قصة

ذاكرة زرقاء 6

من أعمال التشكيلي.. معتوق البوراوي
من أعمال التشكيلي.. معتوق البوراوي

عندما صعدنا إلى الباخرة من ميناء (جنوا) قاصدين ميناء تونس، كانت هذه أول رحلة لي على سطح البحر على متن باخرة كبيرة. كان ذلك في أحد أيّام شهر مايو، حيث السماء صافية والبحر زرقته شديدة، تعلو أنفاس مياهه وتهبط، وعندما شرعت الباخرة تشقّ طريقها إلى الضّفّة الأخرى، كنت قد صعدت إلى السطح بعد ابتعادنا عن اليابسة بقليل، وقد بدأت معالم الميناء تختفي شيئًا فشيئًا، حتّى بدا البحر هو كلّ ما أرى أينما اتّجهت بناظريّ.

 وقبلها بأسبوع قد شاهدت أول عرض لفيلم (تايتنك) في السينما وقد انبهرت به كثيرًا، فمنذ صغري لم أقصدها وأشاهد فيلمًا مثله، وكلّ هذه التقنية والتصوير المبهر، وتخّيلت نفسي وأنا على سطح الباخرة، أنّني البطلة (كيت ونسليت) ووددت لو أفتح ذراعيّ، وأغمض عيني، وأدع رئتيّ تمتلئ بهواء البحر، وأطلق لخيالي العنان؛ ولكن للأسف بدأت أشعر بالدّوار والغثيان والخوف مع تزايد ارتفاع مياه البحر، وكأنّها جبالٌ زرقاء.

 عدت إلى غرفتي وتمدّدت على فراشي، وقد بدا كل شيء يتمايل في رأسي، عندها عادت بي الذّاكرة إلى أوّل مرّة ذهبت فيها إلى السينما وأنا في مدينتي الصّغيرة، ووقتها لم أتجاوز العاشرة، وكنت عادةً ما أذهب صحبة أخواتي في أيّام العيد؛ لنشاهد أفلام “فاتن حمامة” و”سعاد حسني” و “غوّار” وأفلام “الكاوبوي” أيضًا.

مقالات ذات علاقة

مكانٌ لا تجوبه الكلاب.

محمد النعاس

الزلفوت

جلال عثمان

فـلســفة

إبراهيم حميدان

اترك تعليق