متابعات

حوارية تناقش مشكلات التوثيق البصري للتراث الليبي

جلسة حوارية عن التوثيق البصري في التراث الليبي

استضاف المركز الثقافي بالقبة الفلكية طرابلس مساء يوم الخميس 30 مايو الجاري جلسة حوارية حملت عنوان (التوثيق البصري للتراث الليبي)، وذلك على هامش فعاليات معرض الطوابع البريدية الذي افتتحته وزارة الثقافة والتنمية المعرفية يوم الأربعاء المنصرم، وانطلقت الجلسة التي قدمها وأدارها الإعلامي “طارق عياد” بمشاركة نخبة من الأساتذة والبُحّاث وهم : الباحث “عبد المطلب أبو سالم” رئيس لجنة التراث بوزارة الثقافة والتنمية المعرفية، والفنان الحُروفي “محمد الخروبي”، والفنان الفوتوغرافي والإعلامي “أحمد الترهوني”.

الافتقار إلى مشروع أرشيف بصري
بدوره أشار الباحث عبد المطلب أبوسالم إلى ارتباط التاريخ والهُوية الليبية بالتوثيق البصري قبل ظهور عملية التصوير كان هنالك الرسم، والرسم قبل زمن كان بمثابة الوثيقة الوحيدة التي يُستدل بها على نمط حياة المجتمعات من عادات وتقاليد تزيد عن 300 عام من اليوم، وأضاف أبوسالم بالقول : إن بدايات تكوين الأرشيف البصري في ليبيا جاءت مع رسومات الفن الصخري في أقصى الجنوب الليبي حيث يصل عمرها من 2000 إلى 3000 عام قبل الميلاد، وهذه الرسومات وثقت ملامح حياة مجتمعات تلكم الحقب البعيدة، وتابع أبو سالم : وتدريجيا أصبح هناك أنماط أخرى فارتبطت بالعمارة أحيانا وبالبُعد البصري في أحايين ثانية، وأوضح أبوسالم قائلا : إننا اليوم إزاء أكثر وسيلة فعالة يُمكننا التوثيق من خلالها هي الصورة، والصورة سهلت الكثير جدا عملية معرفة أنماط وسلوكيات وعادات المجتمعات، كما لفت أبوسالم إلى أن ليبيا ماتزال تفتقر لأرشيف بصري حقيقي فالدولة الليبية لم تعمل على وجود أرشيف بصري وجمع ما تمتلكه الدول الأوروبية من لوحات فنية نادرة عن ليبيا فكل الشواهد التاريخية من رسومات للتاريخ الليبي تظل نتيجة جهود رحالة قناصل أجانب فهم من كان لهم النصيب الأكبر في توثيق تفاصيل المجتمع الليبي عبر عدة عصور مختلفة ما كان لنا أن ندركه لولا توثيقهم، في المقابل أكد أبوسالم أنه مهما بالغنا في التوصيف الأدبي لن نصل للحقيقة الكاملة مثل الصورة، ومن جهة أخرى تطرق أبو سالم لغياب إقامة متاحف للفن التشكيلي والخط العربي والأعلام الوطنية برغم الامتداد العريق المتأصل لتاريخ الفن التشكيلي الليبي.

أوجه الاختلاف بين الثقافة البصرية العربية والغربية
من جانبه توقف الفنان الحروفي “محمد الخروبي” عند القول المأثور (في البدء كانت الكلمة) مضيفا بأن الكلمة ذاتها قبل التكوين الأبجدي كانت صورية مما يعني أن الصورة ظهرت قبل الصوت المنطوق والكلام المسموع، وبالتالي تبقى الصورة هي الأساس، مشيرا إلى أن العالم اليوم يعيش عصر الصورة والجميع أصبح يتجه للصورة وتطوير تقنياتها، وقديما كان النهر يُرمز إليه بخطوط متعرّجة والصخور كانوا يرسمون عليها بعض الاتجاهات نحو التجمعات البشرية والقبلية، وأكد الخروبي أن الثقافة العربية والليبية تحديدا ثقافة حدودها الأدب المكتوب بخلاف الثقافة الغربية التي تغطى عليها مفردات الصورة، ونستدل عن ذلك حين ندخل دور العبادة الإسلامية نجد جدرانها تزينها الآيات القرآنية بينما حين ندخل الكنائس والمعابد المسيحية لدى الغرب نجد الجدران تعج بصور مريم العذراء والسيد المسيح، ويعزى هذا التباين حسب الخروبي لتجذر الثقافة البصرية لديهم، وهذا ما يجعل الثقافة العربية تختلف عنهم مثل تراثنا العربي الحافل بالمعلقات الشعرية والمخطوطات المكتوبة أما تراثهم نجده زاخرا باللوحات الفنية والتشكيلية، وأوضح الخروبي بالقول : إننا عندما نلج إلى عالم الصورة لابد أن ندخله من بابه أي باب الصورة، كما عرّج الخروبي على جزئية وقوع الفنان أو الرسام في مأزق تفسيره لعمله التشكيلي فاللوحة المرسومة عادة هي مَن تتحدث عن ذاتها دونما تأويل مباشر وشرح من الرسام، ولفت الخروبي أن بعض الفنانين التشكيليين يخلطون ما بين البُعد المسموع وبين البُعد البصري، وأوضح الخروبي أيضا أن التوثيق ليس قاصرا على تسجيل وتدوين ما حدث في الماضي بل هو مد جسور للحاضر والمستقبل فيما دعا الخروبي كذلك إلى ضرورة التخلي عن فكرة دعم الدولة للمشاريع الفنية والإبداعية مستشهدا بعدة مشاريع ناجحة أقيمت بمنأى عن أي دعم من قبل مؤسسات الدولة كبيت اسكندر للفنون وبيت علي قانة.

الوعي بأهمية توظيف الصورة
فيما أضاف الفنان الفوتوغرافي والإعلامي “أحمد الترهوني” بالقول : نحن اليوم نعيش عالم الصورة بجميع حذافيرها فالصورة في عصر اليوم ربما تظهر أقوى بكثير في التأثير من الكلمة ووقع الصورة بالغ وبليغ جدا على مرأى ومسمع السواد الأعظم من الناس، وأردف الترهوني قائلا : إن تسارع تطور المحطات زمنية للتصوير الفوتوغرافي والفيديو تبعا لتغيّر الظروف والزمن جعل التصوير يتحرر ويخرج من القالب الرسمي والكلاسيكي المؤطر داخل فئة معينة من ممتهني التصوير، وأكد الترهوني أن أهم محطة زمنية للتصوير تمثلت في ظهور الأجهزة النقالة المرفقة بالكاميرا، وشكّل هذا المُعطى الحديث نقلة نوعية في عالم الصورة والتصوير إذ شاع التصوير وبأبسط الامكانات بين الأوساط الشعبية للمجتمعات وهذه النقلة الكبيرة ساعدت كثيرا في عملية التوثيق، وتابع بالقول : إن الأجهزة النقالة صنعت صحفيين وإعلاميين ومراسلين وفنانين، وأكد الترهوني كذلك أن ثقافة الصورة تتدرّج لأهمية الصورة وتوظيف الصورة ووفق تعبير الترهوني هذه الأدوات يبنيها الوعي أولا، ولكي يتنامي مسار هذا الوعي ينبغي أن نُحرر تراثنا من القوالب التقليدية مثل الخيمة والرحى وغيرها، ونستعيض عنه بالنتاج الفكري والفني والإبداعي الذي يُبرز ويُميّز خصوصية هُويتنا الليبية.

مقالات ذات علاقة

عمر غلام يدعو لإعادة قراءة طوق الحمامة في قالب فكري جديد

مهند سليمان

طرابلس تستضيف «فوتو ووك» بمشاركة 200 مصور

أسماء بن سعيد

الباحثة آمال العبيدي في ضيافة المركز الليبي للمحفوظات

مهنّد سليمان

اترك تعليق