طيوب الفيسبوك

الزعيم المتقشف

الملك إدريس السنوسي (الصدر: الكاتب أنيس فوزي)
الملك إدريس السنوسي (الصدر: الكاتب أنيس فوزي)

تقول الكاتبة والباحثة البريطانية (روزيتا فوربس) عن لقائها بالأمير إدريس، قبل مائة عام، في مدينة الكفرة:

(كانَ هُناك استقبال رسميّ، وكانت تتحرّك على درج السلّم العريض مجموعة كبيرة من مرتدي الأزياء الرسميّة الإيطاليّة السوداء، المزيّنة بالأوشحة الإيطالية الزرقاء الزاهية، والميداليات اللامعة المتلألئة زاهية الشرائط، في البداية دخل الحاكم السيناتور دي مارتينو، وهو يرتدي الزيّ الأخضر الذهبيّ لفارس من فرسان مالطة، ومعه الجنرال دي فيتّا بزينته الرائعة الفخمة، كان يمشي بين الرجليْن شخصٌ يُهيْمنُ على المجموعة لكنّهُ أوجدَ لدينا انطباعًا بأنّهُ بعيد تمامًا عمّا يجري في الحفل.. كان ذلك الرجل يرتدي ملابس بيضاء، وقفطانًا من الحرير وبُرنسًا يجرجر من خلفه، والكوفيّة الفاخرة التي تتدلّى من تحت عقالٍ ذهبيّ، خالٍ من المجوهرات أو التطريز ممثّلاً لمكانة الرجل. إنّهُ سيدي إدريس (هكذا ذكرته) الذي تقدّم للأمام ببطء متّكئًا على عصا لها مقبضٌ من الفضّة، غمغم في أذني ضابط إيطالي: “زيدي عليه أطولَ من لحيتهِ، وبعدها تصبحُ صورتهُ مثل صورة المسيح”. وكان الضابط الإيطالي على صوابٍ فيما قال.

هذا الزعيم المتقشّف لواحدةٍ من أعظَم الإخوانيَات الدينيّة على مستوى العالم، كانت عيناه الحالمتان مثلَ عينيّ نبيّ من أنبياء الماضي، كان في وجههِ الطويل تجاويفٌ تحتَ عظمتيّ الخدّيْن، وكانت شفتاهُ شاحبتيْن في حين كانت بشرته الزيتونيّة مثل الشمع، نظر للأمام نظرةً حالمة، كاشفًا عن جبهتهِ العريضة، كانت تلكَ النظرة أبعدُ بكثير عن الاحتفال الذي جرى إعدادهُ تكريمًا له، كانت تلك النظرة ترمي إلى عوالم أبعد بكثير عن صحراواتهِ المهجورة، ربّما مثل الناصريّ الّذي كان يسير بين محاربي روما القدما)”.

-من كتابها “سرّ الصحراء الكبرى: الكفرة” 1921.

*الصور المرفقة للمؤلّفة” روزيتا فوربس” وهي ترتدي الزي الليبي.

مقالات ذات علاقة

زويلة في ليبيا وأبوابها في مصر وتونس

المشرف العام

إنترنت المجتمع والمصفاة

قيس خالد

مجلة “فضاءات” الموؤودة

المشرف العام

اترك تعليق