عائدة الكبتي
الحلقة الأولى
اسمحوا لي يا أبنائي وأصدقائي أن أشرع في سرد حلقات تُلقي الضوء على سير رائدات وسيدات فضليات قدمن الكثير لليبيا منهن من تشرفت بمعرفتهن شخصيًا ومنهن من لم أتعرف عليهن نظرًا إما لمكان إقامة كل منهن أو لظروف عدم معاصرتهن ومغادرتهن لدنيانا، ولكن ذكراهن العطرة وتاريخهن المشرف وتميزهن وصل إليّ وإلى أسماع الجميع لذلك ولتلك الأسباب جميعها يشرفني بل يسعدني أن أتحدث عنهن وبكل فخر إلى أبنائي من هذا الجيل الذي لم يشهد تلك الفترة ولم يسمع بالبعض منهن،هؤلاء السيدات أيقونات العصر الماضي وسنديانات العصر السيدات الفضليات اللواتي تحدين العادات والتقاليد البالية وقدمن للوطن خدمات جليلة وبرزن في مختلف الساحات وعملن بجهد وإخلاص وتفانٍ وأثبتن أن النساء أمهات وأخوات الرجال، فنحن الأمهات صناع الرجال ويجب أن ندرك أن الحضارة هي اأام والأنثى هي الرفيقة، فعلموا أبناءكم أننا بشر وأننا رمز للإنسانية والمحبة ولجميع تلك الأسباب، أحببت أن أسجل في صفحتي تاريخ بعض هؤلاء النساء المشرف، ليعلم الجيل الحاضر بأن هناك أجيال سبقت وقدمت التضحيات وكافحت للوصول بليبيا إلى شاطئ الأمان، كذلك لا يجب أن ننسى فضلهن علينا وتعبيد الطريق أمام غيرهن للتعلم والمعرفة.
وهذه المحاولة البسيطة مني لأجمع أكبر عدد منهن مع نبذة مختصرة عن كل واحدة، لرد بعض الجميل لهن، وقد ساعدني في جمع المعلومات هذه الإبن “خالد القرقوري” أدمن صفحة (صور من ليبيا) مشكورًا مع الإبنه سلوى الجوهري والسيدة نادية عبد الحميد بك درنة والسيدة سلوى صفي الدين السنوسي والسيدة فتحية مازق والسيدة أمينة بن عامر، اللواتي ساهمن في جمع الصور والمعلومات الخاصة بهؤلاء الرائدات ذوات التاريخ المشرف وإحقاقًا للحق ذكرت الأسماء حتى أعطي لكل ذي حق حقه ولا أنكر فضلهن علي في التعاون معي وما أنا إلا جامعة لهذه المادة لأقدمها على صفحتي ولأصدقائي وأبنائي، وستتوالى المقالات والتعريفات إن أعطاني الله عمرًا لذلك.
السيدة حميدة العنيزي:-
هي حميدة محمد طرخان (1892، 1982) رائدة الحركة النسائية في ليبيا وهي أول معلمة ليبية للتعليم الإبتدائي في مدينة بنغازي وأول مديرة ليبية لمدرسة بنات في عهد الإدارة البريطانية، ومؤسسة عدد من الجمعيات الإجتماعية النسائية في البلاد، ولدت حميدة محمد طرخان عام 1892م في مدينة بنغازي ودرست في تركيا لمدة 5 سنوات وتحصلت على دبلوم المعهد العالي في التدريس، كما كانت تجيد اللغتين الفرنسية والتركية وعرفت بإسم حميدى العنيزي نسبة إلى زوجها عبد الجليل العنيزي الذي تزوجت منه عام 1920م عقب عودتها من تركيا وإثر عودتها إفتتحت في منزل العائلة في منطقة سوق الحوت وسط مدينة بنغازي فصلاً لتعليم البنات مبادئ القراءة والكتابة إضافة لحفظ القرآن الكريم وتعليم فنون التطريز والحياكة،كما ساهمت في تأسيس النواة الأولى للتمريض وأول حركة للمرشدات عام 1960م إضافة إلى أول معهد للمعلمات وفصلين دراسيين لمحو الأمية كما أسست أيضًا جمعية النهضة النسائية الخيرية عام 1954م وساهمت في تأسيس جمعية الكفيف الليبي، وكانت عضوًا بارزًا في هيئتها ومجلسها التأسيسي وعرف عنها كفاحها المرير لإقناع أولياء الأمور بغية دفعهم لإدخال بناتهم للمدارس وتكملة تعليمهن الثانوي والجامعي، إبّان فترة كانت فيها بعض التقاليد الإجتماعية تصادر حق الفتاة في الخروج لطلب العلم والإختلاط، وكانت أول امرأة تتحصل علي أرفع وسام من الملك الراحل إدريس السنوسي تكريمًا لدورها في المجتمع.
وإلى حلقة أخرى يتجدد فيها لقاءنا مع سنديانة جديدة من سنديانات ليبيا القديرات حتى ذلك الحين أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.