لا يمكن أن تخوض في سيرة ومسار الثقافة والإعلام في ليبيا، دون أن تتوقف عند تجربته في هذين المجالين، عرفته في سبعينيات القرن الماضي، أحد فرسان القصة القصيرة، التي عشقتها وهمت بها، قبل أن أخوض تجاربي معها، وأصدر مجموعتيّ القصصيتين «العابر» و«كان هذا هو الموجز»، قرأت له وقتها، «أحزان اليوم الواحد» 1972، و«أقوال شاهد عيان» 1976، قبل أن تليهما مجموعته «كحل العين» كنت أرى قصصه تفصيلا جميلا ضمن لوحة فسيفساء الأدب الليبي، المكتملة بوجود كتاب ورواد القصة القصيرة من أبناء جيل الستينيات والسبعينيات، مثل أحمد ابراهيم الفقيه، ويوسف الشريف، وكامل المقهور، وابراهيم الكوني، بشير الهاشمي وغيرهم، ممن أزهروا بإنتاجهم تلك الحقبة، التي سجلت ازدهارا ملفتا للقصة الليبية، إن جازت التسمية، تميّزت قصصه بالواقعية، وبالتعمق في تفاصيل المشهد المحلي، المشبع بروح مدينته بنغازي ممثلة بالأمكنة والشخوص، إنه يرصد، ويلتقط نماذجه، ويصورها بقلمه بدقة، حتى ليخال إليك أنه كان يصور الواقع تصويرا إشعاعيا يكشف عن الخفايا التي لا تصل إليها عدسة التصوير الظاهري المألوف، كل ذلك بأسلوب سردي لا يشوبه التعقيد، ولا التكلف أو التزيد، ثم تعرفت إليه بداية الثمانينيات شخصيا لتتأسس بيننا صداقة أعتز بها، وزاد من عمقها تعاملي معه في مجال المهنة، عندما كان رئيسا لتحرير مجلة «الموقف العربي» في مقرها بالعاصمة القبرصية نيقوسيا، وكنت أنداك أعمل مراسلا لوكالة الأنباء الليبية في دمشق، فأتاح لي فرصة أن أكون مراسلا لها، وكاتبا ضمن كتابها العرب، وأتاح لي أكثر إبراز مراسلاتي، من مواضيع وحوارات صحفية، لتتصدر كثير المرات غلاف المجلة، جمعتنا مرّة دمشق، ومرّات كنت أزوره في قبرص، فيستقبلني بحفاوته المعهودة، وهناك تعرفت شخصيا بالدبلوماسي والكاتب المثقف، الأستاذ عبدالوهاب الزنتاني، وجمعتنا جلسات من الود، وعندما عدت إلى ليبيا استمرت علاقتي بالمجلة، وغطيت خلالها أبرز الأحداث المحليّة، وتابعت عن كثب وقائع ما عرف بـ«العشرية السوداء» في الجزائر، والإعلان عن ولادة اتحاد المغرب العربي، بزيرالدا، ومتابعات شملت عديد القضايا.. كتب الأستاذ محمد الشويهدي في جل المطبوعات الصحفية الليبية، بدءا بمساهماته الأولى في جريدة «الحقيقة» وانتهاء بمجلة «الموقف العربي».. وتولى عديد المؤسسات الإعلامية والثقافية الليبية، منها المؤسسة العامة للصحافة، والدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، ودار الكتب الوطنية ، ورأس تحرير مجلات الشورى والثقافة العربية، والموقف العربي، وجريدة الجهاد، وعمل في الحقل الدبلوماسي سفيرا في براغ، وتولى منصب أمين اللجنة الشعبية العامة للإعلام (وزير الإعلام)، وفي بداية السبعينيات، ترأس قسم الفنون و الآداب في بنغازي، وكان المسرح الوطني أنداك يدار بالتناوب، من قبله، وكل من الأساتذة، عبدالسلام قادربوه، وسالم فيتور، وحسن بن دردف في وجود الفنان المسرحي الراحل، المخرج الممثل سيد راضي، .إلى ذلك كتب أيضا نصوصا غنائية، أطربنا بها فنانون كبار، بينهم الراحل، علي الشعالية..
دمت بخير أيها العزيز، ومنحك الله مزيد الصحة، وطول العمر، والمقدرة على العطاء والإبداع.