مروة آدم حسن
لأن جدتي كانت حطّابة
انحنى ظهري
وأنا أُحتطِبُ حظّي للرياح
هدج عقلي من الاختمار
وهو ينتظر نضج هذا القلب
التنّورُ مُلتهبٌ في صدري
لكنّ قلبي
لا ينضج من الحُبّ أبدا…
أنا ابنةُ الجبلِ
علّمتني جدّتي
كيف أنحني للريح
فيما كانت تُعلمُني أُمّي
كيف أصفعُ العاصفةَ بخدّي
لستُ شامخة في مشيتي
كانت فكرةُ الشموخِ في رأسي
فيما كنت أبحثُ في الأرض
عن فكرةِ الثبات
عن موطئ كبير
لقدمي الصغير
ورِثتُ عن أبي
فكرة رسوخِ الجبلِ
فيما كان يُعلّمُني جدّي
كيف أزحفُ بجذوري لأصلَ للقِممِ
أنا جبلٌ قصير
وقف العابرون على رأسي
أطلقتُ طولهم للعنانِ
فيما كانوا هم
يُصعّرون رقابهم عنّي
علّمني أجدادي
أنّ مثابت الأرضِ في تواضُعي
فيما كان والديّ
يسنُدانِ ظهري
لأرفعَ السماءَ بغروري
أنا ابنةُ الجبلِ الكبيرِ
الذي كان يُقابل الناسَ
بوجهٍ واحد
يحملهم في ألف قلبٍ
ويُفجّر صدرهُ لهُم
بألف عينٍ وعين
أنا ابنةُ الجبلِ
اغتسلتُ بالعذبِ
وشرِبتُ ككُلّ بناتِ هذا البلدِ
من المالح
تُشعُّ من عينيّ
جريمةُ نحلاتِ الجبلِ
مواعيدُهُنّ على أغصانِ البطّوم
ومعارِكُهنّ على أشواكِ السّدرِ
قُبُلاتُهنّ على ثمارِ “الشّماري”
قِصصٌ مكتوبةٌ على شفتي
أنا لا أقولُ شيئا
لكنّ شمسَ الجبلِ
التي تُشرقُ من عينيّ
تفضحُ كُلّ شيء
أنا ابنةُ الجبلِ
مخزونُ البلادِ من العسلِ
في عينيّ
وماؤها العذبُ في رحِمي
سيّئاتُ السّاسة
يحرِثُها الليلُ على شعري
وتبذرُها أيدي النهارِ
أوشاما على جسدي
أنا ابنةُ الجبلِ
على ارتقائي
وخطواتي الصغيرة
تشهد أيادي “العرعر” المنكسرة
وعلى دحرجتي السريعة
عثراتي وخيباتي
تشهد هذه الأشواك على جسدي
ويشهد أيضا
طينُ الأرضِ ومالحُ البحرِ
أنا ابنةُ الجبلِ
لعنةُ الانحناءِ على ظهري
وأفكارُ الشموخِ في رأسي
براكين الغضبِ في قلبي
على احتراقي يشهدُ
هذا الفحمُ في الأسواقِ
وتشهد أيضا
تلك الطفلةُ
في تنانير عجائزِ الجبلِ
….
أنا..أنا.. أنا ابنةُ الجبلِ