في أشعارها تنبض الأحلام، وتتشكل مشاهد رومانسية. ورغم قصر تجربتها الشعرية، إلا إنها رسمت لنفسها نصاً خاصاً يحتشد عاطفة، ويتشكل عذوبة ورقة.
سقيتك الحب عذباً من مناهله
لا أطلبن نظير الحب أثمانا
هذي المدامعُ فاضت ملؤها فشل
فالجهل مأكلنا والظلم سقيانا
عندما سمعت باسمها للمرة الأولى، واستفسرت عنها، علق أحد الأدباء، إنه لو أمد الله في عمرها، لكانت علامة مهمة في الشعر الليبي، خاصة بين الشاعرات الليبيات. وبراغم من قلة المصادر المتوفرة، لقراءة نصوصها، وعدم وجود مجموعة شعرية مطبوعة لها، فإن ما طالعته لها يكشف عن موهبة حقيقية، لشاعرة طواها النسيان، وهي التي تركت دنيانا الفانية في الـ31 من عمرها.
إني فطرت على هواك ومهجتي
لولا التسلط ما جفت إنسانا
إني أقاسمك الحياة مشيئتي
ما ضر لو نهل الحياة كلانا
إنها الشاعرة “صبرية الطاهر العويتي”، وهي شقيقة القاصة الراحلة “نادرة العويتي”. ولدت في دمشق في الـ24 من شهر ديسمبر للعام 1951، ودرست بها حتى نهاية المرحلة الابتدائية. حتى العودة لأرض الوطن ليبيا، لتكمل دراستها، وتحصل على دبلوم معهد المعلمات، من معهد طرابلس للمعلمات. أكملت دراستها، فتحصلت على ليسانس القانون، من جامعة قاريونس ببنغازي في العام 1978.
مارست مهنة التدريس بمدرسة (علي سيالة)، لتتركه للعمل كمستشارة قانونية بإدارة التخطيط العمراني ببلدية طرابلس.
بدأت الكتابة الأدبية مبكراً، واستمرت تثري تجربتها وتطورها، حتى لاقت الترحيب وبدأت النشر من خلال الصحف، فنشرت في الصحف المحلية؛ كالبيت والأسبوع الثقافي.
شعارنا يا حبيبي الحب تعرفه
وباعث الحب في القرآن أوصانا
أن نطرد الحقد أن تبني سواعدنا
داراً تظللها بالورد روحانا
إلى جانب الشعر، تميزت في كتابة المقالة، واهتمت بالكتابة حول المرأة، من خلال واقعها، دورها، ونظرة المجتمع إليها، فكتبت تحت عنوان (المرأة ونظرات المتطفلين) فتبدأ المقال بقولها: (رغم الثورة التي يشعر بها الإنسان أحيانا تجاه قيود القوانين التي تكبله في كل جانب من جوانب حياته إلا انه لا يجد مناصا من قبولها والتشبث ببقائها وحمد الله على وجودها عندما يتضح له إن بقاءه رهن بقائها وراحته ارتبطت بميلادها ونهايته لا تأتى إلا بانتهائها). ثم تتبع: (هل المرأة تمارس حقوقها وواجباتها في المجتمع كما أرادها القانون وكما نضمها وافترضها؟.
فنحن نعلم إن القانون دائما يفرض ما يجب أن يكون وليس ما هو كائن. ولكننا لا نجد المرأة تسير إلا في طريق ما هو كائن بل وتغوص في وضعية القانون- إنما أعني وضعية واقعية تلك هي الجو الاجتماعي المشبع بزفرات العادات والتقاليد والعرف البالي ومشيئة الرجل). حتى تصل لقولها: (فلا أعتقد أن هناك قانونا يستطيع أن يحميها من نظرات المتطفلين تأكلها حين يضطرها الشعور بالعطش إلى الوقوف أمام بائع عصير. أو حين تقف لشراء بطاقة حضور حفلة عامة أو دخول مقهى أو دار عرض).
واليوم هي الذكرى الـ33 لوفاتها التي كانت بطرابلس في 26 أكتوبر من العام 1983. بعد صراع مرير مع المرض (السرطان) الذي لم يمهلها كثيرً، لتنطفئ شمعتها وهي في أوج العطاء.
ولقد جمع الدكتور “عبدالله مليطان” نتاج الشاعرة الأدبي، من مقالة وشعر، وأعده للنشر في كتاب تحت عنوان (المرأة ونظرات المتطفلين)، والذي احتوى على: 17 مقالة، و5 قصائد شعرية.
________
نشر بموقع إيوان ليبيا