا أتحدث عن مجموعة من الأصوات اجتمعنا وأصبحنا أنا .
علمنا أن والدك كان شاعرا، هل أثر هذا في شخصيتك أو موهبتك كشاعر ؟
في الحقيقة البيولوجية أن الموهبة تورث بالجينات، البيئة هي التي تملي أو تفرض عليك، وتكتسب منها إلى أين ستتوجه الموهبة، والموهبة هي هبة جينية ووراثية، أنا والدي شاعر شعبي كان لا يقرأ ولا يكتب، وأنا كنت في حينها أقرأ في الكُتّاب، كان عندما يقول قصيدة يمليها علي وأنا أكتبها له، ومع تكرار القصائد تكونت الأوزان في أذني وأصبحت لدي حصيلة لهجة لغوية، ووجدت نفسي في الشعر وتورطت فيه أو هو من تورط في.
أين تجد نفسك مستعدا لكتابة الشعر؟ وما هو الشيء الذي يؤثر فيك لكتابة الشعر، هل هو المكان أم الزمان أم الحالة؟.
أنا لا أحب أن أكتب عن الحزن “النكد”، أكثر شيء يؤثر فيّ ويدعوني لكتابة الشعر هو الجمال، وبشكل مطلق الصباح، الورد، الطفلة الصغيرة، الحب، الطيبة، المروءة، هذه القيم الجميلة أحب أن أكتب فيها الشعر، أما الحزن قد يبكيني فقط، ولا يستحق أن أستهلك نفسي للكتابة عليه.
لديك عدة مشاركات في عدة دول عربية، كيف يتلقى المواطن العربي، وخاصة مع اختلاف اللهجات الشعر الذي تلقيه؟
هنا تكمن أهمية الشعر المحكي، عادة ما يكون الشعر الشعبي ابن بيئته، وموجه للبيئة فقط، يعني أن الشاعر الشعبي يوجهه شعره لأبناء بيئته فقط، رغم أن القيم التي يتحدث عنها موجودة في كل مكان، لكن الأدوات والألفاظ اللغوية التي يستعملها لا يقولها إلا في بيئته الضيقة.
ولكن الشعر الشعبي هو شعر واعٍ جدا، صحيح أنه إبداع، ولكنه إبداع واعٍ، إبداع مقصود، يعي ما يقول، عندما يأتي الشاعر الكبير سالم العالم، ويقول قصيدة ويعلم جيدا أن المتلقي لهذه القصيدة ليس في ليبيا فقط، قد يكون من المغرب أو في بيروت أو في مسقط، فلذلك يحاول تبييض لغته ويخبئ ليبيته في داخل القصيدة من خلال معاني السياقات وليس من خلال الألفاظ، لأن الألفاظ ما هي إلا أوانٍ لوضع المعاني، فلماذا نستعمل اللفظ الذي لا يعرفه غير الليبيين، مثلا؛ لو قلت لكِ؛ “دقع”، هذه اللفظة تستعمل في مدينة الجفرة بمعنى انظر في حين أن الزاوية الغربية يقولون عنها “ارعي”، وفي الشرق يقولون “حق”، مثل هذا اللفظ يستعمل بثلاثة أشكال في ثلاث مناطق في ليبيا، والشعر المحكي واعٍ بكل هذه التفاصيل، ويستعمل اللفظ الذي يخدم قصيدته.
لا أحب الكتابة عن الحزن “النكد”، أكثر شيء يؤثر فيّ ويدعوني للكتابة هو الجمال
قلت إنكم زرتم أكثر من دولة عربية، ماهي الدولة الأقرب وأكثر استجابة للشعر المحكي الليبي؟
كل الدول العربية التي قمت بزيارتها أو أي شاعر من شعراء الشعر المحكي في ليبيا جميعها استجابت بنفس الطريقة، ونفس العمق، وقد لا يصدق الكثير هذا الكلام، ولكن في عمّان قدمت شعرا أنا وزميلي سالم العالم في أقصي جنوب الشرق العربي، وقرأنا الشعر في بيروت والدوحة ودبي ودمشق والدار البيضاء في المغرب، ونحن الآن في طريقنا إلى صفاقس، وبسكرة في جنوب الجزائر، ومن خلال التجارب السابقة ومشاركاتنا الرسمية لم يجد المتلقي أية صعوبة في فهم معاني الشعر المحكي الليبي، والسبب في هذا كما ذكرت سابقا، أن الشعر المحكي هو شعر واعٍ رغم أنه إبداع، ولكنه ليس إبداعا فطريا.
كيف تقيم ثقافة الشعر المحكي في ليبيا؟
الليبي بشكل عام شخصيته عميقة جدا، رغم أنها قد تبدو للعيان شخصية سطحية،ولكن على حسب تجربتي الشخصية في كل دولة أقوم بزيارتها يتم سؤالي من الإخوة العرب؛ هل أنتم فعلا ليبيون؟!، “هكذا هو السؤال”، هذا السؤال البسيط يوضح أن الليبيين متفوقون في جميع المجالات العلمية والإبداع وهو دليل على أن الشعر الليبي غير متأخر، قد يكون الإطار العام، الظروف الإعلامية هي من سبب في عدم إبراز الأسماء الليبية للعالم، ولكن الليبي لا ينقصه شيء لأن يكون مثله مثل أي مبدع عربي.
الليبي بشكل عام شخصيته عميقة جدا، رغم أنها قد تبدو للعيان شخصية سطحية
فكرة برنامج شاعر ليبيا فكرة رجعية رغم تقديري العميق للقناة وللشعراء والمشاركين
ماهي أهم الأسماء البارزة في الشعر الليبي عموما؟
بالنسبة للشعر المحكي هناك الشاعر “الصيد الرقيعي”، والشاعر “سالم العالم “، أما بالنسبة للشعر الفصيح هناك شعراء مهمين كالشاعر “مفتاح العماري” مثلا، والشاعر “محمد على زيدان”، وكثير الشعراء أما بالنسبة للشعر الشعبي هناك كثير الشعراء القدامى والمهمين أيضا مثلا الشاعر “الأحول بن قارح “، “والجنان” من سرت، ومن أجدابيا الشاعر “أبو هارون”، و”علي الساعدي”، وفي مدينة المرج الشاعر “القزون”، “والمرحوم مراد البرعصي”، وقد أكون نسيت الكثير والكثير من الأسماء لأن الساحة الليبية تزخر بالكثير من الشعراء بجميع الأصناف.
أذيع خلال في إحدى القنوات الليبية برنامج خاص بالشعر الشعبي الليبي باسم (شاعر ليبيا)، كيف تقيم هذا البرنامج؟ وكذلك الشعراء الذين تم ترشيحهم من خلال هذا البرنامج؟
(شاعر ليبيا) على صعيد الشباب الذين شاركوا في السنة الماضية وهذه السنة، هم شباب موهوبون بالفعل، ويبشروا بأن هناك مواهب مهمة جدا، ولكن على صعيد البرنامج أو الفكرة التي تم طرحها للبرنامج، هي في اعتقادي خطوة إلى الوراء، لأنه تكرار لشكل سابق، وخاصة على صعيد الرؤية وعلى صعيد الموضوعات المطروحة في داخل القصيدة، أما على الصعيد الشكلي؛ فهو شعر شعبي وأتمنى أن يتغير الشكل، ولو استمر البرنامج بهذا الشكل، هو ضرر للشعر.
كيف يمكن إنجاح مثل هذه البرامج من وجهة نظرك؟
القضية ليست قضية نجاح أو فشل، القضية هي أتمنى أن يواكب العصر في حين أن الشاعر يرتدي آخر صنوف الموضة، ويتحدث عن الخيمة والناقة والعشة، والتي لا يعرفها، ولم يسكن فيها في حياته، وهو ما سيعيد بعقلية الشباب إلى الخلف، كما أن بعض أنواع الشعر كالرفقة وغيرها هي عبارة عن خطب جمعة.
وأنا أحيي أصدقائي الشعراء المشرفين على البرنامج، والقناة التي تستضيف هذا البرنامج الموقرة والشاعرة “هدى السراري” مديرة القناة، وزميلنا الشاعر “امجاهد البوسيفي”. ولكن فكرة البرنامج رجعية بعض الشيء.
لماذا لم تسعوا أنتم كشعراء لإقامة مثل هذه البرامج في ليبيا؟
الإعلام ومثل هذه البرامج تستهلك أموالا كثيرة، وتحتاج إلى مبالغ كثيرة للصرف على إنتاجها، ونحن الآن في وضع لا نستطيع توفير ثمن الخبز والأشياء الأخرى البسيطة، “إن شاء الله ربي يفرج على ليبيا”.
بالحديث عن ليبيا وما تعانيه اليوم، وفي خضم كل ما يحدث في ليبيا، كيف كانت كلمات الدنقلي الشعرية معبرة لما يحدث؟
ما يحدث في ليبيا اليوم أكبر من كل الكلمات التي قد تقال وأكبر من الدعوات المباشرة، “افعلوا ولا تفعلوا”، الشعر الشعبي في السابق كان يدعو للمعارك، ويدعو للفخر والخ…، ولكن مهمة الشعر الآن اختلفت، فالشعر ليس إعلاما، الآن أصبح هناك مهمة للإعلام وهي الترويج، وتدعو للتصالح وهناك مهمة للشعر جمالية ومعالجة لنفسية الإنسان بالجمال وليس بالدعوة لا بالأمر ولا بالنهي، والشاعر هو ابن بيئته، ولا يمكن أن يتخلى عمّا يدور حوله، ولكن يجب أن يذكره بشكل راقٍ بعيدا عن الخطابات السياسية، ولكن مهما يكون الوضع في ليبيا لا يعالجه الشعر.
هذه الأيام أردد أن صوت الرصاص أقوى، بالرغم من أنني متأكد بأن صوت الرصاص لن يدوم، والآن تسود غمامة سوداء فوق ليبيا ندعو الله أن يحفظنا منها.
هل تسعي إلي تلحين إحدي قصائدك، ومَن مِن الفنانين تحب أن يغني كلماتك؟
نحن كمجموعة الشعر المحكي مكتفون بذاتنا بنصوصها وأصواتها وحضور أمسياتها، ولكننا لا نريد أن نتوجه إلى تلحين أشعارنا، وبعد ذلك اقتنعنا بأن الأغنية تصل للمتلقي أكثر من الأمسيات وتدخل لكل بيت، لذلك تعاملت مع مجموعة من الملحنين، “كالأستاذ بشير الغريب”، الذي قام بتلحين مجموعة من الأعمال قام بغناء إحداها ” الفنان مجدي الجيلاني”، والآن نستعد لعمل كبير جدا بالتعاون مع الأستاذ محمد الصادق، بالإضافة إلى أعمال أخرى سيغنيها مطربون تونسيون منها ما تم تنفيذها، وستكون قريبا في الأسواق بأصوات فنية من تونس الفنانة صفية الصادق، وأمينة فاخت، ولطفي أبو شناق، وملحن آخر مهم جدا نسميه ملحن المحكية هو الدكتور تامر العلواني، ملحن موهوب جدا ويضيف على الشعر المحكي نصوصا أخرى، وقد لحن لي أنا شخصيا أكثر من عشرين عملا.
وأنا أحب الفنان الذي يضيف على كلمات الشعر أكثر مما قلته بغض النظر عن الأسماء.
أصدرت 4 دواوين شعرية أيها أقرب إليك؟
كل دواويني تمثل حياتي والأقرب من قلبي القصيدة التي أقولها الآن ولم تظهر للناس.
شعراء الشعر المحكي في ليبيا ينعدون على أصابع اليد الواحدة، هل هذا بسبب صعوبة الشعر المحكي؟
الجميل دائما قليل، نحن نحاول تبسيط الكلام والتعمق في المعنى، وهذه معادلة صعبة أن تكون عميقا جدا وتقود فلسفات العالم وتقولها في جملة بسيطة يقف الإنسان أمامها حائرا، الشعر أو الإبداع بصفة عامة هو أن تخرج ما احتسيته أو قرأته للناس، والشاعر الذي لا يقرأ، وليس لديه تجربة اطلاع كبيرة، لا يستطيع أن يقول المعاني العميقة ويكتبها بشكل بسيط، الشعر ليس حفرا في الأرض، الشعر فكر عميق جدا، يعني أن يكون لديك خلفية كبيرة جدا لتصل إلى معانٍ لم يصل إليها غيرك، هناك كم كبير من البشر، ولكن هناك عدد قليل منهم البارزون، والذين سيخلدهم التاريخ، لأنهم اختلفوا أو أضافوا شيئا للإنسانية، الشعر أن تضيف شيئا جديدا أو تتوقف.
حدثنا عن زيارتك القادمة إلي تونس والجزائر؟
أنا في رحلتي هذه أريد الترفيه عن الناس، أنا في رحلتي أريد أن أجد لليبيا أشخاصا جددا عن طريقي، فعندما يسمعني فإنه يستمع إلى صوت ليبي، وبهذا أكون قد حققت وطنيتي وذاتي.
تحصلت على كثير الجوائز، ماهي الجائزة التي شعرت بأنك تستحقها؟
الجائزة التي أستحقها هي أنني استطعت ملامسة الشعر، وعندما أجلس أمام جمهور مهما كان مستواه الثقافي الفكري أستطيع التواصل معهم ببساطة، وكأني جزء منهم، منذ بضعة أيام كنت في مدينة هون بالجفرة، وفي أمسية عائلية جاءت عائلات كثيرة جدا رغم الحرب والحزن حضروا هذه الأمسية، وكانت أمسية رائعة جدا لدرجة أنني تعبت من الشعر.
أما على الصعيد الفعلي تحصلت على درع الريادة في الدوحة بدعوة من الجامعة العربية في سنة 2010في الشعر المحكي، وكنت سعيدا جدا بهذه الجائزة.
والجائزة الثانية؛ هي أن اتحاد الكتاب التونسيين شرفني بأن أهداني العضوية الشرفية في الاتحاد على الرغم بأنه لا يوجد عضو في الاتحاد يكتب الشعر باللهجة، ولكن الإخوة أعضاء الاتحاد 2016 قرروا أن تكون لدي العضوية الشرفية وهذا شرف كبير بالنسبة ليّ ولليبيا، كما تم تكريمي في الجزائر والمغرب أما في ليبيا فيكفي أنني ليبي فقط.
كيف واجهتم النقد للشعر المحكي؟
مشكلة الشعر المحكي مع النقد؛ هي أن النقد مجموعة من المدارس تم بناؤها على نصوص سبقتها، وتم وضع معايير لها وأوزان وأشكال لقياسها، أما الآن لم يتم استحداث مدارس نقدية جديدة، ونحن في الشعر المحكي نكتب النص الذي جاء بعد هذه المدارس، ولو تم قياس الشعر المحكي بمقاييس نقدية قديمة لا ينطبقان، فتصبح هناك إشكالية فالكثير من النقاد يرفضون هذه الظاهرة أو هذا النهج الجديد المتمثل في الشعر المحكي.
أما من ناحية النقد في الوطن العربي بشكل عام مثله مثل أية ظاهرة إنسانية تظهر في الوطن العربي، كالظواهر الدينية مثلا لابد أن يكون لديها مرجعية والمرجعية، لابد أن يكون لها شيخ، أنا لم أعاصر الناقد الليبي خليفة التليسي، ولا يعرف النصوص التي أكتبها، ولكنهم اليوم يقولون إن هذا الشعر لم يتم قياسه بمقياس خليفة التليسي النقدي، فهذا النص غلط “لماذا لا يكون خليفة التليسي هو اللي غلط مثلا”.
ولكن هناك أشخاص ناقدون مهمون كتبوا عن الشعر المحكي مثل لطفي عبد اللطيف الشاعر كتب، وكامل المقهور، والكاتب والصديق عبدالله الترهوني، والكاتب حسين المزداوي، وما زلنا نطمح لنقاد جدد يعاصرون هذا النص. وأنا هنا لا أزعم بأن الشعر المحكي نص جيد، ولكنه نص جديد، نحن نريد أن نقود عصرنا.
في الختام
أشكر صحيفة فسانيا المثابرة، الصحيفة التي لا تعرف السكوت، ولا تعترف بقسوة الرياح رغم أنها ورقية، فهي ليست ورقا، صحيفة فسانيا هي الفضاء الوحيد القادر أن يكون حاضرا وبقوة في كل أنحاء ليبيا، الصحيفة التي ليس هدفها المال و إنما هدفها أن يكون لديها قراء، صحيفة فسانيا هي أم الصحف الليبية الآن، أو الأم البديلة للصحف.
وفي ختام هذا اللقاء نريد أن تسمعنا كلمات من آخر دواوينك الشعرية “فيك شئ “
فيك شي مش في البشر..
وانتي ما تدري عليه.
نجهل أمي نجهله..
ونعرفه. ونحتار فيه
ان دخلتي يسبقك..
وان خرجتي تتركيه..
وان تكلمتي تمنع..
وان سكتي تفضحيه.
اووف يا قصة عيونك..
لما سلمتي عليه..
ولما فضفضتي وحكيتي..
ولما وانتي تودعيه..
________________