قصة

حـوار مبـتـور اللـسان

تنبيه: إن لم تملك خيالاً لا تقرأ هذا الحوار..

**

– هل انتظرت طويلاً؟! لم أكن اعتقد أن الطريق ستستغرق كل هذا الوقت..

– لقد انتظرتك منذ اكثر من ساعتين، لماذا لم تتصل بي لتعلمني بأنك ستتأخر، لم اعد أحتمل هذه السخافات.

– عن أي سخافات تتحدث، لقد قلت لك أنني لم أكن أعلم بأن الامر سيستغرق كل هذا الوقت، اعتقدت أن الطريق سالكة، ولكن كما تعلم في هذا الوقت من العام تصبح الدروب خطرة.

– لا يهمني كل هذا، إنها ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، إنها عادة قبيحة تعلمتها منذ أن أتيت هذه المدينة.

– دعني من محاولاتك تصنيف عاداتي إلى قبيحة وفاتنة، كلنا نخطئ، لقد سئمت هذا الجنون.

– سئمت هذا الجنون!

– نعم سئمت هذا الجنون!

– …….

– …….

– ؟

– !

– !

– ؟

– ها ها ها ها

– ها ها ها ها

– …….

– …….

– لقد اصابني الرعب، واصبحت أخاف من ظلي.

– لست وحدك، فمن يرى تلك المشاهد ويعيش في هذه البلاد، ويسمع كل لحظة هذا العواء، سيصاب حتماً بالخوف.

– ولكنني يجب أن أؤكد أنني لست جباناً، ولا ادعي الشجاعة كذلك، ولكن الحذر واجب.

– أتفق معك، بل احياناً أمامك مسؤولية أن لا تلقي بنفسك إلى التهلكة، على سمعت بما حدث لصديقك ؟!

– نعم سمعت بعض الاشاعات، فكما تعلم لقد توقفت عن متابعة أخبار الجميع، لأنني أصاب بالرعب كلما دخلت إلى التفاصيل.

– التفاصيل تسكنها الشياطين..

– وقد تسكنها الملائكة.. ما الفرق..

– ……..

– ……..

– هل تقرأ أي شيء هذه الايام.. كتاب ما؟

– كلا لقد توقفت عن قراءة الكتب منذ وقت، بالاحرى منذ أن اصبت بالرعب، توقفت عن القراءة بشكل نهائي، حتى الكتب التي اشتريتها قبل فترة، ألقيت بها في صندوق ورميت به أمام أحد المكتبات.

– حسناً فعلت، فالتبرع بالكتب القديمة أمرٌ جميل..

– تبرع؟! لقد رميت بها لأنني أصبحت أخاف أن ترميني في القبر، لم أفكر بغير ذلك، لم تكن لحظة شهامة على الاطلاق. هل قلت تبرع؟! أحياناً أشك في سلامة قواك العقلية، هل مازلت تجد متعة في نسج الخيالات وأحلام اليقظة.

– أحياناً، لم اعد أفعل ذلك طيلة اليوم، الليل أكثر هدوءً لهذه العادة الحميمة.

– قليلة هي الساعات في اليوم الواحد لتحقيق ما تحلم به في حياتك كلها. ولكننا وصلت إلى قراري الذي لن اتراجع عنه.

– كنت اعتقد أننا سناقش الأمر قبل أن تصل إلى قرارك النهائي، هل من وسيلة لكي تتراجع عن هذا القرار؟!

– لا أظن..

– إذن إنها مسألة وقت لا أكثر..

– لقد حددت الوقت.. والكيفية كذلك..

– كم أحسدك…

– لماذا تحسدني؟!

– هكذا، فأنت تعرف أنني أحسدك حتى على المرض.. فهذه طبيعتي الوطنية.

– صحيح، إذهب إلى الجحيم..

– على الرحب والسعة، سأكون ممتناً لو قمت بزيارة قصيرة، بعد تنفيذك لقرارك، على الجحيم، وأن تسلم على الشيطان وكافة زملائه.

– كعادتك، تحاول أن تكون ظريفاً ولكنك لا تدري أن دمك ثقيل كالزيت.

– بل كالخراء..

– أحمق..!

– جبان..!

– مجنون..!

– سافل..!

– إن لم تسكت، ساقطع لسانك..

– وكيف ستقوم بذلك دون أن تؤذي نفسك؟!

– لا يهم، إنها تضحية مستحقة، من أجل القضاء على عضو فاسد لا يصدر سوى الشرور.

– شعارات فارغة، كلمات خاوية من المعنى، لم اعد أخافـ….

– ……..

– ……..

– ؟

– ؟

– آه آه آه

– آه آه

– آه

– …..

– .

**

عندما ارتفعت الشمس كان الجميع قد غادر المكان، وكنت ما ازال جالساً في مكاني احاول تعلم النطق لأول مرة.. بعيداً عن لساني المبتور..

مقالات ذات علاقة

الجدة دردارة

إبراهيم دنقو

النحوي وجحا والبحر

محمد دربي

قطار منتصف الليل

عزة المقهور

اترك تعليق