متابعات

حوارية عن المتفوقين في ليبيا ومشروع المستقبل

الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان

ندوة حوارية بعنوان (المتفوقون في ليبيا ومشروع المستقبل)

انطلاقا من الدور الذي يلعبه العلم والعلماء في النهوض بالمجتمع والدولة، ومدى انعكاسه على الوعي الجمعي لصناعة ملامح واضحة للغد، نُظمت ببيت محمود بي ندوة حوارية قدمتها الإعلامية الشابة “منتهى مفتاح حجازي” بعنوان (المتفوقون في ليبيا ومشروع المستقبل)، وذلك في إطار المناشط الثقافية لفعاليات ليالي المدينة الموسم الصيفي لعام 2023 بالمدينة القديمة طرابلس مساء يوم الإثنين 21 من أغسطس الجاري، بمشاركة الدكتور “عبد القادر يوسف اللموشي” رئيس مجلس إدارة الجمعية الوطنية للمتفوقين والمواهب حيث استهل مداخلته بالإشارة إلى وادي عبقر الكائن بشبه الجزيرة العربية الذي يمتاز برجع لنداء الصوت وغير ظاهرة ليست مألوف في بقية الوديان الأخرى، وقديما شاع اعتقاد بأن هذا الوادي مسكون بالجنون والعفاريت، وأردف أن كل مَن يأتي بعمل ومنجز غير مألوف يرتبط بوادي عبقر فينسبون الكثير من الظواهر والملكات الإبداعية إلى عملية المس واللبس في هذا الوادي، وأضاف الدكتور اللموشي أنه خلال أوائل القرن العشرين برز عالم فرنسي اسمه “ألفريد بينيه”، ويعود له الفضل في اختراع أول اختبار ذكاء بغية تحديد الطلبة ممن بحاجة لمساعدة خاصة في مناهجهم التعليمية ثم انتقل بعدها إلى جامعة ستانفورد الأمريكية وأدخلوا عليه مجموعة من التعديلات ليُسمى اختبار ستانفورد بينيه.

الذكاءات المتعددة
كما أوضح الدكتور اللموشي بأن عام 1932م بدأ قياس عمليات ظواهر الذكاء والتفوق لكن ظل اختبار بينيه مقتصرا على قياس الذكاء المنطقي، إلى أن جاء العالم “هاورد جارنر” في آواخر القرن المنصرم فتحدث أن هذا الذكاء ونظريته القائمة تعجز عن تفسير جميع الذكاءات الإبداعية في أكثر من مجال ليضع جارنر نظريته المعنونة بالذكاءات المتعددة فهنالك ذكاء منطقي، وذكاء لغوي، وذكاء حركي، وبيّن الدكتور اللموشي أن للتفوق عدة تعريفات أبرزها التعريف العام القائم على تفوق فئة من الناس على الآخرين وهي نظرية عنصرية نوعا ما بُنيت عليها نظريات التمييز العنصري وفقا للدين والعرق والجنس وما نحوها، وتابع أنه يوجد مركز علمي متخصص في بريطانيا يبحث ويدرس الفروقات بين البشر تبعا للأرض على قاعدة معدلات الذكاء المتوفرة لديهم، وأكد الدكتور اللموشي أن ما يعنينا اليوم يتمثل في تفوق شريحة معينة من الناس على أقرانهم ويشتركون في ذات المرحلة الظرفية والبيئية، مضيفا بالقول : إن الموهبة تعتمد بشكل كبير على الاستعدادات الفطرية كونها موروثة ما يفتح المجال لتنميتها وصقلها بالتدريب والدراسة، أما التفوق فهو غالبا الحصول على قدرة واضحة على أداء أو إنجاز مهام محددة وأنشطة مطلوبة بطريقة تفوق الآخرين.

الاستثمار في المتفوقين
بينما شارك “محمد السعيد الحضيري” كأحد المتفوقين الليبيين بمداخلة، وفي معرض إجابته عن سؤال حول الاستثمار في المتفوقين أكد بدوره أن الفائدة كبيرة جدا في مسألة الاستثمار في المتفوقين داخل المجتمع باعتباره يعني استثمارا على المدى البعيد ولدينا عدة أمثلة فأغلب المؤسسات في العالم اليوم تشتد المنافسة بينها، والمؤسسات بكل أشكالها في جميعع القطاعات الصناعية مثل الطاقة، والتعليم، والجامعات العالمية طبيعة تنافسها يرتكز على استقطاب المتفوقين، مشيرا بالقول إلى أهمية وجدوى الاستثمار في المتفوقين وبعض الدول تستثمر في المتفوقين في مجال الرياضة ولاعبي كرة القدم بهدف نمو وإزدهار هذا المجال لدى هذه الدول، مؤكدا بأن عائدات الاستثمار في المتفوقين عالية جدا، موضحا أن العائدات تنقسم لشقين شق مالي يدعم المجتمع بالكامل، والشق الآخر استراتيجي يهتم بتطوير الأجيال المقبلة، ولفت الحضيري إلى أن التجربة الليبية بواسطة أشخاص محددين يملكون القناعة التامة بضرورة دعم المتفوقين مضيفا أنه ينبغي على المؤسسات المحلية والدولية الالتفات لدعم المتفوقين.

الشركات المعرفية

من جهته عاد الدكتور اللموشي ليؤكد أن حوالي عشر شركات رأسمالية عالمية من بينهم شركة نفطية واحدة وهي (أرامكو) أما التسعة الأخريات فهي شركات معرفية صرفة، ورأس مال كل شركة يعادل ميزانيات الدول المنتجة والمصدرة للنفط كأبل وغوغل ونكتشف اليوم أن الشركات القائمة على التطبيق الإلكتروني على أجهزة الهواتف يدر عليها في الكثير من المكاسب المادية، مضيفا بالقول : إن شريحة المتفوقين في الدول المتقدمة هم من يصعنون القيمة المضافة لاقتصادات تلكم الدول، والفوائد الاجتماعية متعددة كترسيخ القيم والارتقاء بالذوق والمساعدة في تطوير المجتمعات هي مخرجات الإنتاج الأدبي والفني.

التجربة الليبية في رعاية المتفوقين
وحسب الدكتور اللموشي يرى بأن الموروث التراثي للمجتمع يُعد عاملا هاما في الحفاظ على جزء من توازن المجتمع، وبالتالي يُمكن البناء عليه في النهضة المأمولة، وفي سياق متصل يعتقد الدكتور اللموشي أن التجربة الليبية في عملية الاستثمار في المتوفقين كبيرة وتاريخية واستشهد بفكرة إنشاء مدرسة الفنون والصنائع قبل 120 عام التي كان تركيزها ينصب في احتواء الموهوبين وصقل قدراتهم الخاصة تبعا للحرف والمهن واليدوية المتوفرة أوان ذاك الزمن، وعقب الاستقلال عام 1951م انتهجت الدولة الليبية جملة من برامج ابتعاث المتفوقين في الثانويات العامة والجامعات لدول عربية وأجنبية، وأوضح الدكتور اللموشي بأن هذا التوجه مد أجهزة الدولة الليبية ببعض الخبرات المحلية التي حلت محل الإدارة البريطانية، من جانب آخر بيّن الدكتور اللموشي بأن مرحلة اكتشاف ورعاية المتفوقين دور يبدأ من المؤسسات التعليمية في مراحل التعليم المبكر، وفي آن الوقت حينما يكون هنالك برامج توعوية للأسر وعلى الأسرة مسؤولية كبيرة في اكتشاف المواهب والمتفوقين فإذا لم يتم اكتشاف المواهب خلال الخمس سنوات الأولى من عمر الطفل غالبا تضمحل وحظوظها تضيع، وعزى الدكتور اللموشي المشاكل والصعوبات التي تواجه المتفوقين إلى عدم وجود استراتيجية وطنية لرعاية الموهوبين والمتفوقين كي يتسنى تأطير الرعاية وضمان الحد المهم من الدعم لهذه الفئة بما يكفل استمرارها.

مقالات ذات علاقة

بيت اسكندر يحتفل بعيد الفطر المبارك

مهند سليمان

المركز الليبي للدراسات الثقافية وتأصيل الذاكرة الثقافية

مهند سليمان

المكتبة البارونية تحت مجهر مركز المحفوظات

مهند سليمان

اترك تعليق