سلحفاة الوقت الهرمة التي لا تمشي فور غياب الكهرباء فينام الوقت وتتمدد ثواني ودقائق الساعة كأنها الدهر، وخاصة مع ليل الشتاء الطويل، فالشمس تهرب سريعا لمستقرها اتقاء البرد، وتسمح لرداء الليل الطويل أن يرخي سدوله على كل شيء، حتى ثغاء الخراف يختفي فور غياب الشمس، وكذا نباح الكلاب في المزارع القريبة. كل شيء ينكمش باحثاً عن الدفء وشيء من الضوء، يزيد الأمر إظلاما غياب القمر، كونها في آخر ايامها كأنها عرجون قديم معقوف، تأتي متأخرة، وبالكاد تعطي قليلا من الضوء.
أحضر قليلا من الحطب لإشعال النار بالسياج، يطرد قليلا من الظلمة ويشع بعض النور، وربما لكى تتزحزح قليلا سلحفاة الوقت الهرمة بشيء من تحريض الضوء والدفء، أضع الجمر بالمنقل وادخل الى المنزل، أحاول قطع عددا من ساعات الليل لكى اشعل مولد الكهرباء الذى بدوره يحتاج الى وقود وهو الشحيح ايضا هذه الايام، ولكن لابد لكى نتغلب على الضجر ويتم شحن الأجهزة من هواتف ولابتوب وتاب حتى نقطع بها ما تبقى من الليل، وشيء من نهار اليوم التالي.
أقسم الوقت بين قراءة الكتب الورقية مع الاستمتاع بدفء الشمس، والبعض الآخر للكتب الإلكترونية، وهكذا دواليك في محاولة لكى أحث سلحفاة الوقت الهرمة على المسير.
ما أن يدور المولد حتى تركبها كل شياطين الجري لتركض سارقة الساعات الأربع كأنها لم تكن.
سريعا أقوم بجولة على القنوات لمعرفة ماذا جرى في هذا العالم الشاسع، وهل من أخبار حول عودة الضوء؟ هل فك الحصار عن صمام الغاز؟ وهل أطلق سراح المخطوفين؟ وماذا عن لقاءات الاخوة الاعداء في عواصم العالم؟ وماذا تفعل دولة بها أكثر من 5 رؤوس؟ هل يمكن ان تسير الا الى الوراء؟
عموما اطفئ المولد، ويكون قد ذهب أكثر الليل، ولكن عقارب الوقت تأبى التزحزح لكى تفسح لضوء الفجر ان يسفر. اسخن الماء ونضعها فى قنينة المشروبات الغازية واضعها جانبي واشغل جهاز الهاتف كي اقتل ما تبقى من وقت شح فيه الماء بغياب الكهرباء.
والسلحفاة إياها!! لازلت كسولة تتمطى ولكنها تراوح مكانها تأبى المسير، الأيام لم يعد عددها يفيد في شيء. وأخيرا عادت الكهرباء، وعادت الاتصالات، وعادت الامور للركض سيرتها الاولى من جديد. ولله الامر من قبل ومن بعد.
وللموضوع ربما بقية.. دمتم بأمن وسلام…