لَقَدِ اسْتَرَحْتِ ..
يَا ابْنَةَ العُرْبِ
المَيَامِينِ الأَشَاوِسْ
مِنْ مُعَانَاةِ السِّنِينْ
نِمْتِ فَنَامَتْ مُهْجَةٌ
بَيْنَ حَنَايَاكِ دَفِينَهْ
لَمْ تَذْرِفِي دَمْعَ الطُّفُولَةِ
فِي أَزِقَّتِنَا الحَزِينَهْ
بَكَتِ الأَرَامِلُ وَالعَذَارَى وَالإِمَاءْ
حُزْنـاً لِمَوْتِكِ يَا رَجَاءْ
نُودِيتِ لَبَّيْتِ النِّدَاءْ
وَدُونَ ذَنْبٍ أَوْ خَطِيئَهْ
لَمْ تَأْثَمِي
لَمْ تَرْتَجِي خُبْزاً ..
مُسَجَّىً بِالدَّمِ
تَتَسَاءَلِينَ لِمَ المَجِيءُ ..
إِلَى الحَيَاةْ
وَهَلْ أَتِيتُ لِكَيْ أَمُوتْ
قُولُوا لأُمِّي كَفْكِفِي
عَنْكِ الدُّمُوعْ
فَقَدِ اسْتَرَحْتُ مِنَ العَنَاءْ
وَلاَ أُرِيدُ مِنَ العُرُوبَةِ
غَيْرَ شِبْرٍ أَوْ ذِرَاعْ
آوِي إِلَى أَحْضَانِهِ
خَوْفَ التَّيَتُّمِ وَالضَّيَاعْ
وَحَفْنَتِينِ مِنَ التُّرَابْ
أَبَتِي الحَبِيبْ
وَأَنْتِ يَا أُمِّي الحَبِيبَهْ
أَخَوَيَّ مَا جَدْوَى البَقَاءْ
وَطَنِي الَّذِي أَحْبَبْتُهُ
سَيُذِيقُنِي كَأْسَ الشَّقَاءْ
فَلَوْ بَقِيتُ فَسَوْفَ أَسْمَعُ
قَبْلَ إِسْدَالِ الزَّوَالْ
صَوْتَ الرَّصَاصِ
وَهْوَ يَحْصُدُ ..
فِي المَيَادِينِ الرِّجَالْ
وَخَرِيرَ أَنْهَارِ الدِّمَاءْ
يَنْثَالُ كَالطُّوفَانِ ..
يَجْرِفُ لِلَّظَى جُلَّ البُيُوتْ
أَطْفَالُ يَعْرُبَ يَسْتَغِيثُونَ
اللِئَامَ بِدُونِ قُوتْ
وَالأُمَّهَاتْ !!!
جَفَّتْ يَنَابِيعُ المَحَبَّةِ
لَمْ يَظَلَّ سِوَى المَغِيرْ
يَصْرُخْنَ مُعْتَصِمـاً
بِلاَ جَدْوَى
فَمَا لَبَّى النِّدَاءْ
قَدْ شَدَّ أَشْنَاسُ
مَعَ الفَجْرِ وَثَاقَهْ
وَلَسَوْفَ يَبْنِي مَا تَحَطَّمَ
أَمْسِ إِبَّانَ غَزَاتِهْ
وَالأُمَّهَاتْ !!!
وَقَدْ نَعَاهُنَّ النَّعِيبْ
شُقَّتْ حَنَاجِرُهُنَّ تَصْرُخُ
وَالخَلِيفَةُ لاَ يُجِيبْ
وَفِي صَحَارِى يَعْرُبٍ
لَمْ تُبْصِرِ الزَّرْقَاءُ
عَنْ قُرْبٍ وَلَمْ تَسْمَعْ
سِوَى الصَّمْتِ المُرِيبْ
نَامَ الرِّجَالُ وَهُنَّ يَسْهَرْنَ ..
انْتِظَاراً لِلرِّجَالْ
صَارَتْ فَلِسْطِينُ القَرِيبَةُ
مِنْ حَنَايَانَا .. بَعِيدَهْ
بُهْتَانُهُمْ مِنْ بَعْدِ غَزَّةَ
فِي الخَلِيلِ تَفَيَّـؤُوهْ
وَرَمَوْا كُؤُوسَ خُمُورِهِمْ
فَوْقَ الجَلِيلْ
(مِنْ كُلِّ حَدْبٍ يَنْسِلُونْ)
أُمَمٌ وَهَيْئَاتٌ (وَفِيتُو)
يَتَسَاءَلُ الأَطْفَالُ
يَا آبَاءَنَا مَاذَا جَنَيْتُمْ
أَوْدَعْتُمُونَا بَذْرَةً
مِنْ دُونِ مَاءْ !!!
أَلاَ انْتَهَيْتُمْ
يَا لَيْتَهُ العُقْمُ الَّذِي
مِنْهُ نَفَرْتُمْ يَلْتَقِيكُمْ
إِنِّي سَأَرْحَلُ ..
عَنْ رُبَى وَطَنِي الحَبِيبْ
فَارْفَعُوا عَنِّي أَكُفَّكَمُ الأَثِيمَهْ
وَلَسَوْفَ أَغْفُو فِي ثَرَاهْ
مِنْ قَبْلِ أَنْ تُجْتَثَّ ..
مِنْ جَسَدِي المَشِيمَهْ
مَاتَتْ رَجَاءْ
وَمَاتَ مَا تَرْجُو الجُمُوعْ
وَدُمُوعُنَا انْهَمَرَتْ لِتَبْكِيهَا
وَمَا جَدْوَى البُكَاءَ
يَا أَنْتِ يَا أَحْلَى صَغِيرَهْ
يَا قَطْرَةً مِنْ دَمِ أُخْتِي
لِمَ ارْتَحَلْتِ بِلاَ وَدَاعٍ
يَا غَرِيرَهْ ؟
لَمْ تَمْكُثِي فَوْقَ ثَرَانَا
غَيْرَ سَاعَاتٍ قَصِيرَهْ
مُتِّ فَمَاتَ رَجَاؤُنَا
إِذْ مُتِّ يَا أَبْهَى رَجَاءْ
يَا دَمْعَةً حَرَّى تَلاَشَى
مِنْ مَآقِينَا الضِّيَاءْ
وَضَمَّكِ القَبْرُ الكَئِيبْ
أَفَلاَ يَضُمُّ الخَانِعِينَ
السَّاجِدِينَ بِلاَ إِلَهْ !!
العَازِفِينَ عَنِ الحَيَاهْ !!
المُسْدِلِينَ عَلَى مَآقِيهِمْ سِتَارا !!
عَنْهُمْ رَحَلْتِ
وَنَحْنُ ضَمَّخَنَا الشَّنَارْ
الكَأْسُ مُتْرَعَةٌ سُقِينَاهَا
فَأَثْمَلَنَا صَدَاهَا
أَنْتِ اسْتَرَحْتِ ..
وَنَحْنُ بَعْدُ
سَنَحْتَسِيهَا لِلثَّمَالَهْ
مَكَثَ الجَمِيعُ سِوَاكِ أَنْتِ
فَأَنْتِ قَرَّرْتِ الرَّحِيلْ
وَحَزَمْتِ بِالحُزْنِ الحَقَائِبْ
دَمْعـاً ذَرَفْنَاهُ سَخِيّـاً
مِنْ مَآقِينَا العِجَافْ
أَوَتَتْرُكِينَا لِلضَّيَاعِ وَتَذْهَبِينْ !!
وَلاَ يَزَالُ هُنَاكَ
فِي سَهْلِ الأَنِينْ
أَتْرَابُكِ ..
رَغْمَ الأَسَى
بِبَقَائِهِمْ مُتَشَبِّثِينْ
شُقَّتْ حَنَاجِرُهُمْ
وَهُمْ يَسْتَصْرِخُونَ الغَابِرِينْ
مُعْتَصِمَاهُ قُمْ أَغِثْنَا
آهِ وَا مُعْتَصِمَـاهْ
قَدْ شَدَّ أَشْنَاسُ
مَعَ الفَجْرِ وَثَاقَهْ
وَرَاحَتَا إِيتَاخِ وَالأَفْشِينِ
أَسْدَلَتَا رِوَاقَهْ
وَبَابُكُ الخَرَمِيُّ دَاسَتْ
خَيْلُهُ كُلَّ الدِّيَارْ
مَنَعُوا جَمِيعُهُمُ الرَّبِيعَ
غَدَاةَ حَلُّوا الازْدِهَارَ
ظَلَّوْا وَظَلَّتْ مُزْدَكِيَّتُهُ
عَلَى مَضَضٍ شِعَارا
وَأَتَى الحَمَامُ حَامِلاً
نَبَأَ الهَزِيمَهْ
فَارْفَعُوا عَنِّي
أَكُفَّكُمُ الأَثِيمَهْ
إِنِّي سَأرْحَلُ عَنْكُمُ
وَبِلاَ وَدَاعٍ أَوْ دُمُوعْ
إِلَى ظَلاَمٍ دَامِسٍ
فِي القَبْرِ مِنْ غَيْرِ شُمُوعْ
وَسَوْفَ أَرْجُو ..
أَنْ أَكُونَ مَعَ السِّنِينْ
مِسْكـاً بِأَرْضِكُمُ يَضُوعُ
بِالمَحَبَّةِ وَالحَنِينْ
بنغازي 1/1/1996م