ليندة كـامـل (الجزائـر)
البدايةُ كانت بقـراءةٍ للمجمُوعة منْ قِبَلِ الكاتب الليبيِّ/ سالم علي العبَّار، ثُمَّ كلمة للكاتب/المُؤلف، ثُمَّ جاءت القصَّةُ الأولى التي أرادها الكاتبُ فاتحةً لمجمُوعته القصصيَّة، بعُنوان: “خربشات صبيانيَّة”، هذه القصَّةُ القصيرةُ التي تُلخِّصُ نوعيَّة التلاميذ المُشاغبين الذي أحدثُوا شرخاً في نفسيَّة المُدرِّس/ المُعلِّم، وذلك رُبَّما في إسقاطٍ واضحٍ لواقع التَّربية التي يُعاني منها المُدرِّسُون اليَوْمَ، الذين يجدُون صُعُوبةً في تلقين العـلم لطُلاَّبهم، ممَّا جعل المُدرِّسة (المُعلِّمة) تُقِّـرر في النِّهاية الهُــرُوب، وتترُك هذه المِهْنَةِ..
بين الواقعيَّة والخيال، وأحياناً الغرائبيَّة والعجائبيَّة التي نجدُها في ثنايا هذه المجمُوعة، كأقصُوصة “ضجيج الصَّمت”، تنوَّعـتْ قصصُ هذه المجمُوعة، (الثلاثة والثلاثين) للكاتب/ خالد خميس السحـاتي، حيثُ يُحاولُ منْ خلالها الكاتبُ استنطاق، أوجاع النَّفس البشريَّة، في “شواطئ الغُــربة”، “انتقــام”، “ضجيج الصَّمت”..، بلُغَةٍ بسيطةٍ وواضحةٍ لا تُكلِّفُ القارئ عناء البَحْثِ؛ رُبَّمَا لأنَّ الكَاتِبَ يُرِيدُ أنْ ينقل الواقع إلى القارئ العاديِّ، القارئُ الذي لا تستهويه القصصُ المُبْهَمَةُ، التي تحتاجُ إلى قـراءاتٍ وتأويلاتٍ، أو إلى تلك القصص التي تُجْهِدُهُ في الفهم، أظُنُّ أنَّ الكاتب كان حريصاً على هذه الفِكْرَةِ.
بين الحُبِّ، والحُلُم، والانتشاء، الانتظار، والنَّدم، يغُوصُ بنا الكاتبُ بأُسلوبٍ شاعريٍّ، ولُغةٍ عذبةٍ، في نُصُوصٍ مُتفاوتة الحَجْمِ بين القصَّة القصيرة والقصيرة جدّاً، تميلُ إلى الخاطرة في بعض النُّصُوص، في نصِّ (أقنعة) الذي استهواني..، وقد تميَز بقُدرة الكاتب على جَعْلِ القارئ يُعيدُ قراءة النَّصِّ لما يحملُ من معانٍ خفيَّةٍ، تحتاجُ إلى إعادة قراءته، وجاءت نُصُوصٌ أُخْرَى على مُستوياتٍ مُتعدِّدةٍ، بين المُباشرة والغامضة بين البسيطة والمُعقَّدة، يجدُ القارئُ نَفْسَهُ أَمَامَ لَوْحَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ تُلبِّي مُتْعَةَ القِرَاءَةِ، يَتَخَلَّلُ كُلَّ نَصٍّ لَوْحَة زيتيَّة مُميَّزة، تفتحُ الشَّهيَّة لمُتابعة الغَوْصَ فِي تجلِّيات المَجْمُوعة، سعدتُ بالقراءة لمُبدعٍ قادرٍ على إعطاء الأجمل دائمــاً..
