المقالة

العنوان: سرطاناتنا الحميدة

ليست كل السرطانات قاتلة ، فاصحاب الإختصاص يقسمونها إلى سرطانات حميدة وأخرى خبيثة.

النوع الحميد يستطيع الإنسان التعايش معه لفترة طويلة جدا ، بل إن الإنسان قد لايشعر بأي وجود له ويكتشف وجوده بالمصادفة في حال قيامه بفحوص طبية عامة.

الطبيب الماهر عادة ما ينصح المريض المصاب بسرطان من النوع الحميد بالاستمرار في التعايش مع سرطانه الوديع ، أما الطبيب المبتدئ الذي لا خبرة له وتستهويه أدواته الحادة المشحودة جيدا فانه يسرع بذلك المريض اإلى غرفة عملياته ، وما أن تقتحم أدواته المشحودة عرين ذلك السرطان الحميد حتى تثور ثائرته ويتحول إلى سرطان أخبث من الخبيث ينتشر في غضون ايام قليلة في كل أنحاء الجسم ولا يتركه إلا جثة هامدة.

سرطانات هذه الأوطان التي تعددت أسمائها من صدام إلى الزين إلى القذافي إلى المبارك وحتى الصالح عبدالله كلها كانت سرطانات حميدة وربما علينا أن نعترف الان أننا كنا أطباء مبتدئين وغير مهرة لأننا نصحنا بالتدخل العاجل والفوري لإستئصالها بالحديد والنار .

الأمر أكثر تعقيدا من مجرد الإعتراف بعدم مهارتنا، فالخطأ في تشخيص المرض لم يكن مرده عدم براعتنا وكوننا مبتدئين بل كان مرده هو طبيعة تلك الأجساد الحاملة لتلك السرطانات التي شخصناها بأنها من النوع الخبيث ، فأي طبيب ومهما كانت مهارته وبراعته لايمكن له إلا أن يشخص تلك السرطانات على أنها خبيثة بل اخبث الخبيث بحيث أنه سينطلق من فكرة أن الطبيعة الفطريه للجسد هي العافية والصحة ، وهنا كان مكمن الخطأ.

فطبيعة الجسد العربي كانت خارجة عن قوانين الفطرة التي فطرت الطبيعة المخلوقات عليها ، ففطرتها التي فطرت عليها هي الإعتلال والمرض مما يجعل أي سرطان ومهما كانت درجة خبثه يبدو حميدا قياسا اإلى طبيعة تلك الأجساد المعتلة التي تملأها الدمامل والتقرحات والتفسخات وها نحن نرى تلك الأجساد المعتلة كيف تخرج أقبح ما فيها من علل وأوبئة لها أعراض وستكون لها نتائج اكثر كارثيه مما يمكن أن يحدثه أي سرطان ومهما كانت درجة خبثه ، ويبدو أننا نكتشف اليوم أن تلك الأجساد التي إستوطنتها تلك السرطانات هي أخبت من الخبث نفسه .

فالى الجحيم غير مأسوف لا عليكم ولا على سرطاناتكم ،فأنتم أنفسكم سرطانات خبيثة تعشش في جسد هذا العالم المعافى ، ولعل قراركم بإجتتاثكم أنفسكم وإستئصالها من الوجود هو أفضل قرار تتخدونه فإنقراضكم وفنائكم عن بكرة أبيكم وأمكم أيضا سيمنح جسد هذا الكون المعافى عافية وصحة أكثر .

فالى الجحيم فالعالم بدونكم ولاشك سيكون مكان أفضل لعيش الإنسان.

مقالات ذات علاقة

الكلب والسيارة

عمر أبوالقاسم الككلي

من كاراكلا إلى بالبو.. في المواطنة وإرادة العيش المشترك

المشرف العام

شقائق الروح (*)

عمر أبوالقاسم الككلي

اترك تعليق