أطفال ليبيا في ثلاثينيات القرن الماضي
المقالة

لا دوام لحال .. !!!

أطفال ليبيا في ثلاثينيات القرن الماضي
أطفال ليبيا في ثلاثينيات القرن الماضي

احمد الله على انني عشت جزء من حياتي في ليبيا … عندما كانت فقيرة وبسيطة وآمنة ومحدودة المعرفة والخبرة ..
احمد الله انني شاهدت بأم عيني صاحب الدكان وهو يترك متجره مفتوحا ويضع امامه عصاة مكنسة ليذهب الى الجامع او لقضاء امر ما .. ويعود ليجد متجره كما تركه .. واحيانا يجد ان جاره قد قام ببيع حاجة ما وترك له ثمنها في ” الشكماجة” .
.واحمد الله على انني عاصرت زمن يقول فيه التاجر لزبون له ..” لو سمحت تشري هالحاجة مش مني ولكن من دكان فلان لانه مازال ما استفتح ..” اي ما زال ما باع شيء” …
احمد الله انني شاهدت كيف اجتمع اصحاب المحلات ليجمعوا التبرعات من اجل صيانة عاجلة لمحل زميل لهم قد احترق اثناء ذهابه للحج .. ليعود فيجده كما تركه تماما.
احمد الله انني عشت في بيوت تفتح ابوابها عند الصباح ولا تغلقها الا بعد المغرب لا يسترها عن الشارع سوى “رواق” .. ستارة قماشية .. ولا يوجد حديد على النوافذ او الابواب ..
احمد الله .. على انني عشت زمن لم نكن نعرف فيه الرشوة مطلقا .. ولا الا عتداء على املاك الغير … وكان المرء يتحصل على جواز سفره او رخصة القيادة او التأشيرات بيسر وسهولة زمن كنا نحترم فيه النساء وكبار السن .. حتى اننا كصبية كنا نتوقف عن تكملة مباراة القدم حتى تعبر المرأة او الشيخ .. ثم نكملها. .. وكان إنتهار من أي كبير في السن كاف لنوقف نحن الصغارخصامنا وشجارنا.
هناك صور أخرى كثيرة لا مجال لذكرها الان .. ولكن مجرد عبور البعض منها للذاكرة يترك مذاقا حلو في خاطري وتقديرا في نفسي لتلك الايام …. ولكنني في نفس الوقت … أدرك انه لا وجود لمجتمع مثالي .. وان الخير والشر هما طبيعة انسانية ابدية وموجودان في كل زمن .. بل وداخل كل نفس بشرية .
وأعرف ايضا اننا نعيش ظروف قاسية وصعبة … ولكن هذه الظروف يجب ان لا تجعلنا نشوه انفسنا ونتنكر لتاريخنا ونتخيل ان ليبيا كانت كما هي الان او ستبقى هكذا للابد .. فلم نكن يوما ما مجتمع من الاوغاد واللصوص كما يعتقد البعض .
وأعرف بأنه على الانسان ان لا يأسى على ما فاته ..وان لا يفرح كثيرا بما أتاه … فتقلب الايام وتبدلها هو سنة من سنن الكون .. وأن التغيير هو الحقيقة الوحيدة الثابتة في هذه الحياة.

مقالات ذات علاقة

عبد الرحمن بدوي في بنغازي

عبدالرحمن شلقم

1- حين تكون .. الأنا .. نية سيئة

علي عبدالله

«بالتي هي أحسن»

فاطمة غندور

اترك تعليق