سرد تاريخي، وبعيداً عن العواطف؛ هل ما تم تقديمه يكفي بأن نقول: لدينا سينما أم هي مجرد تجارب خجولة؟
– كثرت هذه الأيام الأحاديث عن السينما الليبية واهميتها وتاريخها، فهل فعلا لدينا سينما معتمدة على المقومات الثلاث وهي دور العرض والتعريفة اي التذكرة والانتاج القابل للربح والخسارة والتنافس!!!
بعيدا عن قصة دور السينما التي كانت موجودة قبل العام 1970 في مدينة طرابلس بالإضافة الى مدن ليبية اخرى مثل بنغازي
– في مدينة طرابلس وحدها ايام الحكم الايطالي كان يوجد 13 دارا للعرض منها تسع للأجانب أربعة للمواطنين الليبيين، والتي كانت تعرض فيها افلام اجنبية امريكية تحديدا خاصة افلام رعاة البقر او المعروفة محليا باسم (البانديتي) وهي مترجمة الى العربية وافلام ايطالية وهي الاكثرية وكانت غير مترجمة الى العربية بالإضافة الى الأفلام المصرية.
حتى العام 1969، وطوال هذه الفترة لم يوجد اي إنتاج سينمائي ليبي على الاطلاق.
– استمرت بعض دور العرض هذه بعدها بسنوات اي، لتعرض افلام الكاراتيه وبروساي التي كانت ظاهرة في حينها وحتى الافلام الهندية، لتبدأ دور العرض في الاختفاء شيئا فشيئا لعدة اسباب منها اقفالها بلا مبرر وتركها للإهمال لسنوات حتى تم هدمها وتشييد مباني خاصة وعامة بديلة عنها ومنها من قفلت بسبب حكم محكمة لان اصحاب الارض الاصليين طالبوا بها ومنها من تحولت الى قاعات افراح لصالح فنانين معينين وهذا الامر الاكثر غرابة.
بالعودة للسينما في ليبيا، وهل فعلا موجود سينما وفنانين سينمائيين ام ان هناك محاولات خجولة لتقديم سينما ليبية محلية، وهل الدولة في تلك الفترة وقفت ضد الفن والفنانين الليبيين ام قامت بدعمهم والتكفل حتى بدور المنتج؟! وبعيدا عن الشعارات والعواطف
في محاولة متواضعة وبعد بحث واتصالات بفنانين احمد الله في صحتهم لمحاولة لجمع خيوط البداية للحركة السينمائية الليبية وهل ما تم تقديمه يصلح معه القول اساسا بان لدينا سينما محلية صرفة؟! ام ان هناك محاولات خجولة مع هذا استطاعت ان تلفت الانظار للفن الليبي والسينمائي خاصة وتقتنص الجوائز العربية وحتى العالمية من خلال المشاركات في المهرجانات.
هذا بالإضافة الى الاعمال السينمائية العالمية التي كانت ليبيا هي المنتجة لها والتي تركت بصمتها في العالم اجمع من خلال مشاركات عالمية من المخرج والممثلين والتصوير والاضاءات والموسيقى الى كل المشاركين في العمل.
في بداية العام 1970، بدأت الاذاعة الليبية بإنتاج أعمال سينمائية تعليمية، وحتى العام 1972 وقرار انشاء أمانة الأعلام والثقافة إدارة الإنتاج السينمائي وجهزت بأحدث الآلات والأجهزة والمعدات اللازمة للإنتاج فضلا عن إنشاء معمل حديث لتحميض وطبع أشرطة الخيالة مقاس ٣٥ مم ١٦مم ابيض واسود أما الأشرطة ا لملونة فكان يتم تحميضها وطبعها بالخارج لتبدأ مرحلة جديدة وهي التي تعد البداية الاولى للسينما في ليبيا.
– (عندما يقسوا القدر) أول فيلم سينمائي ليبي
– يعتبر فيلم (عندما يقسوا القدر) اول فيلم ليبي والذي افتتحت به المؤسسة العامة للخيالة سلسلة إنتاجاتها وهذا موثق على بوستر الفيلم الرسمي وكان ذلك عام 1972، الفيلم إخراج وسيناريو، عبدالله الزروق، بطولة زهرة مصباح، عمر الشويرف، نعيمة الطرابلسي، عبدالله الشاوش، عبدالله احفوضة والطفلة امال الهلودي
– في ذات العام تم إنتاج فيلم (الطريق)، وهو من إنتاج المؤسسة العامة للخيالة العام 1972، اخراج وسيناريو يوسف شعبان محمد، بطولة حميدة الخوجة، يوسف الغرياني، سعيدة أبوراوي، مصطفى المصراتي، سالم أبو خشيم، عياد الزليطني، محمد المقصبي، سالم الشريف، يوسف النعمي، حاتم صبحي.
-فيلم روائي وهو (يوم في حياة بئر) كان في نفس الفترة وذات جهة الانتاج وهي المؤسسة العامة للخيالة وبالأسود والابيض ولكنه لم يرى النور.
هذا ما حدث ايضا مع فيلم -الازقة الضيقة- الذي توقف بسبب وفاة بطلته الفنانة فاطمة عبد الكريم زوجة الفنان ابراهيم الخمسي واخت كل من الفنانة سعاد خليل والفنانة كريمان جبر.
-إنتاج مشترك للتعريف بالفن والفنان الليبي.
– بعد هذا بدأت المؤسسة العامة للخيالة وفي خطوة جريئة في محاولة إنتاج افلام عربية مشتركة بغية مشاركة الفنانين الليبيين والتعريف بهم عربيًا خاصة مع استقطاب نجوم عرب معروفين في كل الوطن العربي ويعتبرون من نجوم الصف الاول وفعلا كان هذا في عام 1976 من خلال انتاج فيلم (الضوء الاخضر) وهو من اخراج عبدالله المصباحي، الذي شارك في بطولته الفنان الطاهر القبائلي الى جانب نخبة من الفنانين المصريين والمغاربة منهم فريد شوقي ، يحي شاهين ، ليلى طاهر ، مصطفى الزهري ، وهو من انتاج ليبي مغربي مشترك لكل من المؤسسة العامة للخيالة و الملكية المغربية للسينما
-فيلم الرسالة، عمل عالمي بإنتاج ليبي مغربي مشترك
يعتبر فيلم الرسالة والذي يصنف عالميا من أفلام السيرة الذاتية وقصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ونزول الوحي عليه وبداية عصر الإسلام، والذي تم عرضه للمرة الاولى في مارس 1976، وهو من إخراج المخرج السوري الامريكي، مصطفى العقاد، ومن إنتاج ليبي مغربي مشترك، ولكن تم كتابة اسم المخرج مصطفى العقاد كمنتج منفذ والذي تم تصويره بين ليبيا والمغرب
من أهم الافلام والذي صدر منه نسختين عربية من بطولة فنانين من مختلف الوطن العربي منهم، عبدالله غيث، حمدي غيث، سناء جميل، عبدالوارث عسر، أحمد مرعي، عبدالرحيم الزرقاني، محمد العربي، عبدالبديع العربي، عبدالغني قمر، اشرف عبدالغفور، محمود السباع، عبدالعظيم عبدالحق، محمد توفيق، احمد اباظة، ملك الجمل، محمد وفيق، محمد صبيح مصر، منى واصف سوريا، محمود سعيد، فلسطين، حسين الجندي، الطيب الصديقي، عبدالله العمراني، المغرب، منير معاصري، ريمون جبارة، منير شماعة لبنان، مارتن بنسن، بريطانيا، رونالد لي هينت. ومن ليبيا كانت هناك مشاركة مميزة للفنانين علي احمد سالم، الحبيب العجيلي، عبدالفتاح الوسيع، محمد الساحلي، عمران راغب المدنيني، سالم قدارة، شعبان القبلاوي، بالإضافة الى فرق الفنون الشعبية الليبية.
اما النسخة الإنجليزية فكانت من بطولة: انطوني كوين، ايرين باباس، مايكل انسارا، جوني سيكا، مايكل فورست، ديميان توماس، اندري موريل، مارتين بينسن، وغيرهم.
– الراوي في النسخة العربية بصوت الفنان محمود ياسين، وفي النسخة الاجنبية بصوت الفنان ريتشارد جونسون
-تاقرفت.. اول فيلم ليبي احترافي
يعتبر فيلم تاقرفت ، والذي تم عرضه عام 1981 أول فيلم سينمائي ليبي احترافي و بمجهودات ليبية مائة في المائة ، وهو من إخراج خالد مصطفى خشيم، اشترك في كتابته كل من ، محمد أحمد الزاوي و خالد مصطفى خشيم ، سيناريو وحوار ، محمود عياد دريزة الفيلم انتاج المؤسسة العامة للخيالة ،وهو باكورة انتاج اللجنة الادارية للإعلام الثوري بإدارة التوجيه الثوري -حينها-، وهو من بطولة ، الأمين ناصف ، عبدالنبي المغربي، عيسى عبدالحفيظ، حميدة الخوجة ، علي قدح ، خدوجة صبري، فرج الربع، المبروك المجعول ، عبدالرحيم عبدالمولى ، صلاح المصري ، حمادي عبدالسلام ، كامل الفزاني، عبدالسلام الوركي ، الموسيقى للموسيقار الليبي الكبير المرحوم علي ماهر ، الفيلم تحصل على الجائزة الثالثة في مهرجان فالينسيا في اسبانيا ، كما تم عرضه في هنجاريا ، اكتوبر 1983 .
– عمر المختار.. ملحمة الجهاد ضد المستعمر الايطالي
في نهاية سبعينيات القرن الماضي قرر النظام الحاكم في ليبيا حينها إماطة اللثام عن حكم المستعمر الايطالي في ليبيا والجرائم التي ارتكبوها خلال فترة الاستعمار والمعتقلات وتاريخ الجهاد خاصة في المنطقة الشرقية ، فتقرر أن يقدم هذا الى العالم من خلال السينما وفعلًا كان ذلك من خلال فيلم (أسد الصحراء) والتي سميت النسخة العربية منه (عمر المختار) ، وهو من إخراج المخرج الامريكي السوري مصطفى العقاد والذي عرض اول مرة في أبريل 1981 والذي كلف الدولة الليبية حينها مبلغ 35 مليون دولار امريكي كميزانية إنتاجية له مع العلم بأن الفيلم تم منعه من العرض في ايطاليا.
الفيلم من بطولة انطوني كوين، اوليفر ريد، ايرين باباس، ومن ليبيا، فتحي بدر في دور محمد الرضا وعائشة حسين في دور عائشة والطفل ايهاب الورفلي في دور علي، بالإضافة الى ما يقرب 250 فنان من دول مختلفة منها امريكا، بريطانيا، استراليا، فرانسا، المانيا، مالطا، يوغسلافيا- حينها- مصر، لبنان، تونس، السودان، سيريلانكا، بالإضافة الى أكثر من 5 الالف ممثل مساعد – كومبارس.
الفيلم تم دبلجته باللغة العربية والتي من بين من اشترك فيها كل من الاذاعي عبدالفتاح الوسيع في دور الراوي، الى جانب الفنانين عبدالله غيث في اداء صوت عمر المختار، عادل المهيملي، في اداء صوت غريتسياني، عمر الحريري، في اداء صوت موسيليني، جميل راتب في اداء صوت، توميللي، الطاهر القبائلي، في اداء صوت اميديو، فتحي بدر في اداء صوت كل من بومطاري ومحمد الرضا.
– الشظية.. السينما ودورها التوعوي من مخلفات الالغام
في عام 1986 كان العرض الأول لفيلم (الشظية) وهو من إخراج محمد علي الفرجاني، وتأليف الكاتب إبراهيم الكوني، وهو من إنتاج الشركة العامة للخيالة. بطولة، كريمان جبر، الطاهر القبائلي، على الورشفاني، أنور الطرابلسي، على العريبي.
_ افلام خجولة ومراحل متقطعة
في العام 1991، تم العرض الاول لفيلم (معزوفة المطر) وهو من إخراج رائد السينما الليبية المخرج عبدالله الزروق، ومن تأليف الراحل نور الدين الرايس، بطولة خدوجة صبري، إبراهيم الخمسي، ميلاد الدالي، عبدالباسط ابو قندة، بمشاركة الفنانة التونسية، منى نور الدين ومن إنتاج الشركة العامة للخيالة.
– السينما بين تذبدب الإنتاج والجوائز العالمية.
في عام 1998، كان العرض الأول للفيلم القصير، (التابوت) وهو من إخراج وتأليف، ناجي أبو سبعة، ومن إنتاج للشركة العامة للخيالة، بطولة مجاميع منطقة الهاني في طرابلس.
في نفس سنة العرض شارك الفيلم في مهرجان بيونج يانج.. لدول عدم الانحياز، وتحصل على الجائزة الشعلة الفضية.. وهي أهم جائزة في المهرجان، وفي اكتوبر 2000 شارك الفيلم ضمن فعاليات مهرجان قرطاج الدولي ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة، والذي تحصل فيه على جائزة التانيت الفضي، الى جانب أستحسان النقاد والمشاهدين على حد السواء.
– السينما في ليبيا بعد فبراير 2011
في يوليو 2014، تم عرض فيلم (الإمارة) وهو من إخراج مؤيد زابطية، تأليف هاشم الزروق، انتاج مؤيد فيلم، بطولة، وهيب خالد، ن أنور البلعزي، نضال كحلول، عبداللطيف الجعفري.
ويعتبر فيم (الإمارة) أول فيلم ليبي يشارك ضمن مهرجان كان السينمائي الدولي ضمن فئة الأفلام القصيرة عام 2015.
في أغسطس 2015 تحصل الفيلم على جائزة أفضل مونتاج في مهرجان “تي ام اف اف” العالمي من بين مائة واربعة فيلم مشارك.
– في سنة 2014 أيضا تم عرض الفيلم القصير، (العشوائي) وهو من إخراج أسامة رزق وتأليف سراج هويدي، ومن انتاج مؤسسة العين وشركة أرت برودكشن وبطولة نادر اللولبي، ومحمد عثمان، وواصف الخويلدي، ورمضان المزداوي، ومهند كلاش ومحمد الصادق.
في 2016 تم عرض فيلم (الحُلم) من إخراج وتأليف رمضان المزداوي، من انتاج المزداوية للإنتاج الفني والاعلامي بطولة ياسين الفقيه ومصباح عبدالعزيز، شارك في عدة مهرجانات عربية ودولية منها تحصله على الجائزة الأولى في مهرجان السينما المغاربية عام 2016، كما شارك في مهرجان كردادة للفيلم الأفريقي، كما تم عرضه على هامش مهرجان العودة السينمائي الدولي المقام في فلسطين، والمهرجان السينمائي الاورو افريقي_المغرب في 2022.
في اكتوبر 2016 نال جائزة أفضل فيلم أفريقي، بعد أن تم اختياره من بين 53 فيلمًا في مهرجان «آرت سيتي» للفيلم القصير المقام بالكاميرون.
كما تحصل على جائزة الواحة للأفلام القصيرة في الدورة الثانية بالمهرجان الدولي للفيلم العربي، الذي أقيم بولاية قابس التونسية.
– في مايو 2018 تم عرض فيلم (جثة ناجي)، وهو من النوع الدرامي، إخراج، رؤوف بعيو، تأليف هاشم الزروق وهو نجل المخرج عبدالله الزروق، ومن إنتاج قطاع خاص، المنتج المعتز سوالم، بطولة، نضال كحلول، أنور التير، خالد القماطي.
-حقول الحرية.. والحيرة في تصنيفه
صراحة احترت في تصنيف هذا الفيلم من النوع الوثائقي، فهل ممكن ان نصنفه كفيلم ليبي لان مخرجته من أصول ليبية ويتحدث عن ليبيا ام نصنفه كفيلم انجليزي لمخرجة تحمل الجنسية الإنجليزية والتي كانت زيارتها الأولى الى ليبيا بعد العام 2011 او ما يعرف بالربيع العربي!!
المهم الفيلم من النوع الوثائقي تم عرضه في 2018 شارك في مهرجان تورنتو السينمائي وعرض في ومعهد السينما البريطاني. وهو من إخراج الانجليزية الليبية، نزيهة عريبي، ويتحدث عن كرة القدم والنسويات وما بعد ثورة فبراير وانتهاء حكم العقيد معمر القذافي.
-صرخة وجع ومعاناة مرضى الأورام
فيلم صرخة وجع، عرض للمرة الاولى في مارس 2020 بقاعة وزارة الاقتصاد بمنطقة قاريونس في مدينة بنغازي وكان عرض خاص بالفنانين، من إخراج وتأليف فوزي العبيدي، وإنتاج خاص للمنتج فوزي العبيدي، من بطولة فوزي العبيدي، وسالم عيسى، وحسين المنصوري، وماجدة الدكتور، وسالمة يوسف، وأيمن نحول، وروز سعد الدباغ، وطارق بوقرين، وعلى الأوجلي، الفيلم تدور أحداثه حول معاناة مرضى الأورام.
في ختام هذه الجولة التي حاولت من خلالها تتبع الحركة السينمائية الليبية والتي بدأت منذ أربع عقود تقريبا وهل من الممكن اعتبار الأعمال التي تم تقديمها خلال هذه السنوات تجعل من ليبيًا دولة منافسة او في ذات مصاف الدول الجارة لنا على سبيل المثال في مجال السينما مثل تونس ومصر وحتى تشاد التي بدأت فيها السينما عام 1958 ومن تم توقفت نظرا للحروب الاهلية واليوم تعود وبقوة مع انها ام اعتبارها مقارنة بجيرانها سينما ناشئة
وأيضا حتى مقارنة بدول أفريقية وعت مبكرا اهمية السينما للقضاء على الصورة النمطية لبلادهم في الخارج مثلما حدث في نيجيريا.
طبعا مقارنة ما يتم تقديمه في ليبيا مع دول مصر وتونس تعتبر السينما فيها صناعة سيكون به نوع من الاجحاف والظلم للفن الليبي بشكل عام وللسينما بشكل خاص.