قصة

ذاكرة زرقاء 2

من أعمال التشكيلي “القذافي الفاخري”

الليلة على الشاطئ رياح باردة خفيفة تخترق معطفي وتعبث بأطرافه.. طاولات صغيرة ومقاعد.. البعض يجلس وحيدًا وآخرون يتسامرون تعلو ضحكاتهم على صوت الأمواج، وهي تلطم الصخور ومقهى صغير محمول على سيارة ينبعث منه ضوء ضعيف، وتصدح (نجاة الصّغيرة) بصوتها المخملي:” عيون القلب سهرانة ما بتنمشي”

 نظرت إلى ذلك المقهى، وذكّرني كم تمنّيت أن يكون لي بيتًا صغيرًا له! نافذة واسعة تطلّ على البحر، تنكسر عنده الأمواج وتعود أدراجها، وكم

بنيت هذا البيت وأنا صغيرة في كل مرّة نذهب إلى البحر! بنيته من الرّمل

بأكواب بلاستيكية، زيّنته بالأصداف الفارغة والقواقع والحصى، ليس له نوافذ ولا أبواب، كنت أبنيه بعيدًا حتى لا يطاله الموج ويمحو أثره، وأعاود الكرّة من جديد.

 كان بناؤه يأخذ كل شغفي، ويجعلني أندهش بما صنعته وأضحك كثيرًا؛ لكن الموج كان يشاكسني، ويحاول أن يخبرني بأشياء كثيرة. كان يحاول أن يزيد من مدّه وجزره ليصل إلى بيتي، وكان يريد أن يقول لي إنّه

من رمل.. من حبيبات صغيرة ضعيفة، لا شيء يسنده.. لا يصمد أمامه أبدًا.

مقالات ذات علاقة

غُرابُ البَيْنِ زوجتي

غالية الذرعاني

أمل

مهند سليمان

أول الطـريـق

رجب الشلطامي

اترك تعليق