يبدو أنه لا أحد سواي
يستنطق حجر الكلام
في آخر هذا الليل الصامت ..
لا شيء ..
حتى الولد الذي تعود كل ليلة
أن يفرغ مشط ذخيرة
فوق رأسي ..
حتى الأطفال في الشارع
يتعلمون أدب الحوار
بسيل من الشتائم البذيئة ..
حتى الكلاب
التي كانت تنبح
بإخلاص تحت النافذة ..
حتى عقارب الساعة
التي تعودت أن تزيد
من حصة الأرق ..
يبدو أن الليلة خالية
لا عرس
لا جنازة
لا مشاجرة
لا سكارى
يسربون الحقائق في ثياب الثمالة ..
كل شيء صامت بلا حياة
كل شيء هادئ كما احب
كل شيء مثالي لكتابة قصيدة
أو لسماع أغنية
أو لتأمل لوحة
أو لفحص ذكرى
تحت مجهر القلب ..
يبدو أنه لا أحد سواي
كأنني الزبون الأخير
في مقهى الليل
كل الكراسي عادت إلى أماكنها
وظل كرسي وحيد
يتكئ على جدار الليل
يدندن وتراً أكلته القسوة
يتلمس أحجارا آيلة للرحيل
يعيد رسم شفاه الأماني بفحم الأراجيل
وينتزع ابتسامة هاربة
من براثن الماضي
كرسي يزدرد كيانا مشوّشاً
حتى كأن الليل
لا أحد سواه
يستنطق النجوم الغائرة
في سديم الأرق
ويطفئ كواكبه في أول السهر ..
في آخر هذا الليل الصامت
لا شيء
سوى كلمات متقاطعة
على رقعة عمياء ..
تقسيمات هاربة
من نوتة البوح ..
نسمات مختبئة في أزقة الروح
في آخر هذا الليل الصامت
يبدو أنه لا أحد سواي
يتجرأ على مغاليق الكلام …
المنشور السابق
المنشور التالي
جمعة عبدالعليم
جمعة عبد العليم، شاعر ليبي، مواليد 1960
موظف بجامعة درنة.
صدر له:
"عصيان الكلام وأشياء أخرى" (2006) عن مجلس تنمية الإبداع.
"عمر آخر" (2006) "عن مجلة المؤتمر".
"نشوة القول" (2008) "عن مجلس تنمية الإبداع".
"سطوة كاذبة" (2019) "عن دار البيان".
"مد يدك" (2019) "عن دار البيان".
"خفافًا في أعين الريح" (2022) "عن دار الفضيل ".
"التفاتة متأخرة" (2022)"عن دار الفضيل ".
"وحيدا على حافة الاحتمال" (2022) "عن دار البيان".
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك