مرفت البربري | مصر
في قصة لا تكاد تكمل صفحة، عشنا مع الكاتب داخل عالمين، هما عالم حقيقي ، لذلك الطفل الذي أعجب بفتاة لثغاء في حرف الثاء، والتي نهر والدها هذا الطفل ليبتعد عنها ويتركها، وعالم نظنه أيضا واقعيا حيث قام شاب بترتيب البيت للقاء سيضمه
بفتاته، أثناء القراءة نعتقد أن هذا الذي يرتب البيت هو هذا الشابا ليلتقي بفتاته التي يحبها على هذه المقاعد ، ويتناولان المشروبات من تلك الثلاجة التي جعلها قريبة من الباب ،ربما ليسهل عليه جلب المشروبات دون تأخر عليها، ويتحرك بنا الكاتب بين جنبات هذا البيت, فنرى المزهرية المزدانة بالورود، وستارة النافذة والطاولة ، كما خدعنا الكاتب وجعل رأسنا تدور للحظة ، عندما وجدنا بطل قصته يرصف الأشجار أمام البيت،، لن ندرك كيف فعلها إلا في نهاية القصة عندما فاجأنا بعالمه المتخيل لذلك الطفل الذي يرتب ألعابه ، في انتظار صديقته اللثغاء، وقد شتت هذا الترتيب عندما قام ليلبي نداء والدته، فتعثر بالألعاب، ولكنه لم يحزن، فهي ستأتي وسترتبه معه كأحسن ما يكون.
نجح الكاتب في بناء عالمين مختلفين داخل القصة القصيرة عالم متخيل للطفل الذي يلعب ويرتب للقاء صديقته التي تنطق السين ثاء، و عالم نفس الطفل الحقيقي وهو بين الماضي في توبيخ والدها والحاضر في نداء الأم الذي جعله يتعثر بألعابه فكشف لنا عن عالمه المتخيل.
كان هذا المزج بين العالمين مربكا ربكة إبداعية ، جعلت القارئ يشحذ تركيزه ليفهم هل القصة لطفل يلعب فيرتب الأشجار أم لشاب ينتظر لقاء فتاته التي أهدته ما يزين به حوض السمك .
فتجيء لحظة التنوير عند نداء الأم فيذهب ترتيب البيت سُدا ، ولكن تترتب في ذهن القارئ الأزمنة فيدرك ما هو الواقع وما هو المتخيل ويزول الالتباس.
في حيلته المخاتلة ، تكلم الكاتب عن فارس وجومانة كأنهما شابين فقال على لسان فارس
( تلك الفتاة ) والتي لا تعبر عن طفلة ، فربما لأن فارس يحب جومانة حب شاب لفتاة بالغة يتمنى أن يضمهما بيت وإن كان من لُعب، فلم يصفها بطفلة ، وربما وهو الأرجح أن الكاتب يلعب بالألفاظ ليزيد من حيرة القارئ ولا يخبره منذ البداية أنها قصة طفلين.
يظهر لنا الكاتب في قصته كيف أن عالم الأطفال متداخلا مع عالم الكبار، فالطفل لا يرى نفسه طفلا، بل يرى نفسه شابا أحب فتاة وسوف يرتبان معا بيتا يعيشان فيه كزوجين كأحسن ترتيبا من هذا الذي كان يرتبه صغيرا وبعثره أثناء تلبية نداء الأم.
تعمدت ألا ألجأ إلى تأويل النص فهو على بساطة الفكرة ، رائع وعميق الامتاع.