المقالة

ما الفائدة من تعلم النحو؟

من أعمال التشكيلي الليبي محمد الخروبي
من أعمال التشكيلي الليبي محمد الخروبي

يقول النحاة؛ إن حركات الإعراب في اللغة العربية لها فائدة كبيرة في توضيح المعنى على القارئ أو السامع، والواقع إني كلما حاولت أن أقنع نفسي بهذا الهراء لا أجد شيئًا من الفائدة في حركات الإعراب وقد عجزت، وأرجح الظن أن الإعراب ليس سوى زخرفة لفظية لا طائل من وراءها غير مزيدٍ من التعقيد والعبث، حاولت البحث أكثر لعلي أجد توضيحًا في موضوع الممنوع من الصرف أو المنادى أو المستثنى أو بالا أو أن وأخواتها أو ما شابه فلم أجد شيئا…

هم يقولون؛ إن المنادى مثلا يجب أن يبنى على ما يرفع به إذا كان نكرة مقصودة، ويجب أن ينصب إذا كان نكرة غير مقصودة، ومعنى ذلك وجب على المنادي إن يعرف كيف يميز بين المقصود وغير المقصود – لست أدري يا سادة أيمتنع أحد عن الاستجابة لندائك إذا وجد فيه خطأ نحويًا، إنك تناديه والسلام، وكثير ما تسمع حتى البهيمة فتستجيب لك وهي لا تدرك لا إعرابا ولا هم يحزنون.

إني والله لا أرى أن هذا الجدل ما هو إلا جدل عقيم لا طائل من وراءه، إلا مزيدًا من التعقيد وإضفاء قالب القدسية والغموض على اللغة،  يثقل كاهل التلاميذ على تعلمها، فتعلم أي لغة كانت لا تؤخذ بالقواعد بل تأتي ممارسة واستماعًا بمجرد مشاهدته لأفلام أو مسلسلات أو اختلاط بأقوام..

قال أحد النحاة مبينا أثر اختلاف المعنى بناءً على قواعد النحو :

1 اشتريت ثلاث صناديق كتبا = هذه الجملة يقصد بها شراء كتب تملأ ثلاث صناديق.

2 اشتريت ثلاثة صناديق كتب = أما هذه الجملة فتدل على شراء صناديق للكتب، من غير إشارة إلى شراء الكتب معها.

وفي رأيي؛ إن المستمع البسيط لن يلاحظ الفرق بين الجملتين إن لم يكن على دراية تامة بقواعد النحو، وقد يلتبس عليه الأمر إن تعلم القواعد، فلا يستطيع من بعدها تركيبة جملة مفيدة أو فهم جملة كما ذكرنا بالجملتين في الأعلى، وبدل من إضافة كلمة أخرى لأجل التوضيح نراهم يعمدون إلى إبقاءها كما هي.

صنعت اللغة قبل أن تصنع القواعد النحوية، وحين ولدت العربية على لسان البادية لم يكن هناك سيبويه ولا شفوتيه ولا حمسويه ولا غيره، وكم من مناسبة حدث الجدل فيها عن اعراب جملة احتكم سيبيويه وأشباه سيبويه إلى لسان أعرابي لا يعرف القراءة ولا الكتابة.

ذات مرة قرأت الخلاف الذي دار بين أبا إسحاق الكندي، الفيلسوف العربي المشهور، سأل أحد النحاة عن فائدة النحو وجاء بجمل ثلاث ليستفهم عما فيها من فروق معنوية وهي كالتالي :

 1. عبد الله قائم.

2. إن عبد الله قائم.

3. إن عبد الله لقائم.

يقول النحوي إن في الأولى إخبار عن قيام عبد الله، والثانية جواب عن قيامه، وفي الثالثة جواب عن إنكار منكر لقيامه.

ولا أدري كيف اعترض الكندي على ذلك، ولو كنت مكانه لقلت للنحوي: (سامحك الله يا خوي، ليش تعقد فيها وما فائدة هذه الفروق في الحياة العملية)، أليس من الأفضل أن نجيب على سؤال السائل وانكار المنكر من غير حاجة إلى هذه التعقيدات اللفظية، هناك الكثير من أتباع النحاة يرون في كثرتها أن لها فائدة عظيمة ولو قلت لهم أن الخطباء الذين يخطبون الجماهير كجمال عبد الناصر والقذافي وغيرهم يلقون خطابات حماسية يلهب قلوب المستمعين لما فيها من قدرة الشخصية على جعل الجمل مشحونة بكم هائل من العواطف التي تحرك الجماهير، وليس لهذه الخطب الحماسية أي قواعد نحوية لإيصال ما يقولونه للعامة بقدر ما يعتمدون على اللحن في الخطابة وارتفاع الصوت وانخفاضه والتفاعل مع كل جملة عبر لغة جسدية بإيماءات تزيد هيجان عواطف الجماهير أكثر، ولو قلنا أنهم فعلوا ذلك وأخذوا بالقواعد النحوية لما كان لها أثر وقعا قوي على النفوس، لان التفكير في القواعد يجعل المتكلم في حالة من الوسواس القهري فإذا ما أراد قول شيء فكر بأي مبتدأ يبدأ وأي نصب أو رفع  للكلمة يمكن أن ينتهي عندها وبهذا يختل توازن الجملة معنا ولفظا فلا يستطيع أن يوضح ما يريده المستمع أن يقول، فما فائدة كثرة هذه القواعد وارغام التلاميذ على تعلمها.

مقالات ذات علاقة

الصحافة والإعلام في مسودة الدستور الليبي*

يونس شعبان الفنادي

مبادرة : صالح قادربوه : محاولة أخيرة لإنقاذ الثقافة الليبية

صالح قادربوه

الشاعر الكبير مفتاح العمّاري يصفع التوحش

يونس شعبان الفنادي

4 تعليقات

د سالم محمد عيبلو 12 يونيو, 2024 at 20:29

لا أحد يلزم الأطفال ولا غيرهم بتتبع قواعد اللغة والنحو فهي ليست لضعاف العقول ولا للأطفال ،
النحو وضع بعد استقراء النصوص وله أهداف كثيرة وقد حققها، ولا يعنيه ابدا ان يتضجر طالب او كاتب او ان تستعصي مسائله على من يطلبه.
قلنا لقد نجح النحو في الحفاظ على اللغة العربية، فإنك لاتجد لغة تقاوم التطور والذي هو من طبيعة اللغات أكثر من العربية، فنظام الجملة وأكثر المفردات وجل الصيغ الصرفية مازالت هي السائدة في الكتابة.
لقد صرح غير واحد بأن النحو حفظ للغة العربية خصوصيتها وصد التطور عنها.
النحو أداة لاكتساب اللغة وقد نجح في تعليم الناس اللغة العربية.
النحو أداة لقراءة النصوص وتفسيرها وقد نجح.
النحو أداة لإصلاح كلام من أخطأ.
واللغة اي لغة تستعمل اشياء كثيرة تضمن وصول الفكرة وانتقال المعنى.
منها السياق المقام والمقالي.
ومنها الاتساق في الروابط وفي عود الضمائر.
ان النحو صرح عظيم كامل البنيان، فيه صعوبة نعم وفيه استقصاء نعم، والاعراب حلية في الكلام وزينة في الخط وحارس المعني.
قد يستغنى عنه في مواضع ولكنه ضروري في مواضع أخرى.
ان النحو علم يستحق أن نفخر به، وإن جهود القدماء يجب ان نحترمها، ويحسن بنا ويجدر ان نعبد الطرق إليها لننهل من معينها الذي لا ينضب
وما يعنينا كثيرا نقد الناقد ين.
فإن النحو وان كان صعبا فله فواىد كثيرة، وهو الآن مبسط يدرسه طلاب السنة الرابعة يعرفون الجمل ونماذجها الكلية.
وبارك الله في جهود السابقين واللاحقين الذين رفعواء لواء العربية عاليا.
ان اللغة وطن، ودولة، وكساء، انها قصيدة حب ولحن شجي، انها تاريخنا، انها تربطنا بالماضي وتشعرنا بتميزنا في الحاضر.
إنا لغتي انا لغتي ولم اسمع يوما فرنسا يتضجر من الفرنسية فما بالنا نتضجر منها وهي من أجمل اللغات.
ان لغتي كأمي ستبقى في نظري أجمل أم. وان لم يكن هذا رأي الناس فيها.

رد
د سالم محمد عيبلو 13 يونيو, 2024 at 02:09

لا أحد يلزم الأطفال ولا غيرهم بتتبع قواعد اللغة والنحو،
النحو وضع بعد استقراء النصوص وله أهداف كثيرة وقد حققها، ولا يعنيه ابدا ان يتضجر طالب او كاتب او ان تستعصي مسائله على من يطلبه.
قلنا لقد نجح النحو في الحفاظ على اللغة العربية، فإنك لاتجد لغة تقاوم التطور والذي هو من طبيعة اللغات أكثر من العربية، فنظام الجملة وأكثر المفردات وجل الصيغ الصرفية فيها مازالت هي السائدة في الكتابة.
لقد صرح غير واحد بأن النحو وهو معيار الكلام حفظ للغة العربية خصوصيتها وصد التطور عنها.
النحو أداة لاكتساب اللغة وقد نجح في تعليم الناس اللغة العربية.
النحو أداة لقراءة النصوص وتفسيرها وقد نجح.
النحو أداة لإصلاح كلام من أخطأ وتفسير كل تركيب غامض .
واللغة اي لغة تستعمل اشياء كثيرة تضمن وصول الفكرة وانتقال المعنى.
منها السياق المقامي والمقالي.
ومنها الاتساق في الروابط وفي عود الضمائر.
ان النحو العربي صرح عظيم كامل البنيان، فيه صعوبة نعم وفيه استقصاء نعم، والاعراب حلية في الكلام وزينة في الخط وحارس المعني.
قد يستغنى عنه في مواضع ولكنه ضروري في مواضع أخرى.
ان النحو علم يستحق أن نفخر به، وإن جهود القدماء يجب ان نحترمها، ويحسن بنا ويجدر ان نعبد الطرق إليها،
وما يعنينا كثيرا نقد الناقد ين.
فإن النحو وان كان صعبا فله فواىد كثيرة، وهو الآن مبسط يدرسه طلاب السنة الرابعة يعرفون الجمل ونماذجها الكلية.
وبارك الله في جهود السابقين واللاحقين الذين رفعواء لواء العربية عاليا.
ان اللغة وطن، ودولة، وكساء، انها قصيدة حب ولحن شجي، انها تاريخنا، انها تربطنا بالماضي وتشعرنا بتميزنا في الحاضر.
إنا لغتي انا لغتي ولم اسمع يوما فرنسيا يتضجر من الفرنسية ولا انجليزي سب نحو الانجليز فما بالنا نتضجر منها وهي من أجمل اللغات.
ان لغتي كأمي ستبقى في نظري أجمل أم. وان لم يكن هذا رأي الناس فيها.

رد
المشرف العام 13 يونيو, 2024 at 06:16

نشكر مرورك الكريم

رد
قصي البسطامي 18 يونيو, 2024 at 12:02

لا أحد يسب لغته او يضجر منها وربما من الواضح أن ليس لك اطلاع على اللغة ولا على فهم النقد ومهمة النقد وأهمية النقد، في معالجة اكبر القضايا أهمية، عليك ان تراجع ردودي على المنشور بالفيس، للتضح الرؤية عندك بشكل أكبر، وتعرف سبب نفدي لقواعد النحو التي اثقلت كاهل الطالب في تعلمها

شكرا لاضافتك

رد

اترك تعليق