(موقع بوابة الوسط)- أقيم، أمس السبت، حفل فني موسيقي مشترك بين طلاب كلية الفنون والإعلام بجامعة طرابلس وفرقة الأوركسترا الشعبية الإيطالية تارانتا داموري، بقاعة لبدة بفندق الودان بطرابلس، قدموا خلالها لوحات فنية جميلة لاقت استحسان الحاضرين.
وقدم الجانب الليبي الموشح الأندلسي “لما بدا يتثنى”، الذي أداه الطلاب شعبان دخيل، عازف القانون، وسراج المزوغي، عازف الكمان، وهدى الحجازي، غناء، برفقة صوتي هدى خميس وإسلام.
وقدم الجانب الإيطالي معزوفات غزلية ورقصات من التراث الشعبي الإيطالي، قدمها عازف الأكورديون أمبروغوا سبارانيا، عازف كمان، وإيرازمو تريليا، عازفة بندير فالنتينا غيرايولو، وعازف قيثار كريستيانو كاليفانو، وعلى المزمار أنطونيللو دي ماريو، ليقدم ضيف الشرف الفنان خليل الحاسي معزوفات على آلة العود.
تأتي هذه الاحتفالية في إطار عدة أنشطة ثقافية يتم تنظيمها من جانب الاتحاد الأوروبي تحت شعار “ليبيا تلتقي أوروبا”، بالتعاون مع المعهد الثقافي الإيطالي بطرابلس والجمعية الثقافية آركنو للآداب والفنون، التي ستستمر خلال شهري أبريل ومايو المقبلين.
“ليبيا تلتقي أوروبا”، مبادرة ثقافية بنَّاءة تواكب المرحلة وتهدف إلى مد جسور التواصل بين ليبيا وحضارات أوروبا في إطار اتفاقيات التعاون الثقافي المبرمة بين ليبيا والدول الأوروبية.
نجاح المبادرة
على هامش الاحتفالية، استهلت منسقة المبادرة، فريدة الحجاجي، كلمتها في حديث لـ”بوابة الوسط” بالتعبير عن امتنانها لنجاح المبادرة، التي بدأت بجولة في مدينة مصراتة منذ يومين ولاقت إقبالاً طيبًا لدى الجمهور.
وقالت: إن الاحتفالية خطوة تليها عدة خطوات على طريق التأسيس لبنية ثقافية راسخة، ستتضمن أنشطة تشمل ورش عمل وأمسيات فنية وثقافية.
وأشارت إلى أن الهدف من هذه المبادرة هو تبادل الخبرات بين ليبيا وأوروبا، والاطلاع على ثقافات الحضارة الأوروبية، بما يسهم في خلق فضاءات حوارية داعمة للمسار الديمقراطي، كما تأتي كخطوة لتجاوز العلاقات التقليدية بين الدول، المتمثلة في الاتفاقيات السياسية والعقود التجارية، لتأخذ الثقافة محلها كأساس تنهض به الأوطان.
واختتمت فريدة الحجاجي، وهي سيدة أعمال لها باع في دعم الأنشطة الثقافية: “نريد أن نلمس الجوانب الإنسانية للعلاقات بين الدول، وأن نرى العلاقات في إطار اللقاء بين الشعوب”.
ليبيا الجديدة
“الثقافة شيء مهم لليبيا الجديدة”، هذا ما يراه روبنس بيوفانو، مدير مكتب الثقافة الإيطالي بطرابلس، العامل لحساب وزارة الخارجية الإيطالية.
يقول السيد روبنس لـ”بوابة الوسط”: إن مثل هذه المناسبات الثقافية فرصة تسهم في خلق فضاءات لالتقاء المبدعين والموهوبين من الشباب الليبي، في مجالات الإبداع كافة، سواء في الموسيقى أو التشكيل أو حتى السينما وغيرها. آملاً أن تكون الثقافة لليبيا من الخيارات ذات الأولوية لأهميتها في مرحلة البناء والتأسيس.
وأعلن عن أنشطة ثقافية فنية أخرى ستجري في الأيام المقبلة، بينها فن الرسم على الحائط (الغرافيتي)، التي ستكون بمشاركة مجموعة من الفنانين الليبيين والإيطاليين، بالإضافة لإسهام ناقد ليبي في مجال الفن يعمل على تقديم محاضرات عن الفن المعاصر، وآخر يشرف، على مدار أسبوع كامل، على مجموعة من الفنانين الليبيين.
خبرات جديدة
“الاحتفالية جرى التنسيق لها منذ ثلاثة أشهر”، هذا ما أخبرتنا به مسؤولة المشاركة الليبية في الحفل، حنان رمضان بقدرنة، العضوة بهيئة التدريس بكلية الفنون والإعلام.
وقالت حنان: إن الاحتفالية كان مبرمجًا لها قبل ثلاثة أشهر، لكنها أُجلت لأسباب ذات علاقة بالأمن. وأبدت امتنانها لتنظيمها بعد التأجيل، ولم تُخفِ سعادتها بتميز طلابها، الذين، على الرغم من قلة وقت التحضير الذي لم يتجاوز 24 ساعة، أبدوا انسجامًا مع الأوركسترا الإيطالية، وتوفيقًا يستحقون الإشادة به.
ورأت حنان أن الاحتكاك مع الجانب الإيطالي يكسبهم، بلا شك، خبرة وتمرّسًا، وتمنت أن تكون الاستعدادات المقبلة بشكل أفضل حين تستمر الأنشطة الموسيقية في إطار المبادرة كما هو متفق في شهري أبريل ومايو المقبلين.
وأضافت أن الاحتفالية في إطار المبادرة كان المفترض أن تتضمن جزأين، جزءًا له علاقة بالفنون التشكيلية، والآخر ذا علاقة بالفنون الموسيقية هي منسقته.
وتواصل حنان: “تم تأجيل مبادرة الفنون التشكيلية لعدم توافر جدار يمكن تعليق الأعمال عليه، بالإضافة لإمكانات يصعب توفيرها في الفترة الحالية”.
مصافحات دافئة
وجمعية آركنو للأدب والفنون شريك مهم لمبادرة “ليبيا تلتقي أوروبا”، باعتبارها صاحبة المقترح المقدم للاتحاد الأوروبي للاهتمام بالنشاط الموسيقي.
وقال الشاعر عاشور الطويبي، رئيس جمعية آركنو: “لقد تم بذل الجهد الكثير للإعداد لهذه الحفلات التي تم إطلاقها على شكل مصافحات دافئة بين سكان البحر الأبيض المتوسط، بين ليبيا وأوروبا، وفي الحفلات المقبلة ستكون هناك مشاركات ذات قيمة ومضمون حضاري بين الجانبين الأوروبي والليبي. بين الحفلات المستقبلية حفل موسيقي بمشاركة عازفات ليبيات وفرقة فلامنكو، سيكون في شهر أبريل، وحفل حر يجري في مايو، يشارك فيه عازفون محليون وعازفو جاز من أوروبا”.
واختتمت “بوابة الوسط” متابعتها للحفل بلقائها رئيس منتدى التواصل الليبي – الإيطالي مراد الهوني، الذي قدَّم لمحة عن المنتدى الذي يترأسه ودوره في الاستحقاق المقبل، وأوضح أن المنتدى يسعى لخلق مثل هذه المساحات الثقافية للتبادل الثقافي بين الحضارات، بين الليبيين والأوروبيين والجانب الإيطالي الذي يمثلهم في هذا الحفل.
يقول رئيس المنتدى، الذي يرى أن الثقافة لا بد أن تحضر في كل زمان ومكان، في الحرب كما في السلم، لما تشكله من قيمة وتأثير في اتجاه تهدئة النفوس وجمع أبناء الوطن الواحد على هويته وثقافه: حرصنا في السابق على إقامة مثل هذه اللقاءات والحفلات، سواء أكانت موسيقية أم عروضًا تشكيلية، سينمائية ومسرحية، لإحداث نوع من التواصل الحقيقي والفعلي بين شبابنا الليبي المبدع والشباب الإيطالي.
ويحث الهوني المبدعين على السعي باتجاه إقرار نوع من الأمن والأمان في ليبيا، وإحقاق العدالة، والتواصل بين المجتمع، كلٌّ في مجال تخصصه، وأن يكونوا حريصين على سيادة التراب الليبي من خلال أعمالهم الفنية، وخلال الحوارات والحضور المحلي والخارجي، وهذه هي الرسالة التي تقع على عاتق المنتدى، كما وصفها.