متابعات

افتتاح معرض (غرق) للتشكيلية مروة التومي

الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان

معرض (غرق) للتشكيلية “مروة التومي”

احتضنت أروقة بيت اسكندر للثقافة والفنون بطرابلس مساء يوم السبت 21 من شهر مايو الجاري افتتاح المعرض الشخصي الأول للفنانة التشكيلية الصاعدة “مروة التومي” بعنوان (غرق)الذي تمتد أيامه حتى نهاية الأسبوع، وذلك وسط حضور لافت من المثقفين والفنانين والمهتمين بالفن التشكيلي في ليبيا، وقد تضمن المعرض حوالي تسعة عشر عمل تشكيلي تغطى على جُلها اللون الأزرق في إشارة تستدعي خصوصية البحر وإتصال الغرق كمعنى مناقض للنجاة، رغم أن الغرق يأخذ في بعض اللوحات أبعادا تشي بحتمية النجاة، وحملت اللوحات المعروضة عناوين فضفاضة مثل (عميق) بمزج ناري للأحمر وهي لوحة توحي بما بعد الغرق وما تُحدِثه تساؤلات ما قبل السُبات، ولوحة (احتضار)سكون أبدي يحلم بإعادة رقصته كما في اللوحة الأخرى المعنونة بـ(رقص).


أحلام اللوحات
إن العملية الإبداعية لدى الفنانة “مروة التومي” لا تنطلق من واقع الرصد الموضوعي للعالم بقدر ما تشحذ تجليات أغوار النفس البشرية حيث تتراكم الأشياء باحثة عن صوت لغوي يُنقذها من لُجّة هذا الغرق، فحين نتوقف عند لوحة (تماسك) نرى ملامح محاولة الألوان لبناء جسر متين يُنهي خطوات التعب، إذن مبضع التشريح لا يكاد يغيب عن وعي الفنانة في سياقها الفني إنها لا تنسى ولا ترغب في أن تتجاهل كونها جاءت من عالم الطب وبالتالي الإنسان في لوحة التومي يحضر ولكن في صورة ظل يُلملم جُثته التي مزّقتها مشارط الأطباء، حتى أولئك الجموع اللذين احتشدوا في لوحة (بلا عنوان) تضاءل حجمهم في لوحة (حلم)، وإلى جانب اللوحات ضم المعرض مجموعة من الأعمال النحتية لتأصيل الغرق كفكرة يُهذبها سؤال ما.

سيادة الأزرق
وفي هذا الصدد توجّهنا بسؤال الفنانة “مروة التومي” عن فكرة معرضها وممن استوحتها تقول : هي جملة من حالات متداخلة يدافعها واقع التجربة مع الذات والحياة بدهشة تفاصيلها ومحنة أوجاعها مررت بها فحاولت قدر إمكاني بلورتها في إطار فكرة معرض، وتضيف قائلا : إن الغرق يُعد بالنسبة للكثيرين عنوانا صادما بعض الشيء لكن في مقابل ذلك الأزرق كلون مغرٍ يسترعي الإنتباه وهو يحمل منزلة شديدة الخصوصية في نفسي وفي حياتي ككل لاسيما ظروفي المهنية كطبيبة جرّاحة، لذا أنا محاطة بالأزرق وعلاقتنا كبشر بهذا اللون حميمية فنحن نعيش ما بين أزرقين فحالما يشرئب المرء منا للأعلى تُلوّن زُرقة السماء يمّ عينيه وعلى الأرض إنعكاس شفيف للأزرق على صفحة البحر والمحيطات مما يجعلنا متورطين بالأزرق تقريبا فلا نستطيع تجاهل وجوده بيننا، وتتابع رغم سيادة الأزرق على تجربة معرضي الأول إلا أنني حاولت كسر هذا القالب بتعددية لونية متنوعة.

الغرق طوق نجاة
وأوضحت : وددت إيصال رسالة مفادها أنّ الأزرق لا يعني دائما السقوط في الماء وأنا مَدينة للأزرق لأنه كان لي طوق نجاة أنقذني من شرط الغرق ومهما خضنا من تجارب غرق في حياتنا يظل الرهان على إستثمار واقع الغرق للنجو به، وتشير التومي من جانب آخر إلى أن هذا المعرض يلامسها بصورة دافئة، وتضيف إنني كامرأة تتعاطى أدوات الفن أسعى لرسم حياة تُشبهني أو تلك التي أتطلع إليها.

كما تلفت التومي: إن فترة إعدادي للمعرض لم تستغرق وقت طويل لكن لطالما راودتني منذ عام 2015م مشروع إقامة معرض وهو هدف كنت أطمح إليه، وربما ما أخرّ ذلك هو شعوري بعدم اكتمال أو نضوج الأفكار ثابتة لديّ وأخذت أفكار هذا المعرض تتدرّج في ذهني حتى بلغت مرحلة أشعرتني بقدرتي على أن الوقت قد حان لإطلاق معرضي الأول، واختتمت حديثها بسعادتها بمدى الأصداء التي لامستها من زوار المعرض وإقبالهم الذي فاجأها حول لوحاتها وإنطباعاتهم المُشجِّعة.

مقالات ذات علاقة

محاضرة عن الثقافة الدستورية بين المفهوم والتطبيق

مهند سليمان

الثقافة والقراءة في عصر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي

عزيز باكوش (المغرب)

تاريخ فزان في ضوء الذاكرة الوطنية

مهنّد سليمان

اترك تعليق