المقالة

الأخير..

.

خضت هنا تجربة جديدة في كتابة العمود لأول مرة، أو المقال الاسبوعي لتسعة أشهر كاملة، حينما تكاثرت عناوين صحف قصيرة العمر، انتشرت على طريقة “الطهقة” الطرابلسية، او “الرغاطة” الليبية، اعتمدت كلها على دعوة الزملاء للكتابة المجانية، أو العودة الى الأراشيف؛ هدف إعادة نشر ماسبق لنا قراءته وسماعه؛ ورقيا والكترونيا وماديا مرات ومرات، كما غابت الأسماء التي مللنا رؤية صورها ونقش حروفها دون قراءتها سنينا، وظهرت عوضا عنها أخرى جديدة قصيرة النفس، غير واضحة المعالم، في حين اكتفت بالفرجة من كانت تنتظر فرصة الكتابة بحرية.

للكاتب رسالة، وللمثقف الحقيقي دور وطني يستشعره، دون ان ينتظر الدعوة من أحد، او يستلم المقابل المادي، عليه ان يفكر بصوت عال، وان يترجم قلمه مايعتنقه عقله، يؤمن بوجود قارئ لايعرفه، ينتظر ويتابع مايكتبه، ويرسم له صورة يعلقها في مكان يليق به؛ وفقا لما يخطه من مبادئ حياته و رؤى أحلامه، ولأجل هذا القارئ المفترض، أعلن توقفي عن بناء يوثق لهموم المرحلة منذ إعلان التحرير حتى اليوم، لأحتفي بقدوم الشهر الكريم على الطريقة الليبية، تلك التي نسفتها معاناتنا العام الماضي، وعلمتنا معنى الصوم الحقيقي، الممزوج بالحاجة والخوف والترقب.

عما غصت به كتاباتي من ألم ودمع ووجع أعتذر لكم، فكما كنت أتوقف سابقا عن مواسم “ابحار” صيفي من “الشط” لقلم يحترف اصطياد تسميات مضحكة لمحلات وورش ودكاكين، و”شباك” تزخر بنماذج من الأمثلة الشعبية ذات الحكمة الساخرة، و”باغليات” تعض الغافل عما يدور حوله فينبهه، ثم ينثر رذاذ بحر نقده اللاذع؛ بمايرسم الابتسامات على الوجوه العابسة.

بسبب كل من عرفت من أبطال حقيقيين ومناضلين قبل تحرير طرابلس، لم يرشح واحدا منهم نفسه للانتخابات، أتوقف محتارة في اختياراتي، وأنا تتنازعني أسماء وصور المرشحين للمؤتمر الوطني في تقاطع الشوارع والطرق، وعلى جدران تخفي ما خطه عليها الثوار من الشعارات؛ بأخطاء املائية ورسومات ساخرة معبرة، تتزاحم في عيوني شخصيات وطنية، وأخرى بسيطة، وثالثة طالتها خربشات تصفها بالتسلق، بعضها تزاحم في الميادين أو تدلى من الجسور، وأكثرها تطاول على صور تفيض بالنقاء لأرواح شهداء يذكروننا بوصية ما، فما من أحد ينصت لوصية من الأحياء، فما بالك بالشهداء، يخفت صوتهم بينما يعلو الضجيج، يترأى لي وجه “أخي” الشهيد باسماً أمامي وحدي، أسفح دمعاً حاراً….. “دم الشهداء.. مايمشيش هباء…هباء …هباء”

مقالات ذات علاقة

الجنوب الأخضر

يوسف القويري

تحية طيبة وبعد ..

خيرية فتحي عبدالجليل

بمناسبة الهجرة.. هل عرفنا حقا من هو محمد؟

عبدالله الغزال

تعليق واحد

غيوم الصيف.... 10 يوليو, 2012 at 06:58

….شكراَ لك علي كل ما كتبتي من مقالات او قصص والتى كانت غالباً ما تحمل معاني وعبرمن بين السطور تجعل االقارئ يستمتع بما يقرأ ..ارجو ان لا يكون هذا المقال هو الاخير.. كل عام وانت بخير.

رد

اترك تعليق