المقالة

سرقة الإعلام الليبي

علي ابوبكر العماري

 

يتساءل الجميع بما فيهم دار الإفتاء عن من يدير الإعلام الليبي؟

قد لايعرف الشعب الليبي انه واقعيا لاتسيطر حكومة الكيب ولا المؤتمر الوطني ولا المجلس الوطني الانتقالي من قبله على القنوات المرئية والمسموعة فمن يسيطر اذن؟

الحقيقة المرة هو ان المقار تم احتلالها من قبل جماعات مسلحة ونصبت عليها من تريد او لنقل نصبت من أرسلها وأعلنت في اليوم التالي انها قنوات الثورة وانها أصبحت وطنية مائة في المائة والسلام.

وحاليا توجد عدد من الكيانات التي تتصارع على الكراسي وعلى الميزانية وعلى الوجاهات والفنادق وكل منها يدعي انه كيان شرعي وينكر شرعية الآخر. فهناك وزارة الثقافة (والتي لا علاقة لها بالمثقفين إطلاقا) فلا يوجد حتى هذه الساعة اتحاد للكتاب والمثقفين الليبيين واغلب الكتاب الليبيين لا تستضيفهم الفضائيات وليس لهم أي دور على الإطلاق والسبب بسيط جدا لاينبغي السماح لهذه الفئة بالظهور الآن لان ظهورهم في المشهد الثقافي والسياسي الليبي سيعيد الكثير من الأقزام الى إحجامهم الحقيقية.الكيان الثاني هو مجلس الإعلام ريكسوس وهو مجلس تشكل في اجتماع الاعلاميين بفندق ريكسوس وتم الاعتراف به من قبل المجلس الوطني ويدعي اعضائه بانهم حصلوا على البيعة وانهم الاولى بادارة شوؤن الاعلام وخاصة القنوات التلفزية. ثم طلع البدر علينا بمجلس اعلى للاعلام في جادو وهو الآن مكلف من قبل المجلس الوطني في ايامه الاخيرة بادارة الاعلام هو الاخر وكان اكبر المتحمسين لمجلس جادو كان الثنائي المرح( دوغة- وقنان) اكيد اكيد بدافع وطني!.ومع العلم بانه لايوجد قانون للاعلام في ليبيا ينظم ويعرف صراحة من هو الاعلامي ولم يتحمس احد للمضي في هذا الاتجاه ابدا. وقد ساهم في اختيار او (تصعيد )او ترشيح مجلس جادو خليط من الاساتذة ومن العاملين في مختلف المهن بعض هؤلاء اساتذة بالجامعة والبعض الاخر موظف و لايحق لهم قانونا انتخاب مجلس هم ليسوا اعضاء فيه واستطيع ان اذكر اسماء لابرهن على قولي بعضهم كانوا من ضمن اعضاء اللجنة التحضيرية للملتقى .

ربما كان البعض يعتقد ان الفرصة كانت مواتية للسيطرة على القنوات التلفزية قبل الانتخابات وربما عملا بمداء (الحيازة افضل المؤهلات) وربما الحصول على بعض الامتيازات والظهور كل يوم على قنوات كرهتها الناس لانها مفلسة فكريا ولانها تحولت الى مرابيع يتقاسمها افراد وجماعات وقبائل ولا علاقة لها من قريب او من بعيد بالشعب الليبي.

ومع وجود كل هذه الكيانات لم ينسحب الذين استيقظوا مبكرا وسيطروا على مقار القنوات التلفزية واصبح وجودهم وسيطرتهم امر واقع بلغ الامر بهم ان مزقوا رسالة المكتب التنفيذي بعد تحرير طرابلس التي تطالبهم بضرورة تسليم القنوات للدولة لكنهم كانوا يكيديون كيدا وقد شرعوا في تنفيذ مخططهم. لا عودة للجيش لاعودة للشرطة لا عودة لاجهزة الامن لا تسليم لقنوات التلفزة والاذاعة و(اللي مش عاجبه يواجهنا).

ومن حقهم ان يفخروا بأنفسهم فاللجنة الأمنية العليا وكتائب وأحزاب يأتي اكثرها المدد القطري تحتاج لاذاعات كي يكتمل لمشهد والنتيجة هي ان ظلت وزارة الثقافة ومجلس جادو ومجلس ريكسوس غير قادرين على فعل شيء مع ملاحظة ان الجميع يتصارعون على قنوات التلفزة والاذاعة. وعلينا ان نصدق ان كل هذه الاطراف تتصارع على فعل الخير وخدمة الشعب الليبي وقول الحقيقة اليس كذلك؟

وفي ظل هذه الفوضى وفي ظل الغاء وزارة الاعلام فأن المشهد سيظل باختصار كالتالي:

كيانات غير شرعية موجودة بطريقة او بأخرى.يقابلها سيطرة بالحيازة على القنوات المرئية والمسموعة من قبل تيارات ذات توجه إسلامي قطري.

والكارثة الكبرى هو هذا الكم الهائل من القنوات التي ظهرت بدون رخص وبدون أي معايير علمية وهنا نطرح سؤال بسيط هل يمكن ان يحدث ذلك في أي بلد غربي؟ هل يمكن لأي كان ان يؤسس قناة تلفزية ويبث ما يشاء او قناة مسموعة ويقول مايشاء؟ الجواب ببساطة لا لأن هناك معايير وقوانين وهيئات تضبط هذا الموضوع .

وسيظل مايجري بشأن الإعلام في ليبيا مجرد مشهد هزلي واغتصاب حقيقي لمؤسسات الدولة الاعلامية وسيظل كل كيان بما فيها مجلسي ريكسوس وجادو كيانات غير قانونية وغير شرعية واقل مايمكن وصفها به انها فوضى لان هناك معايير يجب ان تتوفر بحدها الأدنى على الاقل. ونجمل هذه المعايير فيما يلي:

اولا: ضرورة وجود قانون للإعلام يعرف ويحدد بصراحة لالبس فيه من هو الاعلامي(وهنا يجب ان نشير الى ان كل قوانين العالم تشترط تفرغ الاعلامي تماما لمهنته وان يكون العمل الاعلامي مصدر دخله الاساسي)

وهذا الشرط لم يتحقق في أي من الكيانات الموجودة لان مجلس جادو يترأسه استاذ من جامعة بنغازي يدرس بقسم الاعلام وهوبالتالي عضو في نقابة او اتحاد الاساتذة وليس عضوا في نقابة الاعلاميين ولا يمثل العمل الاعلامي مصدر دخله الاساسي بل التدريس.

ثانيا:لابد من تحديد العلاقة بين الاعلام والسلطتين التشريعية والتنفيذية وضمان عدم سيطرة قوى واحدة أي كان اتجاهها على الاعلام.

ثالثا:ضرورة ايجاد جهة او كيان مسئول عن مراجعة واصدار التراخيص للقنوات الاعلامية وهذا الكيان عادة يتكون من متخصصين وفنيين .

رابعا:ضرورة ايجاد صيغة مناسبة تمكن كل من اصحاب المهنة او الإعلاميين إضافة للقطاع الخاص وايضا اساتذة الجامعات في مجال الاعلام وكذلك اتحاد الكتاب والفنانين ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى ومن خلال القانون لترشيح مدراء القنوات وتكوين مجلس اعلى للإعلام وظيفته غالبا رقابية وحسب و تعيينهم من قبل البرلمان او الحكومة كي تتولى مسؤولية الاشراف والمتابعة للاعلام.

وهنا يجب ان نشير الى انه لايجوز ان يسيطر اصحاب المهنة وحدهم على الاعلام كما جرى التخطيط له في مجلسي ريكسوس وجادو فهذا إعلام الليبيين ويجب ان يضمن القانون مثلما هو في كل دول العالم ان يخضع الاعلام للدولة لانها تموله وتصرف عليه مثله مثل أي قطاع اخر لايجب لفئة معينة وتحت أي مسمى ان تحتكره او تسيطر عليه.

عليه فأنه من مهام المؤتمر الوطني والحكومة القادمة ان تبادر لعقد ملتقى يساهم فيه كل الإعلاميين اصحاب المهنة وكل المهتمين والمثقفين وأساتذة الجامعات بشكل خاص جدا . لبحث أفضل السبل لإدارة الاعلام الليبي واعداد تصور للقوانين المنظمة له وما يجب ان ينص عليه الدستور بهذا الشأن. اما الذين جاءوا في الليل وسيطروا على القنوات الليبية والذين نقلوا تجهيزات ومحتويات هذه القنوات من طرابلس لمدن اخرى وايضا الذين سموا لقاءات الزردة بأسم مجلس الإعلام واللجوء للتدليس فرارا من جحيم التدريس شكر الله سعيكم.

ضرورة تشكيل اتحاد الكتاب وضرورة الدعوة لملتقى حول الإعلام وحتى ذلك الحين يجب ان تعود وزارة الاعلام (هل تم الغاء وزارة الاعلام في تونس او مصر؟) كي تتولى ادارة وتنظيم هذه الفوضى وتوقف هذا التكالب الرهيب للسيطرة على القنوات الإعلامية وترسل شهادات تقدير لكل هؤلاء المحسنين الذين يتصارعون على كراسي الاعلام.

مقالات ذات علاقة

أوهام استيطانية … !!!

عطية الأوجلي

عن جائزة الروائي الراحل الكبير أحمد إبراهيم الفقيه

عبدالله الغزال

رَبَد

علي باني

اترك تعليق