الشاعر محمد الفيه صالح.
شعر

شفة الشاعر الصفراء

إلى محمد الفقيه صالح

الشاعر محمد الفيه صالح.
الشاعر محمد الفيه صالح.
الصورة: عن الفيسبوك.

 

1
كلّ ليلة: 
يزداد طول رأس الشاعر سينتمترا واحداً
تهفو نفسه للبوح
يلهو بدحرجة الدهشة بين أصابعه.

الشاعر ذو الشفة الصفراء
يملأ فمه بالكلمات الضعيفة
ثمّ يلقي بها في البحر.

2
من أين يأتي دخان القرية؟
لا يأتي، بل يولدُ
كيف؟!
حدّثنا شاعرٌ قال:
الدخان ابن الدمعة المعلّقة في السماء
الدخان أخو تنهيدة العروس
الدخان حجر العابد
الدخان بريد ورسالة
الدخان أنا حين أتعرى من الوقت
الدخان أنتم حين تنامون على جوع
الدخان كيف تقلّب حاله له قلب كحبّة خردل.
3
كيف يصنع البشر البيوت؟
يبنونها بالطوب، بالخشب، بالقماش وبالحديد
ولماذا يفعلون ذلك؟
لإخفاء النقصان فيهم
أيّ نقصان؟
هشاشة جسد وهشاشة روح
وكيف البدو الرحّل؟
هم أيضا ناقصون
صار باطنهم ظاهرا، ويقظتهم في سعف نخلة
هل صنعت بيتك؟
فعلت ذلك مرار، حتى نسيت أين قفل الباب.

4
لا أدري كيف تتسلّل حبّات الشعير من الحقل؟
لا، ليست الريح ولا أسراب النمل ولا تغاريد الطيور
ربما الفجر يفعل ذلك؟
ربّما، لكنه لم يعترف بهذا أبدًا أمام أحد
كيف سنعرف؟
لن نعرف إلا إذا كنّا حبّات شعير في حقل.

5
الأنفاس خائفةٌ والدلاء في بطن البئر
كنّا ثلاثة رجال لا يعرف بعضنا بعضا
أنا قدمت من الساقية الجافّة
الرجل ذو المعطف السميك قدم من مفازة الوليّ
أمّا ثالثنا فقد جاء من مكان يصعب نطق اسمه
رغم برودة المكان لم يجرؤ أحد منا على اشعال النار
بل لم يجرؤ أحد منا على مغادرة مكانه
لم يأت حارس البستان ولم تطرح شجرة التين ظلالها وثمارها
ولم يكن الوقت وقتَ غناء وسكر
في عيونهم رأيت الخوف والعطش والجوع
حين يسكن الكون حبّة خردل
يصيرُ كلّ شيء قابلاً لكلّ شيء
الباب صار بعيدًا عن أيدينا
النافذة والسقف صارا بعيدين عن أيدينا
طَرقٌ شديد على الباب
أنفاس خائفة ودلاء في بطن البئر
عند الفجر غادرتُ ولم انظر ورائي أبدًا
يا لبرودة هذه الليلة، قال الغريب.

6
تمرّ بي ريح القبلي تترك عندي رطلا أو رطلين من رمال بعيدة
لكنّ شوقي كان إلى كثيب بأكمله
لا أعلم مَن أشعل النار في الكهف أول مرّة
ومَن أدخل البومة والتيس الجبلي والجمل والبعوض والبقر الوحشية
أهي النار وأسلافها؟
أمْ جنّيات وادي الأجال؟
أمْ خيالات الرحّل الغامضة؟
أم هي صنع هذي المخيّلة المراوغة الخائنة؟

7
أين يختبىء القمر؟
في بيته
وأين بيته؟
في جبل قبسات النار
وأين الطريق إليه؟
بين قدميك

8
هو شاعرٌ بكفٍّ ذات ثلاثة أصابع
هو نار ذابت من شوق
هو شهوة بذرة
ما نطقَ بشيءٍ إلا كان
ما نظر إلى أعلى إلا جاءت السحب
ما نظر إلى تحت وإلى يمين وإلى شمال
إلا جاءت الكائنات
هو كالماء يهب ما يهب لنفسه
ويأخذ ما يأخذ من نفسه
الشاعر كون حين ينهض وكون حين يرحل

9
لا تعطي ظهرك لقمر
ماذا يريد القمر؟
شوقَه الذي سرقته الأغاني
رقصه الذي سرقه الليل
ضحكته التي سرقها النهار
غنيمته من الحروب
سكينة الصحارى وبهجة المطر
ولماذا يصغر حتى يصير كالهلال؟
من الحزن والألم والفقر
لن أعطي ظهري للقمر أبدًا.

مقالات ذات علاقة

همست لأصابعي أكتب …أتية

الحبيب الأمين

أشقر

عائشة الأصفر

رسائل زرقاء (2)

علي الخليفي

اترك تعليق