ليليا كارلوس
كيف للظلمة أن تستبيح المدائن رغم استغاثات المصابيح، بنوافذ تصغي أنين الجدران على مر الأيام، و الأرصفة في شوارع المدينة تغمر الظلال المنهكة، بخطوات مترنحة ترتمي الكوابيس بأحضان النوم، قديمًا في الصغر كنا نظن أنه بحلول الظلام يخرس كل شيء وأن كل هذا العالم يغرق في نوم هادئ حتى الضوء حسبناه يأوي إلى فراشه فينام كعصفور صغير، أو كشمس استحالت مدفئة، اليوم صرنا نعرف أن الأنين يصحو ليلا وأن الحنين جلاد يحمل سوطاً وأن العالم يثمل ليخيط جراحاته خلسة في الشوارع المظلمة، وأن شقوق الجدران ملت صمتها وأن الأرصفة تود لو تبتلع المسافات، وأن النوافذ استحالت قضباناً، وأن السماء تهدهد النجوم وتغني للأماني كي لا تنطفئ، إلى أن تشيب جدائل الظلام بخيوط الفجر، نظل نتنفس الليل نتجرعه ولا نكاد نستسيغه.