المقالة

مشكلتي مع حرف الخاء

حرف الحاء

بيني وبين حرف الخاء عداء قديم، ليس لأنه يأتي في بداية كلمة خريف، أو كلمة خوف، بل لأنه حرف خوَّاف خبيث خسيس مخادع يحب الاختباء والتخفي، ولا يخرج من خلوته إلا نادراً، حرف خامد خامل خانع لا يفضل المواجهة، حرف يتخندق خلف اللسان، ولهذا فأغلب لغات العالم تنبذه.
..

حرف لا يخرج من الشفتين كالباء والميم، ولا يخرج من الأسنان كالسين والصاد، ولا يخرج من شجرة اللسان كالشين والجيم والياء، بل يخرج من عمق الحلق حيث يلتقي مع رفيق السوء حرف الغين، الذي يمثل الغياب والغربة والغبن والغرور، وهذه الأخيرة هي أهم صفة تجمعه مع رفيقه حرف الخاء الذي يمثل الخيلاء.
..

حرفٌ خائبٌ له خشخشة وخرخشة وخربشة وخرخرة وشخير، وهو حرف الخنزير والخنفساء والخفاش، وهو حرف الخراب والخسف والخرْم والخرْق والخطف والخَرَف والخيبة والخطر والخسارة والخازوق، وبه سُمِّي الشيطان (خنزب)*. 
..

فرحت مرةً بوجود الخاء في كلمة مخدة، ثم ازدادت فرحتي حين علمتُ أنها سُميت كذلك لأنَّ الخد يُوضع عليها، لكن فرحتي لم تكتمل عندما علمتُ أن كلمة (خد) مشتقة من كلمة (أخدود)، وذلك لأن الدمع يجري فيها كما يجري الماء في الأُخدود!! 
..

قد يحلو لبعضكم الدفاع عن الخاء لمجيئه في كلمة (خلق)، لكن الخلق لم يكن إبداعاً لو لم يسبقه العدم، فلا يكون إنجازٌ أن تنتزع إنساناً من أمرٍ اعتيادي.. لكن الإنجاز الحق أن تنتزعه من الموت.
وقد يقول بعضكم لماذا سُمي الخروف خروفاً، والإجابة؛ هل تجد كائناً يختبئ خلف شعر أو وبر أو صوف مثل الخروف؟!
وإذا كنت تظن أنه اسم لذكر الضأن دون أنثاه، فأنت واهم، فالنعجة في لغة العرب تُسمى خروفة.
وقد يقول قائل: ولماذا سُمي أمير المؤمنين خليفة؟
والجواب: لأنه يخلف غيره، أي يأتي خلفه.
وقد يتفلسف أحدكم فيقول: وماذا عن الخمر؟
والجواب: أن مادة: (خ م ر) تدل على التغييب والإخفاء، ذلك لأن الخمر تُغيِّبُ العقل، ومنه سُمي (الخِمار) لأنه يُخفي الوجه، وخمر الطريق: أي الطريق المخفي بالأشجار ونحوها، قال الشاعر:
ألا يا زيد والضحاك سيرا .. فقد جاوزتما خَمَرَ الطريقِ
..

أما في اللهجة الليبية فهو حرف الخانب، والخنس، والخنزرة، والختل، والخت فت، وحرف الـ “أخخخيييييه”.
الرجاء عدم سؤالي عن وزارتي الداخلية والخارجية، لأن الموضوع لا علاقة له بالسياسة.
..

مع الاعتذار من جميع أصدقائي الذين يحملون أسماء: خالد وخديجة وخولة وخلود وخليل وخيري وخليفة وخميس… وغيرها، فأسماؤكم جميلة بكم.
_________________________

*(خِنْزَبٌ): الشيطان الذي يوسوس للمصلي في صلاته.. انظر صحيح مسلم، حديث رقم 2203.

مقالات ذات علاقة

سعيد المحروق ونقد العقل الكروي

سالم العوكلي

سؤال في تنازلات الفكر

المشرف العام

بحر العربية

سعاد الورفلي

اترك تعليق