شخصيات

ترجمة شيخنا الشيخ الحسين الفطماني

 .

محمد خليل الزروق

 .

هو الأستاذ الشيخ: الحسين امحمد مسعود الفطماني الورفلي، ولد في بني وليد سنة 1939. قرأ في بني وليد على الشيخ محمد الشكري إلى ربع القرآن الكريم، ثم على الشيخ محمد الأسود الفطماني إلى نصف القرآن.

انتقل إلى زاوية الشيخ عبد السلام الأسمر في زليتن سنة 1954، وكان المعلم فيها آنذاك الشيخ مختار جوان. ثم إلى زاوية الدوكالي في مسلاتة سنة 1957، وقرأ القرآن فيها على الشيخ منصور السنوسي السنداري، وكتب فيها أربعة أقلام من حفظه بعد الشقة الأولى وأختها. وكان الشيخ منصور يقربه ويقدمه للإمامة تسليمتين في صلاة التراويح، ويقدم غيره تسليمة واحدة. وفيها درس الآجرومية (كتاب في مبادئ النحو) وابن عاشر وحاشية الصفتي والرسالة وأقرب المسالك (كتب في الفقه المالكي) على الشيخ البصير بقلبه شعبان الفيتوري.

 

الشيخ: الحسين امحمد مسعود الفطماني الورفلي

وقد تقدمه في الدراسة بزاوية الدوكالي الشيخ إبراهيم الترهوني – وكان يُعرف هناك بالأحمدي، رحمه الله ! – وشيخنا الشيخ معتوق العماري – حفظه الله ! – واشتهرا بين الطلاب بجودة الحفظ، وإتقان الرسم. ولم يزل الشيخ الحسين يذكرهما بالخير، ويذكر سمعتهما في زاوية الدوكالي بين الطلاب والمشايخ بعد أن غادراها لتعليم القرآن في برقة.

انتقل إلى معهد القراءات بالبيضاء سنة 1960، ودرَس فيه ثلاث سنوات، ولم يكمل الرابعة. ثم انتقل إلى بنغازي سنة 1963، وعين إمامًا وخطيبًا ومعلمًا للقرآن بمسجد أنس بن مالك في شارع 14، المعروف بمسجد السعيطي سابقا، بجوار منزله الآن. وبقي إمامًا له حتى أصاب ركبتيه منذ بضع سنوات ما حمله على الصلاة من قعود. أسأل الله أن يعافيه !

ورشحه شيخنا الشيخ مصطفى قشقش للعمل في مدرسة زيد بن ثابت القرآنية والمعهد الديني منذ مجيئه إلى بنغازي، يوم كان الشيخ مصطفى مشرفًا على تعليم القرآن الكريم بالمنطقة الشرقية ومقيمًا في بنغازي، ثم رشحه لإدارتها، فبقي مديرًا لها مدة، واستمر في التعليم بها إلى إغلاق المعاهد الدينية والمدارس القرآنية سنة 1987.

* * *

هو أول شيخ تعلمت عليه القرآن الكريم، وذلك في مدرسة زيد بن ثابت القرآنية والمعهد الديني كما كانت تسمى، وكان القرآن الكريم منجَّمًا فيها على سنوات الابتدائي الست. كان يكتب لنا الثمن على السبورة، وننقله في كراساتنا، ويقرئنا الدرس قراءة جماعية، ويصحح الكراسات، ثم نعرض عليه بعد الحفظ.

كان له خط من أجمل ما ترى من الخطوط، يكتب القرآن بخط النسخ، ويحث على ذلك لوضوح خط النسخ وجماله وليونته ووقاره، ولكن كانت له خصوصية في كتابة خط النسخ بحيث من رأى خطه عرفه، يحلي العين، ويمد النون، ويبعج الكاف، ويدلي الراء، أو يجعلها كالسيف كراء الثلث، ويزين علامات الأثمان والأحزاب، ويضع الوقوف الهبطية في مواضعها، ويكتب أرقام ما يعرف بالتنزيلات الضابطة للمتشابه في اللفظ، والمتفق أو المنفرد في الرسم.

لا أنسى أول يوم في السنة الأولى الابتدائية – وذلك سنة 1975 – إذ كتب لنا على السبورة أول النظم المعروف بتحفة الأطفال للشيخ الجمزوري – وهو نظم في مبادئ أحكام التجويد – فبدأت أحفظه من ذلك اليوم، وفيه الأحكام النظرية، وفي نطق الشيخ وإرشاده وتصحيحه الأحكام العملية. له صوت رخيم، وطريقة في الترتيل تروق، وقد اشتهر بجودة أدائه، وحسن قراءته.

كان الشيخ الحسين حريصًا على اقتناء الكتب، قارئًا يحب المطالعة، يحفظ من المتون، ومن الضوابط العلمية المنظومة في القرآن والفقه والعربية، ومن الشعر.

وكان أنيقًا في لباسه، يتجمل، ويحرص على لبس الجرد، وكان منظَّمًا في كل شؤونه، ابتداءً من خطه الذي وصفت، شديدًا جادًّا في تعامله، حريصًا على الأوراق التي كتب فيها القرآن الكريم، حتى كان في أول كل سنة يسأل الطلاب عن كراسات العام الماضي، ويطلب منهم إحضارها إليه، خوفًا عليها من أن ينالها ما لا يليق بالقرآن الكريم.

عُرف الشيخ الحسين بصنع المعارق (ج معرقة، وهي أغطية الرأس البيضاء من القماش )، يجوِّد صناعتها، ويطلبها الناس منه من أماكن بعيدة.

أسأل الله أن يحفظه ويعافيه، وأن يجزيه عني وعن سائر طلابه خير ما جزى معلمًا للقرآن، ومبادئ العلم، ومربيًا على الدين، وفضائل الخلق !

زرته الليلة لآخذ له صورة، فهبته، ولم أفعل ! فإن وجدت عند بعض محبيه صورة ألحقتها بالمقالة، إن شاء الله.

25/10/2009

عن موقع المنارة

مقالات ذات علاقة

بوفلاقه.. رحلة مثل المعرى ودانتى

سالم الكبتي

التليسي.. أول «أمين» للأدباء والكتاب الليبيين

المشرف العام

كل يوم شخصية ليبية مشرقة (9)… الشيخ الطاهر أحمد الزاوي

حسين بن مادي

اترك تعليق