1
عشّية ربيع.. “الشمس الكبيرة” تُشيع الدفء.. وتزرع الظِلال.. حصيرة مزخرفة مطروحة على العشب.. تبرز من تحت حوافها أزهار الربيان والأقحوان.. سقيطة كبش معلقة في شجرة الخروب.. النار مشتعلة.. لهبها يصعد عمودياً.. فوقها شوّاية.. كانت سريراً تقاعد من الخدمة.. يبدو أنّ النار قدَر من أقدار السرير.. حمد يجلس فوق كرسي يتوسط المعازيم.. يهمّ بالوقوف.. يحلف له أحدهم بألّا يتحرك من مكانه:
ـــ معقولة يا حاج حمد.. تعزمنا على كبش وتشوي؟! من يشوي يا جماعة؟
تتعالى الأصوات:
ـــ جبرين.. جبرين.. جبرين…
يقهقه جبرين.. يملؤه الزهو:
ـــ حاضر.. لكن ناخذ نطع الكبش.
يحك الحاج حمد خلف أذنه:
ـــ امممممم.. تبرعت به للجامع.
ـــ تقبل الله إن شاء الله.
ـــ الله يكثّر من أمثالك.
فيما كان الجلوس يتحلقون حول كرسي الحاج.. يقهقهون ويتبادلون النكات الداعرة.. وجبرين منشغل بالشواء.. يظهر كلب من خلف الخروبة.. يحمل رأس الكبش.. يمر بجانبهم.. يتجه ناحية الغابة.
يكثر الهمس في طرف الحصير.. والوشوشة:
ـــ هذا راس كبش جبرين اللي راح أمس.
ـــ فعلاً.. عليه وسم جبرين.
ـــ اسكت.. بلاش نكد.. تفسّد علينا القعدة.. اعتبره عند الذيب.
جبرين يوزع الشواء وهو يفحّ بسبب لذعة السرير.. في تلك اللحظة يعوى ذئب في طرف الغابة.
(2023)