طيوب عربية

آلهة حزينة!! الشاعرة المغربية خديجة أمجوض – زهرة البرق.

آلهة حزينة!! الشاعرة المغربية خديجة أمجوض - زهرة البرق.
آلهة حزينة!! الشاعرة المغربية خديجة أمجوض – زهرة البرق.

” لم أستطع أن أنقذ المدينة
وما استطعت في الغروب أن أطير
كي أبشر الحشود بانحسار الموج
عن أضالع السفينة

ولا أرى وغدا سوايَ
تنبت الكروم في يديّ مثلما
هنا على لساني
تنبت القصائد الهجينة

ولستُ من تفوز بالأمير
حتى لو قصصت كاحلي
فالصندل الماسيُّ
في حكاية الرماد
لا يناسب الأوانيَ الحزينة “.

(من نص: آلهة حزينة)

من المملكة العربية المغربية نتوقف مع شاعرة مغربية من جيل الشباب مسكونة بوجع القصيد تحلم بالحلم المهيض من باحة النزال شرقا وغربا تتوشح باللون الأسود تستدعي ملحمة الخنساء من غياهب المستحيل هكذا..
وشاعرتنا خديجة أمجاض ” زهرة البرق ” تؤكد وتجزم على مدى صدق نبوءتها، وكم كانت ترثي مشروع الحداثة.. لكن يبدوا أننا لم نخسر فقط مشروع المدينة.. خسرنا حتى أنفسنا..
وتتشبث بمدينتها الفاضلة في عودة اليقين..
وهي تجيد فن الإنشاد بطلاقة في اللقاءات وتكتب القصيدة العمودية بكافة خصائصها الفنية المتوارثة متجددة مع روح الحداثة وقضايا المجتمع في لغة رصينة من معجمها الخاص المتفرد ذات الدلالات والصور والأخيلة والإيقاعات التي تسيطر على المشهد في عفوية تزين صدى الذكريات والمسافات..
كم تبحر بنا في رحلة الشعر المرسل (التفعيلة) بتهويمات جمالية فلسفية تشرق من أغوار النفس المكلومة..
ولِمَ لا وهي فارسة اللغة العربية في محراب التربية..
ومن ثم نجد كلماتها بكر مبتكرة من مخزون الشجن تعزف متتاليات حزينة تعكس مرايا الواقع وسط زحمة الصراع في بلاد الحب المهجورة والذكريات المجهولة.

نشأتها:

ولدت الشاعرة المغربية خديجة أمجوض، في مدينة تارودانت بالمملكة العربية المغرب.
تعمل استاذة للغة العربية بالسلك الثانوي الإعدادي.
المنجز الشعري:

= لها ديوانان:
الأول نصوص عمودية بعنوان (الخزاف والفراشة).
والثاني نصوص تفعيلة بعنوان (آلهة حزينة).

مختارات من شعرها:

وفي قصيدة بعنوان (رائحة التراب) نرى شاعرتنا المغربية خديجة أمجوض تعانق مسافات الألم في شموخ وكبرياء حيث التاريخ والتراث والأصالة متدثرة بالأمل تتلقف النبوءة في زمن مقيد بالسطو والشر، فتقول فيها:
لا بنت
تلتقف النبوءة قالها
لما تأمل في السماء
سبيل
قد كان في أثر الوعول محدقا
وأنا
ألوح ها هو القنديل
..
ماذا أقول؟
وكيف أفصح بعدما
سبقت إلى نبعي القديم.. وعول؟
النبع جف
ولم أرج أساوري.. حتى يشفّ
قميصيَ المبلول
.. في الفجر كنت
إذا لمست قصيدة
صارت كروما من يديّ
تسيل
والليل كانت في يديّ
نجومه
ترتاح حين
يحوزها أيلول
لم يبق برق
في سواد ضفائري
ما عاد في صدر الربيع
خميل
حتى غصين اللوز
حين أضمه يغدو رمادا
عوده المجدول
في الجو رائحة التراب
عبيرها كالنبع ينعش
سحرها المجهول
من فحلها الطيني
تسكب سلة الخشخاش
ساخنة إليّ
تقول
الكرم يرفع للطيور ثديّه
السوداء
قانية تسيل تسيل
لا ذات تمتلك القصيدة هكذا
سيعود نحو سمائنا
الإكليل.

وفي قصيدة أخرى نلمح شاعرتنا المغربية خديجة أمجوض تتسابق في خُطى متعثرة على شفا صخرة صامتة ربما توشوش أصداف النهر المضطرب الهائج من عزلة الوقت ومجابهة أمواجه للمعتدي الذي يشق عباب الشر دون اعتبار فتقول في تلك القصيدة:
على صخرة في النهر
تغسل عقدها
ويرهقها
أن تذرع الليل وحدها
سلال من التوت المميت تكدست
على دربها والنهر
يركض ضدها
وبدر كئيب
شاخ فيه زمانه
تنفس في سرب النجوم
فصدها
لقد عتّمتْ كل الحقول
ولم يعد
هنالك من وقت
لتنجز وعدها
كفستانها البري
فرّت دموعها بلا وجهة
والريح تمضغ نردها

وتظل متعبة من مشاهدة الواقع الذي يعصف بحلمها في براح فضاء الأشياء التي فقدت أبسط قوانين الحياة فتقول في هذه المقطوعة:
أراه يلملم أشلاءه في الطريق
ويهمس
معذرة منك يا سيدي

عندما توصل الأصدقاء هناك
إلى صفنا المدرسي

أريد من الباص أن ينقل الخطو
نحو الفضاء إلى كل شيء
إلى أي شيء
فقط لا يعدني رجاء إلى
صدر هذي الأغاني الخليعة

يقولون إن الوطن
ما تنام على صدره
مطمئن الوسن!

ما نراه صغارا على سقفنا
ما يقول الحمام لأيكته
في ليالي الشجن!

ما يقول المساء
إذا ضربت في السهول
أصابعه الباردة!

ما يدس الشتاء من الحقل
في أضلع المائدة!

يومها لم يقولوا لنا إن صدر الوطن
متخم بالطيور
التي مهرت رأسها
أدمع سقطت من صهيل الدمن

لم يقولوا لنا يومها
إن هذا الوطن بارد
معتم كالكفن.

ونختم لشاعرتنا المغربية خديجة أمجوض بهذه القصيدة تحت عنوان (بيت الرب) في مجاز تستدعيه للوصول إلى معادلة الحقيقة الغائبة فتقول فيها:
الليلُ غالبا هنا
يجتازه الصغيرُ بالبكاءْ!!،

لكنني في قصتي
أريد أن أكون وحشا ممسكا بالبرقِ؛
يطعن الرياح إذ تمر من قُرانا
دون أن تحرك السياج

لا أريد أن أكون طفلا.. موحشا
يلتف حول ثغره
الصنوبر البَكَّاء

يا ليتني كالبرق
من ثياب غيمة أحوك ما أشاءْ
أزهارَنا القمراء
في بداية الشتاء

ترابَ بيتنا القديم للخبازى
يفتح الجدار

يا ليتني إذا لمست كرمة
أعَدْتها مضروبة بالبرق للتراب

يا سيدَ الأزهارِ
هل هناك في قميصك الطيني
ما يعين طفلا
عائدا من غابة البكاء؟

هل هناك في قميصك الطيني
نحلة.. تحوم حول بيت الرب
بين الثوب والأضلاع

أو وردة يسيل من بتلاتها
القوراء حَبُّ الماء؟

يا ليتني.. يا برق أستطيع أن أراكْ
ملطخا بالطين وسط الدار
لا تنام حتى تصلح الألعاب

يا ليتني يا برق أستطيع أن أكون
ها هناك
حين تنثر الأزهار.

وبعد هذا العرض الموجز لعالم شاعرتنا المبدعة (زهرة البرق) المغربية خديجة أمجوض، التي نسجت قصائدها من رحم المعاناة مفروشة مطاردة بين الخمائل والجبال في لحظة صراع وقلق تنشد القيم والسلام دائما.
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي إن شاء الله.

مقالات ذات علاقة

عَـدُوُّ الــجَدِّ

عبدالناصر عليوي العبيدي (سوريا)

تسألني الحانات

أغاني تروبادور مجهول

المشرف العام

اترك تعليق