المقالة

الجمعيات الخيرية بين الإذلال والاستغلال

من أعمال التشكيلية شفاء سالم
من أعمال التشكيلية شفاء سالم

انتشرت الجمعيات الخيرية في ليبيا في العقود الأخيرة، وأصبح في كل حي وكل شارع جمعية خيرية، والأمر لا يرتبط بمتغيرات 2011 كما قد يتصوره البعض، بل من قبل ذلك بكثير.

المهم إن انتشار هذه الجمعيات أصبح لا حد له، وهو أمر قد يطرح عديد الأسئلة لها علاقة بوجود وانتشار هذه الجمعيات وأهمها؛ هل أصبح الفقر في ليبيا الى هذه الدرجة فعلًا؟؟!! حتى يتطلب الأمر وجود مثل هذا العدد من الجمعيات، أم إن الأمر مجرد وسيلة للبعض للشهرة والتقرب من السلطة، والبحث عن مواقع من خلال هذه الجمعيات، إضافة إلى استغلالها في الحصول على الثروات من بعض ضعاف النفوس.. وإن كان هذا ليس الأمر الأساسي الذي أريد الحديث عنه في هذا المقال.

حيث إن السبب الأساسي هو ما يحدث بهذه الجمعيات، ما يجعل منها مكان لإذلال المحتاجين واستغلال الطامعين ومن لا حاجة لهم، بما تقدمه هذه الجمعيات الخيرية من عمل خيري يفترض أنه مخصص للمحتاجين فعلا، وليس لمن لا قناعة عندهم ولا ضمائر، يقودهم الطمع للحصول على ما ليس من حقهم.

إن من يريد مساعدة المحتاجين، وخاصة باسم الجمعيات الخيرية وغيرها، عليه أن يبحث عنهم لا أن يتركهم يأتون إليه، ويقفون أمام أبواب جمعيته، في وضع مزري لا يحمل إلا الإذلال والتسول والقهر، تحت حرارة الشمس وعلى الطرقات وأمام الأبواب، منتظرين أن تفتح لهم دون مواعيد، وهو ما يحول الأمر إلى وسيلة لفقدان الكرامة لا لسد الحاجة والمساعدة الإنسانية.. لهذا على كل من يتصدر هذا الأمر أن يفعل ذلك بشكل يحافظ فيه على كرامة ومكانة من يساعدهم لا العكس، وليذهب هو للبحث عنهم.. وأفضل أن يكون ذلك بعيدًا حتى عن الكاميرات والشاشات، لا كما يفعل بعض الأدعياء الذين لا يحلو لهم فعل الخير إلا أمام الشاشات وعلى القنوات، ليتحول الأمر إلى شهرة ودعايات لا فعل خير ومساعدات.

إن ما يحدث أمام الفلل التي يقال إنها مقرات لجمعية خيرية، وحتى بعض المدارس التي تحولت بقدرة قادر هي الأخرى إلى مقرات لبعض هذه الجمعيات لتقديم مساعدات مالية أو عينية، خاصة في المناسبات الدينية ومنها شهر رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى، يقدم صورة مشينة لبعض المترددين عليها كل عام، ما يجعل الواحد ينظر إلى مثل هذه الأفعال بشكل سلبي أكثر مما فيها من إيجاب.. طبعا دون نسيان ان هناك من لا حاجة له لهذه المساعدات، لكن الطماع وعدم القناعة يقوده لاقتناص الفرصة، ولو على حساب كرامته وحاجة الآخرين وهم كثر ومنذ سنوات.

فمن أساسيات عمل هذه الجمعيات يفترض أن تغير من طريقة التعامل مع أصحاب الحاجات فعلًا، بحيث يتم إيصال ما تقدمه لهم إلى أماكن تواجدهم ودون مشقة أو تعب، وبكل عزة نفس وحفظ للكرامة البشرية، دون أي إذلال أو احتقار كما يحدث ونسمع عنه لدى بعض هذه الجمعيات، أو حتى نشاهده من ازدحام وتذلل أمام بعضها، ولعلى ما يحدث ونشاهدها بشكل شيه يومي خاصة في المناسبات الدينية، لعل شهر رمضان المبارك والأعياد أكبر مثال على ذلك، وفيه يزداد التعامل مع المتردين على هذه الجمعيات ولكن ما يحدث لهم من تعامل وانتظار وطوابير لا تقدم إلا الإذلال والقهر لهؤلاء المترددين على الجمعيات للحصول على ما تقدمه من مساعدات.. دون ان ننسى ان هناك متطفلين ومن لا حاجة لهم لكنهم لا يتركون مناسبة إلا ولهم وجود عند هذه الجمعيات فتجد من تركب أفخم السيارات -طبعا فأكثر المترددات على هذه الجمعيات هن من النساء- وتقوم بإيقافها بعيدا عن مقر الجمعيات حتى لا يشهد ممن هم بداخلها ما تملكه، من أجل الحصول على سلع قد لا تساوي حتى عشرات الدنانير في بعض الأحيان، فيما هي ترتدي من الذهب وغيرها ما يساوي الآلاف فهل مثلهن محتجات حقا..

إن الأمر يطول فيه الكلام، فهل من استجابة من أصحاب الشأن؟؟!!

مقالات ذات علاقة

فقرة ناقصة مهمة بمهرجانات التراث

المشرف العام

جبروت العقل

محمد عقيلة العمامي

مشهد سقوط حرف الراء من (الحرب)

يونس شعبان الفنادي

اترك تعليق