د. مفيدة محمد جبران
حديثنا اليوم عن الإشاعات، أدواتها وآثارها علي الفرد والمجتمع.
الشائعات المغرضة تكثر في وقت الأزمات وغالبا ما يكون مصدرها الجهات المناوئة والمستفيدة منها، لتحقيق غايات وأهداف في العمق الاستراتيجي لدس السم بالسم.
ومن المسلمات المعروفة أن الإشاعة أكثر فتكا ودمارا للفرد والمجتمع من الأسلحة النووية، لأنها تعمل علي العقل الإنساني والفكر الانساني، فهي تخترق العقل لا الجسد. والإشاعة أشد فتكا من القتل، فهي وسيلة فعالة للفتنة والوقيعة بين البشر، وتؤدي بالطبيعة إلى إهدار الدماء. وأصدق دليل قول الله عز وجل (بسم الله الرحمن الرحيم؛ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ-صدق الله العظيم) سورة البقرة: 191.
والاشاعة هي أداة وبيئة خصبة للفاسدين والمفسدين وأصحاب القيل والقال، وأصحاب التوجهات السياسية الخاصة التي تستعمل الاشاعة لغرس بذور الفتنة ونشر الاحقاد ومحاولة خلخلة الاستقرار والعبث بالوحدة الوطنية. وأثارها بشعة، بشاعتها على الفرد والمجتمع والدولة هذا المثلث الذي إذا اختل او انهار جزء منه انهارت المنظومة كلها.
عموماً الإشاعة قديمة قدم الإنسانية، وفي كل عصر تختار أدواتها. والاشاعة في وقتنا الحاضر أخطر وأكثر فتكا لسهولة انتشارها عبر أدوات الاتصال الحديثة؛ عبر القنوات الاعلامية وصفحات التواصل الاجتماعي وغيرها. وخاصة أن الإحصائيات العالمية اثبتت تزايد عدد مستخدمي الأنترنت ففي عام 2018 كان عدد المستخدمين 6 مليون ومنطقة الشرق الاوسط لها نسبة 48%. اما في عام 2019 أصبح عدد المستخدمين نحو 136.1 مليون شخص ومنطقة الشرق الاوسط بنسبة 53%.
ونسبة الاستخدام في الشرق الاوسط في الدقيقة: 3.7مليون عملية بحث على الجوجل 4.3مليون مشاهد على اليوتيوب .973مليون على صفحات الفيس .174مليون انستغرام .38مليون واتس اب. 481 ألف تغريدة .187م بريد الكتروني.
وخطورة الاشاعات في انها تعمل على ضرب التماسك الاسري وتؤثر تأثير مباشر على اداء الفرد في الاسرة وفي المؤسسات الحكومية. بدلك تعمل على زعزعة الثقة بين الدولة والشعب. وتعمل على زعزعة الثقة بين رجالات الدولة والاجهزة الامنية وغيرها. من خلال ترويج اخبار كاذبة واتهامات باطلة من حاقدين مدلجين منتفعين او عمن باحثي عن الشهرة وكلهم ناقصين عقل ودين.
وهنا نصل ان زعزعة الامن المجتمعي كجزء من الامن الشامل للمجتمع. وإثارة الفوضى بين أوساط المجتمع وأضعاف الروح المعنوية ونشر الخوف والترقب وعدم الاطمئنان كله يؤدي الي اعاقة نمو الدولة وتقدمها، ويعرقل السياسات العامة التنموية والاصلاحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
والشيء الأهم أن الاشاعة الاخطر في وجه نظري التي تعمل على إضعاف همة الشباب وهم صناع التغيير وقيادات المستقبل. من خلال بث الشائعات التي تهدف للطعن في نزاهة ومصداقية رجالات الدولة ورجالات الدين ورجال الحكمة. وهدا لخلق حالة من فقدان الثقة وتلاشي مفهوم القدوة الحسنة بدلك يخلق جيل مهزوز غير سوي فاقد للثقة بنفسه وبغيره.
أما أنواع الإشاعة فحدث ولا حرج؛ التضخيم – تقزيم الافكار – صناعة حدث –التجريح –الخ.
إذن الإشاعة تعمل على تفتيت وحدة البلاد وتقسيم المجتمع إلى فرق وجماعات متناحرة وتضخيم الفجوات والخلافات بين الشعب والحاكم. وتعمل على استغلال بعض الاحداث لانتقاد أداء الحكومة وإثارة النعرة القبلية والبلبلة سعيا لزعزعة الامن الداخلي والخارجي.
الاشاعة مدمرة للفرد والدولة مما يتوجب علي الجميع محاربتها من خلال:
– الفهم الدقيق لأسباب ومسببات الاشاعة والتي اساسها الجهل وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
– الخوض بجهل في مواضيع لها اثار بعيدة المدي بقصد او بدون القصد وسببها ضعف الوازع الديني لدلك لابد من تقوية الثقافة الدينية الوسطية.
– تقوية ثقافة الوعي الثقافي والامني وحس المسؤولية اتجاه الوطن.
– لابد من الأخذ بدستورنا الالهي القران الكريم بما جاء فيه (بسم الله الرحمن الرحيم – يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ – صدق الله العظيم) سورة البقرة: 6.
– تفعيل قوانين المحاسبة الخاصة (بالجريمة الإلكترونية) ومسالة المتورطين أمام الشعب علي قنوات الاعلام.
– اصدار قانون للجريمة الالكترونية.
– نشر التوعية بالخصوص في المناهج التعليمية وربط وتشابك بين الوزارات المعنية.
19-2-2020م