المقالة

مايجري الآن هو استفزاز للشارع الليبي

ثورة 17 فبراير

في خضم ما يجري الآن من أحداث متعاقبة ، وتصريحات تزج بها الحكومات الجانبية ، والمقابلة لنا والتي ترصد بأجندتها مستوى فوران الشارع الليبي …تبقي قراءة الحكومة الليبية للسياسة الخارجية تنقصها الكثير من الخبرة ، والجدية ، وبعد النظر .

إذ أنها تتعامل مع المواقف والتصريحات التي تطلقها هذه الحكومات إما بالتقليل من شأنها ، أو بالتجاهل ، أوبالتزام الصمت .. وفي هذه الحال يبقى الموقف الحكومي ضعيفآ …ويتجه إلى إظهار الحكومة الليبية بمظهر الحكومة التي تحابي ولاتريد خسارة أيآ من هذه الأطراف .

وفي الحقيقة إن مسألة الأمن القومي تصبح مسألة ذات أهمية قصوى حين يتهددها القصور في الرؤية وضعف مدى الرؤية …وينبغي عدم الاستهانة بهذا الموضوع …إذ أن أية تصريحات ينغبي التعامل معها بجدية تامة ، وينبغي استدعاء سفراء هذه الدول لتبرير أية تصريحات …تصدر أو صدرت عن قيادة هذه الحكومات .

السؤال هنا أننا لانريد أن نسأل الحكومة الليبية هل تم استدعاء السفير المصري لتبرير تصريحات صدرت بشأن الأراضي الليبية ؟؟ أم أن الامر أنعكس في ذهاب وفد ليبيا لحضور معرض الكتاب ..وتأكيد أن ليبيا ومصر شعب واحد تربطه عادات وتقاليد واحدة علي حد قول وكيل وزارة الثقافة عواطف الطشاني ؟؟؟ ّ!!!

لماذا نذهب للمشاركة ..بمصر وهي تأوي رموز النظام السابق ؟؟

ألا يجب الضغط علي الحكومة المصرية باستمرار لتسليم هؤلاء ؟؟

هل تم النظر في أبعاد تنبيه الدول الغربية لرعاياها بمغادرة بنغازي بسبب تهديدات أمنية تحيق بأمن المدينة ؟؟ أم اكتفت الحكومة بالتقليل من شأن هذه التصريحات و الربت علي أكتاف سفرائها لدينا دون استدعاءهم وطلب تبريرآ منهم ؟؟

في الواقع إن التعامل الضعيف مع السياسة الخارجية يعكس ضعف الأداء الحكومي لدينا ويجعل

الدول المقابلة والمجاورة تنظر إلينا بمنظر عدم قدرتنا علي تأمين أوراق رعاياها داخل أراضينا

وهذا طبعآ بسبب المسلسل المتصاعد منذ مقتل السفير الامريكي حيث بدأ في العمل دون رادع يردعه

مثل هذه الأعمال تعكس خلفية لمجموعة ترفض الأجنبي بالمدينة خاصة بنغازي ، وتحرك الشارع ضده …مثل هذه الأعمال ترغب بتجريد المدينة من أعمدة الأمن فيها …ما يشجع علي نشوء تنظيم ، أو تحرك مجموعة ، أو فرق خاصة …هذا يجعل من الشائع جدآ عدم حدوث عامل الاستقرار ..ما يترتب عليه فساد في عدة ملفات تشكل أنشطة للمدينة ..مثل الملف الثقافي ، كعاصمة للثقافة ، الملف الاقتصادي ، وكذلك كتعبير دارج بعدم سيطرة الحكومة علي المربط الأساسي لحركة الثورة ..وهو بنغازي خاصة .

هنا يأتي دور الأجندة الخارجية في الضغط علي الشارع وتفويره للخروج من جديد في هذا التوقيت بالذات ..و أنا هنا أحذر الحكومة الليبية من أن عملية سحب الرعايا الأجانب هي قراءة حقيقية ومقدمة للإنذار بأن هناك فوران سيحدث قبيل فبراير، وقبيل الاحتفال بربيع الثورة الليبية ….ولتكن لنا في مصر عبرة …برغم أنه لايوجد سلاح بيد العامة من الناس إلا أن ذلك لم يوقف

أي مسلسل من مسلسللات القتل المروع …التي حصلت بمصر الآن

عملية سحب الرعايا الأجانب ليست للتهويل قدر ماهو تخوف من استغلال واستفزاز الشارع خاصة في بنغازي في إحداث رفض و رد فعل عنيف ضد الحكومة وضد سيطرتها الضعيفة علي بنغازي

وهذا يأتي في ظل فقدان السيطرة علي بنغازي يعني الانفلات الأمني في ليبيا …هكذا تقرأنا الحكومات الأخرى …وهكذا تقرأ الموقف ككل من خلال دراسة أوضاع معقل الثورة .

إذا نحن نحتاج لاستنفار أمني كبير ليس من أجل الشارع ..بل من أجل أخذ العبرة من ذكرى 25 يناير والاستفادة من الدرس المصري قبل وقوع الفأس في الرأس .

قراءة التهديد للرعايا الأجانب يأتي في ظل قراءة تدخلات الناتو في ليبيا وخاصة في إنقاذ مدينة بنغازي …

لابد من الحرص علي عدم استفزاز الشارع ..ولابد من التأمين تمامآ لجميع مداخل ومخارج المدن ..,لابد من إحكام القبضة الامنية لتعزيز الأمن القومي ..ولابد من ترك باب المجاملة والنظر بجدية لتصرفات الحكومات الجانبية من إيواء لرموز النظام السابق ، ومن تمرير رعاياها دون إقامة ، ودون عقود عمل ..يجب التعامل بجدية مع هذه لأوراق وقفل باب المجاملة لحين إشعار آخر …ينبغي اعتبار ليبيا ككل منطقة مغلقة تمنع هذا التدفق البشري لحين استيفاء القدرة علي البناء الداخلي ثم بالتدريج يتم جلب الضروري والمحدد وبشروط ليبية لمن تتوافق فيه شروط الإقامة .

إن القرارت العشوائية والمجاملة وعدم جدية بعض المواقف الحكومية جعل من الأداء يظهر بصورة هشة وركيكة في منظور كل مواطن …مما جعل قراءة الموقف تبدو وكأن الشعب يفكر أفضل من الحكومة ….يجب أن ننظر لفبراير بجدية كبيرة ….ويجب أن نتخلص من الاجندة التي تعمل علي استفزاز الشارع للخروج من جديد علي الضعف الحكومي …فهذه ورقة الكل يلعب بها علينا إسوة بغيرهم ..وممن لهم مصلحة في إشغال الشارع بالحكومة …ومن ثم تفجير الوضع بشكل عام ..

نسأل الله السلامة لنا …ولكل ليبيا ..ولنكن علي قدر الوعي ..وعلي قدر القراءة الجيدة لأي موقف يطرأ علينا ..ولنا في الآخرين إسوة للعبرة والعظة بأي حال .

مقالات ذات علاقة

الكتابة الشرسة: موجـباتها واستحـقاقـاتها وحاضنتـها

زياد العيساوي

الوجه الآخر للإنسان

زياد العيساوي

أين ليبيا التي عرفت؟ (22)

المشرف العام

اترك تعليق