الجمعة, 11 أبريل 2025
طيوب عربية

مريض في ليلة صاخبة

من أعمال التشكيلي العراقي سعد علي
من أعمال التشكيلي العراقي سعد علي

جاؤوا بي إلى المستشفى وأنا لا استطيع الحراك، فوضعني العاملان على حمالة المرضى وسمعتهما يقولان:

– أف ما أثقل جثته!

لم أقل شيئًا! وتمنيت أن يقصر الطريق إلى سريري، لأوقف نزف الجرح الذي سببه العاملان بثرثرتهما، ثم دخلوا بي إلى غرفة طويلة، مليئة بالمرضى والمرافقين، وكنت متعباً فلم أستطع أن أتكلم إلا بصعوبة، وظنني القوم في حالة الغرغرة، فجعلوا يلقنونني الشهادتين.

نظر إليَّ أحدهم بحزم، وكأنه يتكلم مع طفل صغير وقال:

– لا إله إلا الله.

فقلت بصوت مهزوم: لا إله إلا الله.

ثم نظر إلى من حوله وهو في حالة، شك وسألهم: هل قالها؟

وحين مضى جزء من الليل، انفض القوم وجاءني أحد المرافقين لمريض بجانبي، فجعل يردد الشهادتين أمامي وأنا أرددهما، ويسكت دقيقة ثم يعود ويرددهما وأرددهما أنا بطيب نفس، مع ما كنت أعانيه، وأنا لا أستطيع أن أقول:

– أنا لست في حالة غرغرة!

ولم أستطع أن أوضح للمرافق، أن تلقين المحتضر يكون مرة واحدة، إلا إذا تكلم بكلام آخر، فيعود الملقن لتلقينه ليكون آخر كلامه لا إله إلا الله.

وقد استمر التلقين المتتابع المرهق طيلة الليل إلى أن تنفس الصبح وحضر الطبيب فأعطاني مخدرا أراحني من هم الدنيا قليلًا.

مقالات ذات علاقة

اطربيني

هاني بدر فرغلي (مصر)

“لغز إنجيل برنابا” للموريتاني محمد السالك ولد إبراهيم.. صراعات سياسية ودينية

المشرف العام

المعزوفة الأخيرة

المشرف العام

اترك تعليق