طيوب البراح

قـاصـرة

أبرار عبدالسلام

من أعمال التشكيلية والمصورة أماني محمد
من أعمال التشكيلية والمصورة أماني محمد

23 نيسان 2007

(متى ستتعلمين كيف تطهين هذا الطعام بطريقة جيدة؟ لم أرَ امرآة كـأنتِ قط!

لا تجيد الطبخ، ولا تجيد فعل شيء بطريقة جيدة، أي الزوجاتِ أنتِ؟ لا أريد رؤيتك اليوم! أغربي عني! إلى جهنم، ولا أريد ان أسمع صوتكِ أيضًا)

قبل سنة …

تقدم شخص لِخطبتي، قِيل أنه يملك العديد من الأعمال الخاصة، كـان هذا الطُعم الذي ينتظره أبي، سيتخلص منّي، فـالعيبُ في هذه القرية أن ترزق بفتاة، حتى أنه كان يمنعني أحيانًا من الخروج من غرفتي، عالمي محصورٌ بين الباب والنافذة، أطالع السقف الذي يوشك أن يقع عليّ، هذه الشقوق تشبهني كثيراً، فارغة ومشتتة، عالمي خالي من كُل شي عدا النمل وشبكات العناكب.

فرِح أبي، وأخبرتني أمي أن العريس سيأتي لرؤيتي، وأنه أمر محسوم لا فرار منه؛ إمّا أن أتزوجه أو يخرجني أبي ملفوفة بالكفن!

جاء ذاك الرجل المصون في اليوم الموعود، وصدر قرار الزواج اللعين، وكُبلت بـقيود الزوجية، لم أُسأل عن رأيي قط، هذا الرجل أكبر من أبي، وأنا لم أجتز الرابعة عشر، ربما كانت الحياة في بيت أبي أسوء من السوء، ولكنها على الأٓقل تدعى حياة. انتقلت إلى ما يسمونه بالقفص الذهبي، ولكنّي لم أشعر به أبدًا، ربما قفصي أكله الصدء، ولكـن أيعقل أن يصدأ الذهب؟

(لا تخـف أيها القارئ، واقترب، لست جثة، وإنما رُوح أنهكت من شدة الألم، فـتقيأت حرُوفًا)

لم أرَ عريس الغفلة في ليلة العُرس، نمت من شدة الانتظار، و لا أعلم إن كانت أول ليلة أنام فيها بهدوء ولكنها الأخيرة.

عاد زوجي في صبيحة ذاك اليوم، ايقظني بركلة على بطني أقوى من ركلة الكابتن ماجد للكرة، وقفت في ذهول ليس من شدة الألم و لكن من هول الموقف، اتجهت مسرعة نحو المطبخ لأعد له الإفطار، لم يأكـل واكتفى بالنظر الحاد، قائلا: لما أتيتِ؟

أخبرته بأننا تزوجنا ليلة البارحة، ولكنه لم يأتِ حتى الصباح، أجابني أنه سيأتي عندما يُريدني. اكتشفت بعد أيام قِلة أنه مُدمن خمرٍ، لا يعود إلّا عندما يريد، يشبعني ضربًا كُلما تفوهت بكلمة، لا يعجبه أكلي ولا كلامي ولا شيء أفعله، كثيرًا كُنت أتساءل ماذا فعلت بحياتي لأرزق به، بما عصيت ربي ليــكون كفارة ذنبي هذا العذاب.

رُزقت بطفل، ولـكن هذا الرجل لم يتغير، وفي طريقه إلى الهاوية، لم يكتفي بضربي في فترة الحمل وانما أكمل طريقه حتى فترة الولادة، لم يكن يُريد هذا الطفل ولكنني أصريت عليهِ ليكون مرهم ايامي.

 23 نيسان 2007

آخر شيء رأيته ذاك الصحن الساخن المتجه نحو وجهي، تشوهت، هذه المرة لم تكن كـأٓي مرة، ربما كانت المرحلة الفاصلة، أخبروني أن الحرق عميق وسيبقى هكذا، طفلي كان يخاف من وجهي كثيرًا، لا أقبله إلا حين ينام، أخذته أمي ليعيش معها، ولكن يوجـد شـيء أسـوء من هذا الحرق، اللهيب الداخلي الذي التهم أعضائي رويدًا رويدًا ،

تحملت كثيرًا الضرب والإهانات بشتى أنواعها ولكنني لا أقوى على التحمل أكثر.. انتظرت عودته بفارغ الصبر للمرة الأولى، (لا تسئ الفهم أيّـها القارئ! لم انتظره بدافع الشوق ولكن بدافع الانتقام).

عاد زوجي يُمسكه جدارٌ ويرميه آخر، كـكُل مرة يدخل بها، وقفت أمامه وأخبرته بأنه الوداع، ضحك كثيرًا حينها، واخبرني بأنه لا ولن يطلقني.

لأول مرة يأتي دوري للضحك، قلت له إٔنه ليس الطلاق ولكن حان الوقت لتتخلص الدنيا منك ولتفرح جهنم قليلًا، غرست سكينًا داخل أحشائه، رقرق دمه بين أصابعي، وانتهى بي الأمر بطاولة وكرسيين للتحقيق.

كُنت في كُل محكمة أقول:

(لا تستطيع الأرض أن تحمل القذرين على رأسها، موطنهم الحقيقي في بطنها).

اليوم حُكم عليّ بالسجن المؤبد، وها أٔنا بين أربعة جُدران، أكتب لكم هذه الكلمات الدامية، (أرجوكم أيـّها القرآء، كُفوا عن تزويج القاصرات، وانتقوا رِجالًا لبناتكم)

مقالات ذات علاقة

لا تبكي وحيداً

المشرف العام

صباحات غربتي

المشرف العام

السجناء الليبيين

المشرف العام

اترك تعليق