يعاني الإعلام في ليبيا أزمة واضحة في ظل عدم الاستقرار، واليوم ظهر جيل من شباب الإعلاميين المتحمس والتواق إلى رسم خريطة إعلامية بعيدة عن الممارسات الخاطئة التي واجهها إعلاميو ما قبل ثورة 17 فبراير.
تقول مراسلة قناة العاصمة نادين الشريف: “قبل الثورة لم يكن هناك ما يمكن تسميته بالإعلام الليبي، لأنه كان مسيّس لخدمة معمر القذافي فقط، بدليل وجود برامج قبل الثورة تنتقد بعض المسؤولين ولكنّها لم تكن تقترب من الحديث عن مساوئ القدافي”.
وأضافت: “الإعلام الجديد في بدايته لم يكن يخدم أجندة ما، بل كان يسير وفق أسس وقواعد الوطنية وحب الوطن حتى أننا توقعنا الكثير، وما دفعني للمواصلة والاستمرار والمحاولة في العمل الإعلامي، هو أنني أرى أن هناك من يحتاجون حقًا لأصواتنا، فرغم الأجندات التي تخدم بعض القنوات، إلا أن العمل الإنساني وتسليط الضوء على بعض الفئات لا يزال يلقى اهتمامًا”.
صعوبات
وعن الصعوبات التي تواجهها تابعت: “هناك صعوبات كثيرة أواجهها في عملي وأجدها تقف عائقًا في طريق تقدمي؛ إذ يرى البعض أن كوني أنثى يجعلني ضعيفة في أمور شتى ولكنّني أجد أن جزء من قوتي وإصراري وإحساسي فيما أفعل يقف ورائه كوني أنثى”.
وأردفت قائلة: “الإعلام الجديد إذا حاول الاستفادة من طاقات الوطنيين وأصحاب المواهب القوية سوف يساهم في تغيير فكرة المجتمع عن الإعلام، لكن إذا استمر يخدم آراء وأجندات شخصيات معينة، أو بقي من دون تطوير فسوف يكون مهددًا بالانقراض”.
ويوافقها الرأي المذيع في قناة BBN صلاح نجم قائلاً: “المقارنة بين إعلام قبل فبراير وبعده لا يمكن أن تكون منصفة… الإعلام بعد الثورة حر بكل ما تحملة الكلمة من معنى، لكن المشكلة هي الفوضى وعدم التنظيم والانضباط، ومؤكد مع الأيام ومع تطبيق القوانين سيكون أفضل حالاً، لكن على العموم فالإعلام تغير بشكل جذري وشاهدنا كوادر ومواهب وشباب جديد يقدم أشياء مميزة ورائعة والقادم بكل تأكيد أفضل”.
وعن الصعوبات يقول نجم: “تتمثل في سطوة أصحاب المال خاصة على القنوات والصحف ويحاولون قدر الإمكان استغلال الإعلاميّين بأقل قدر من المال”.
مشروع ليبيا الغد
تضيف رئيسة تحرير مجلة “لنا” ريم البركي: ” قبل 17 فبراير لم يسبق لي متابعة القنوات التلفزيونية ولا الصحف والجرائد، وحتى بعد مبادرة سيف القذافي التي عُرفت بمشروع (ليبيا الغد) ومبادرته الإعلامية لم أتابع نشاطات مؤسسة ليبيا الغد في شتى مجالاتها ليقيني المسبق بأن هذا المشروع الإعلامي جاء نظير تسوية سياسية بين نظام القذافي وبعض الأطراف السياسية وليس قناعة من النظام بحرية الإعلام والصحافة، بناءً عليه لا يحق لي الحكم على الإعلام قبل الثورة حتى وأني علي ثقة بعدم وجود إعلام في الأصل”.
وأضافت البركي حول الإعلام ما بعد الثورة قائلة: “أنا علي قناعة تامة بأن حرية الرأي هي المكتسب الوحيد لحقبة ما بعد القذافي حتى أن يثبت العكس، وعلي الرغم من عدم متابعتي للقنوات الليبية الجديدة، إلا أني علي ثقة في أن الثورة أنجبت مواهب إعلامية لها مستقبل إقليمي ودولي لامع بالرغم من تسيس الإعلام بطريقة مثيرة للجدل واستخدامه كسلاح هدم لا سلاح بناء، لكن هذا يظل منحصرًا فقط في رؤوس الأموال”.
وأردفت البركي: “السبب الذي يدفعني للاستمرار في مهنة المتاعب هو عشقي للحقيقة وتوعيه الناس والضغط لإصلاح سياسة الدولة من خلال انتهاج الحقيقة والتوعية منهجًا للعمل، أما بالنسبة لأهم الصعوبات التي تواجهني في العمل، فأعتقد أنها لا تختلف كثيرًا عن الصعوبات التي تواجه باقي الشباب، والتي تنحصر في نقص الإمكانيات والتهديدات التي تأتينا من كل هابة ودابة”.
وتقول مقدمة البرامج في تلفزيون بنغازي bbn فاطمة المريمي: “الجيل القديم في الإعلام هو من كسر طموحاتنا كنساء في العمل الإعلامي… أواجه صعوبات من كل النواحي ليست المهنية فحسب بل كذلك تقبل المجتمع والعائلة لهذا المجال وآفاقه لأن الإعلام لا يقف عند مستوى محدد، لابد من أن نطور من أنفسنا، لكن الإعلاميات يواجهن الآن مشكلة السفر… وأعتقد أن ثقافة المجتمع مازالت محدودة لكي تتأقلم مع هذا الوسط”.
إعلام موجه
يقول مراسل موقع “أجواء لبلاد” الإخباري أسامة بورزيزة: “الإعلام قبل الثورة كان إعلامًا موجهًا وفي يد جهة واحدة هي النظام ومن دار في فلكه… إعلام ما بعد الثورة شهد طفرة بل ثورة، فصدرت مئات الصحف وافتتحت كثير من القنوات التلفزيونية، ولكن للأسف هذا الإعلام لم يكن إيجابيًا بالنسبة للمواطن البسيط، بل انعكس سلبًا عليه وأصبح إعلامًا موجهًا ومحرضًا إلا ما ندر، وأصبح سلاح الخصوم السياسيّين فيما بينهم”.
وأضاف بورزيزة: “فالإعلام بدلاً من أن يكون صوت المواطن أصبح المحرض ضده وسبب في شتات ذهنه وتقاذفه حسبما تريد تلك القنوات أو غيرها… الإعلام رسالة سامية يجب أن ترتقي لتكون صوت المواطن ووسيلة ضغط على المسؤول لتصحيح الخطأ والنقد إن وجب”.
أما عن الصعوبات فيقول بورزيزة: “حدث ولا حرج، أعاني تهرب المسؤولين أحيانًا وغيابهم في توضيح وتصحيح المعلومة، كذلك المشاكل مع المواطن البسيط وذي الثقافة المحدودة وخاصة في استطلاعات الرأي، فالمشاكل عديدة وحاولت أن أوجزها”.
ومن جهة أخرى يقول مراسل قناة “ليبيا لكل الأحرار” عوض البرغثي: “الآن هناك حرية مطلقة في تناول الخبر وﻻ يوجد قيود… ﻻ أواجه أي صعوبة من خلال عملي كمراسل وأرى الإعلام الجديد أكثر نضجًا ومهنية واحترافية وأكثر شبابًا”.
وتقول مقدمة البرامج في قناة “ليبيا الرياضية” إيناس الفيتوري: “إعلام ما قبل الثورة ليس بإعلام لأنه لم تكن هناك حرية رأي ولا نستطيع أن نتكلم ولا نعطي أى وجهة نظر، كل الإعلام ينتمي للقذافي، بالمختصر ليس إعلامًا حرًا، أما إعلام الثورة وما بعده فيوجد إعلام وحرية رأي وتستطيع أن تُدلي برأيك رغم المصاعب والعواقب التي نمر بها لدافع الاستمرارية هو توصيل رسالة واقعه للناس… حبي للإعلام هو سبب الثاني لكي استمر في الإعلام… نحتاج فقط للمصداقية ويجب أن نبتعد عن الفتن والشائعات والتحيز لجهة أو حزب أو تيار معين”.