فرج غيث
وضع الآثار في بلادنا مؤسف للغاية، يرجع السبب في ذلك إلى تلف منظومة الأخلاق لدي المواطن، خاصة سكان تلك المناطق الاثرية، الذين يعتدون على الآثار بالبحت العشوائي والجرف بالآلات الثقيلة بحثاً عن الكنوز لسرقتها وبيعها وخاصة الغير مسجلة.
كذلك التدهور الذي لحق بقطاع الأثار الليبية، وغياب الوعي والحرص والاهتمام لدي المسؤولين الليبيين بأهمية هذه الثروة التاريخية.
ذكر صديقنا الباحث الأركيولوجي الليبي الراحل دكتور فضل القوريني بأن سرقة الأثار في ليبيا ليست بحديثة العهد إذ يزيد عمرها عن 500 عام، مؤكدا وجود سوق سوداء داخل ليبيا للإتجار في هذا الإرث، ومبينا أن زبائن هذا السوق هم تجار من عدة دول يشترون الآثار الليبية من مواطنين ليبيين (غالبيتهم من سكان تلك المناطق التي تحتوي الأثار) بأثمان زهيدة ويبيعونها بمبالغ طائلة.
وأخبرنا صديقنا الباحث الأركيولوجي دكتور رمضان الشيباني رئيس قسم الشؤون الفنية في مراقبة الاثار طرابلس عن قصة جديدة لشخصية ليبية رائعة تحلت بمكارم الاخلاق والوطنية وأحبت بلادها وصانت موروثها.
هذه المرة من مدينة درنة الزاهرة، مدينة الورود والياسمين والزهر والحنة، مدينة الشعر والادب والمسرح، أرض الاصالة والحضارة والماضي المجيد، مدينة درنة (جنة الازهار).
صفحة اخرى من صفحات الشرف المهني والوطنية كتبت وتجسدت في حماية المقتنيات الاثرية المحفوظة بمخزن الاثار بمدينة درنة من العبث والسرقة والنهب والتدمير، وذلك من خلال ما قام به السيد المحترم مدير مكتب اثار مدينة درنة بنقل كل هذه المقتنيات الثمينة الي بيته، لحمايتها والخروج بها الي بر الامان، عندما اندلعت المواجهات المسلحة في المدينة.
وتم نقل كل المقتنيات الثمينة وتسليمها الى جهاز الامن بمدينة شحات الاثرية، والذي قام بدوره بتسليمها الي مصلحة الاثار الليبية، متمثلة في مراقبة اثار شحات، لجردها وحفظها في ظروف أمنة وجيدة.
تحية الي كل هؤلاء الشرفاء والي كل من كان له دور بحماية هذه المقتنيات الاثرية، وأخص بالذكر السيد مدير مكتب الاثار بدرنة على شجاعته وحرصه ووطنيته، هذا الرجل الذي عرض نفسه واسرته للخطر والمشاكل في سبيل حماية تاريخ الوطن، في الوقت الذي يتكالب فيه جل حكام الوطن وصناع قراره على نهبه وسلبه من ثرواته وخيراته. تحية لمن يصنعون الحياة وينشرون البسمة والأمل.