حوارات

سمية الطرابلسي : في الشعر أجد ذاتي الحقيقية

حاورها / مهنّد سليمان

الشاعرة “سمية الطرابلسي” أثناء توقيعها لباكورة أعمالها الشعرية (بنت أغسطس)

حينما يكتب الشاعر قصيدة ما فهو يُؤنسن كل ما تطاله حروفه وبذا يتمكن من مواجهة العالم بنبض صدقه وحرارة جوارحه، فإنما الشعر وُلِدَ لنُبصر الكون كله على حقيقته الجميلة وواقعه المزعج، لعله تناص غريب يصارع خضامه الشاعر ما بين حُمى السطور، وسمية الطرابلسي شاعرة تفتّحت زهورها عبر ديوانها الأول (بنت أغسطس) فأخذت تغرس بمعول قريحتها طِيب الكلِم ونهارٍ مُجلل بالأمنيات لن لا تريد له أن ينتهي…سمية الطرابلسي قلم يكتب الشعر المقفى في سن مبكرة من عمرها علاوة على ذلك فهي تكتب قصيدة التفعيلة والشعر الحر، وقعت مؤخرا باكورة أعمالها الشعرية بعنوان (بنت أغسطس) في حفل احتضنه منتدى بشير السعداوي الثقافي وحضره لفيف متنوع من الشعراء والكتاب ومتذوقي الأدب والشعر، تحمل مؤهلا في مجال الحاسوب ولديها عدة مشاركات في أمسيات وملتقيات ثقافية كان آخرها تظاهرة رواق المغاربة في يوليو المنصرم تُجهِّز لديوان جديد تحت الطبع، وهذا الحوار كان سانحة طيبة للاقتراب من نبض تجربتها.

تكتبين الشعر منذ نعومة أظفارك، لماذا الشعر تحديدا ؟
يقال أن فلان ولد وفي فمه ملعقة ذهب، هذا مثل شعبي يعني أنه ولد( أمير )وسمية الطرابلسي ولدت وفي يدها قلم .. أي بمعنى أني قبل الالتحاق بالمدرسة أي في سن الرابعة والخامسة أمسكت بالقلم ولكن ليس للكتابة إنما للرسم وإكتشفت العائلة موهبة الرسم المتقن منذ البداية إنها هبة من الله ولكن مع مرور الزمن و تحديدا في المرحلة الابتدائية نمت الموهبة وتطورت بل إنها فتحت لي آفاق أخرى فكنت أشارك في النشاط المدرسي في كل عام وفي الاجازات ألتحق بخلوات تعليم القرآن الكريم ومن هنا لاحظت معلمة اللغة العربية قدرتي على القراءة وإتقان نطق مخارج الحروف في النصوص الأدبية، وكانت دائما تخبرني أن قراءاتي للنصوص ممتازة من حيث الإلقاء ومنها خطر ببالي أن أشارك في كتابة كلمة الصباح وكنت أكتب بمجهودي الذاتي وألاحظ إعجاب المعلمات والتلاميذ فكنت أقرأ الكلمة صباحا كل يوم وكانت تجربة جميلة، وبعد ذلك استمرت مشاركاتي في كل النشاطات المدرسية، وكنت أشارك بحب، فقد أحببت الفنون بأنواعها وتستطيع القول أن مواهبي كانت متعددة ولاقت تشجيع من قبل الجميع ، حتى التحقت بالمدرسة الثانوية وشاركت في حفل نهاية العام الدراسي في سنة أولى ثانوي بنص شعر عمودي ومن ثم تفرغت للدراسة حتى التحقت بالمعهد العالي، وكنت أكتب نصوصي وأحفظها في الأدراج لأنني صرفت وقتي كله للدراسة حتى عام 2008م، حين شاركت في مهرجان الشباب المغاربي، لأشارك بنص شعر عمودي ومن ثم راقتني قصيدة التفعيلة والشعر الحر وكانت لي محاولات آنذاك، ومن هنا استمرت مسيرتي مع الكتابة وكأنها ضالتي التي كنت أبحث عنها .

اندفاعك نحو كتابة الشعر هل يساعدك على تفسير شيفرة ذاتك في المرآة ؟
إندفاعي نحو كتابة الشعر يشبه إندفاعي لمشاهدة المرآة، ففي كلاهما أجد ذاتي الحقيقية.

غلاف ديوان (بنت أغسطس) الصادر عن دار إمكان للنشر والتوزيع

هل تبحثين عن هُويتك في التأرجح بين العمودي والتفعيلة والشعر الحر ؟

ميولي للكتابة العمودية مستمر لكوني أجد نفسي في القصيدة العمودية وأحبها لأن القصيدة العمودية في نظري هي أساس الشعر ومن امتلكها فقد امتلك ناصية الشعر الفصيح ككل فأنا أعتبر نفسي تلميذة الذبياني وجرير والمتنبي وعنترة ابن شداد ونازك الملائكة وتماضر، وأكتب قصيدة التفعيلة والنثر لأني لا أحب الجمود والنمطية والتكرار والوقوف في نقطة معينة في زمن معين، فأنا أعشق التجديد والحداثة تماما كعشقي للأصالة والتراث.


ماهي المرحلة التي تمثلها نصوص ديوانك الأول ؟
يتناول ديوان (بنت أغسطس ) موضوعات هادفة ورؤية سليمة نقية وهذا من باب العودة بالشعر الأصيل الرفيع حفاظا على الأمانة وانشاءً للأدب الجيد، أما تحديد مرحلة نصوصه فهذا متروك للنقاد، ويسعدني أن تكون هناك دراسة نقدية حقيقية له .

إلى أي نحو يسكنك ما يمكن تسميته بالانفجار الذي يجعلك تمارسين فعل الكتابة ؟

نعم الانفجار الذي يجعلني أكتب ملازما لي إلى حد يدفعني أحيانا للخروج عن المألوف حيث أرغب في السكوت المفاجئ أو الانسحاب اللامبرر أو الانطواء لمدة بعيدا عن المجتمع، هذا ما أستطيع أن أسميه الانفجار عند هطول غيث من الرؤى عند غياب الذهن عن عالم الواقع إلى ما وراء الطبيعة، الشعر غن لم يكن جمال فإنه ليس شعرا الشاعر إن لم يكن ملما بكل الأنماط الشعرية فهو ليس شاعرا، الحداثة إن لم تكن ذات مرجعية فلا تعني شيئا، التراث إن لم يواكبه التطور والتجديد فلن يخلق الإبداع، المبدع إن لم يكن قادرا على تقديم مادة تخدم كل فئات المجتمع فلا يمكن أن يصنع التوسع في دائرة قرائه وجذب انتباه المجتمع للغة واللنص العربي الأصيل، الصنعة الشعرية إن لم ترفدها الموهبة والبيئة المناسبة فستضمحل وتضعف أدواتها.

مقالات ذات علاقة

الدكتور أحمد رشراش: ربيع الكورونا ليست روايتي الأولى

المشرف العام

الروائية الليبية عائشة إبراهيم:في تصوري أنه ليس هناك مشروع روائي يتحقق بمعزل عن التاريخ

خلود الفلاح

فتحي بن عيسى: أحاول إيجاد حلقة وصل بين الكتاب الليبي وقارئ العربية في كل أصقاع العالم.

المشرف العام

اترك تعليق