نعمان مصطفى السالم | سوريا
– يسعد صباحك حبيبة قلبي.
هكذا خاطب ذلك الرجل القروي الضخم البسيط القاضي الجالسة خلف قوس المحكمة بكل هيبة ووقار ووسط ذهول الحاضرين واستغرابهم، ودون أن يلحظ نظرة الاشمئزاز والغضب والاحتقان التي التمعت في عيني القاضي التي حاولت أن تضبط أعصابها كأنما لتتأكد مما نطق به ذلك القروي الأحمق.
– ماذا قلت؟ سألته بلهجة حادة وجافة.
تلفت القروي حوله ليتأكد فيما إذا كان السؤال موجهاً إليه أم لا.
– يسعد صباحك حبيبة قلبي. هذا ما قلته حبيبة قلبي.
انتفضت القاضي من خلف القوس ووقفت بكل قامتها وصرخت بوجهه:
– وتعيدها أيضاً؟؟ أنت شخص قليل الأدب. هيا أخرج من المحكمة.
ارتبك القروي وحاول أن يفهم سبب هذا الغضب المفاجئ للسيدة القاضي. فقال لها وهو يبتسم ابتسامة ساذجة:
– الله يرضى عليكِ حبيبة قلبي، أنا جئت إليكِ حبيبة قلبي……
– أخرس……. أين تظن نفسك؟
– ولكن جئت حبيبة قلبي من أجل القضية حبيبة قلبي. و……….
وقبل أن يكمل كلامه ضغطت القاضي على زر الجرس ليدخل على الفور اثنان من رجال الشرطة.
– حاضر سيدتي. ماذا تأمرين؟
– خذوا هذا الرجل قليل الأدب وضعوه في النظارة، ثم خاطبت كاتب المحكمة.
– هيا افتح الضبط.
فتح الكاتب الضبط وراح يكتب بتلقين من القاضي:
– في يوم الثلاثاء الواقع بتاريخ /13/ أكتوبر/ قام المدعو ……… أثناء انعقاد جلسات المحاكمة بالإساءة إلى هيئة المحكمة و………………………….، ولذلك قررنا توقيفه في نظارة المحكمة وإحالته إلى النيابة العامة لتحريك الدعوى العامة ضده بجرم الإساءة إلى هيئة المحكمة.
وقف القروي أمام الضابط الشاب وهو في حالة ذهول مما حصل، ودون أن يعرف لماذا أحضره الشرطيان إلى هذا المكان , ولكنه شعر بالارتياح عندما شاهد الضابط الشاب، فبادره قائلاً:
– يسعد صباحك حبيب قلبي.
– ماذا قلت؟ حبيب قلبك؟ فعلاً أنك قليل أدب.
هيا نظموا الضبط اللازم وأحيلوه إلى النيابة العامة.
راح أحد رجال الشرطة يكتب بسرعة:
– في يوم الثلاثاء الواقع بتاريخ /13/ أكتوبر /………………. ونظمنا الضبط على ثلاث نسخ، الأولى مع الموقوف إلى النيابة العامة لتحريك الدعوى العامة ضده بتهمة الإساءة إلى هيئة المحكمة و إلى ممثلي السلطة التنفيذية ……….
– يسعد صباحك حبيب قلبي، قال الرجل القروي مخاطباً قاضي النيابة……….
– حبيب قلبك؟ شيء جميل. خذوه إلى أحباب قلبه. قال القاضي مخاطباً رجال الشرطة.
فتح الشرطيان باب الزنزانة ودفعا بالقروي نحو الداخل دفعة قوية جعلته يسقط على الأرض استمتع هنا مع أحباب قلبك. قال الشرطي.
نظر القروي من حوله وهو في حالة من الذهول والارتباك والبلاهة بنفس الوقت محدقاً بتلك الوجوه الكئيبة وقال موجهاً كلامه للجميع:
– يسعد أوقاتكم حبايب قلبي………
وقبل أن يلاحظ نظرات الغضب والاشمئزاز في عيونهم.. انقضّ عليه ثلاثة من الرجال الضخام وطرحوه أرضاً وراحوا يركلونه بأقدامهم.
– ولكن ماذا فعلت حبايب قلبي؟؟ لماذا أنتم.
أخرس أيها الحيوان. ألا تعرف بأن الحب محرّم في هذه البلاد.
اخرس……… حيوان……….. حيوان…………….